الزعيم!
دوَّى صوتُ الانفجار رهيبًا عاليًا … واشتعلَت النيران في المكان، وبدَا الجحيم قد فتَح أبوابه في كلِّ اتجاه.
وفي الحال تفتحَت الأبواب والنوافذ القريبة، وأطلَّت وجوهٌ مذعورة منها وهي لا تزال تغالب نومها.
وصرخ البعض: استدعوا رجال الشرطة.
وصرخ الآخرون: الإسعاف … المطافئ.
واندفع الكثيرون في كلِّ اتجاه … ومن الخلف أطلَّت ثلاثة وجوه باسمة وهي تنظر إلى بعضها في خبثٍ وشرٍّ.
انفجر الزعيم في ضحكة عالية صاخبة، شاركه فيها «مالكوم» و«ماكس» … وتوقَّف الزعيم عن الضحك، وهو يقول: ما رأيكما في هذه الخدعة الجهنمية.
مالكوم: لقد اصطدناهم خلفنا وتظاهرنا طوال الوقت بأننا لا نراهم … ثم قُدناهم إلى هذا الشرَك الجهنمي.
ماكس: لقد كانت خطةً ممتازة أيها الزعيم … أولًا تلك اليافطة المعلَّقة بأنَّ الفيلَّا للإيجار، وتترك بابها مفتوحًا ليغريَ مَن يراها بالدخول خاصة وأنَّها تُتيح مركز مراقبة ممتاز لفيلَّاتنا، كان من المؤكد أنَّه سيُغرى هؤلاء الشياطين بدخولها.
ضاقَت عينَا الزعيم، وقال في صوت كالفحيح: ولقد قام بقيةُ رجالنا بالعمل جيدًا … فتركوا تلك السيارة الملغومة لتقوم ببقية المهمة، ما إن يدخل هؤلاء الشياطين المنزل … حتى ذاقوا من نفس الشيء.
ماكس: لا أظن أنَّ تلك المنظمة التي يعملون من خلالها ستغامر بإرسالِ أحدٍ آخر خلفنا … ولن يعطل أحدٌ أعمالَنا بعد الآن.
تلفَّت «مالكوم» حوله وهو يقول: هل تظنَّان أنَّ أحدًا من هؤلاء الشياطين قد نجا؟
ضحك الزعيم ساخرًا، وقال: هل جننت … لقد وضعنا لهم مائةَ طنٍّ كاملة من متفجرات شديدة الانفجار، يستحيل أن ينجوَ منها إنسان.
وعلَا صوتُ سيارات الشرطة والإسعاف والإطفاء من الخلف … واندفع رجال الإطفاء يحاولون إطفاء النيران دون فائدة.
واندفع رجال الشرطة يسألون الواقفين عمَّا إذا كان أحدهم قد شاهد ما حدث وسر هذا الانفجار، فقال «ماكس» لهم: لقد شاهدتُ خمسةَ أشخاص؛ ثلاثةَ شبان وفتاتَين، وهم يحملون عددًا من الصناديق بطريقة مريبة، ويدخلون إلى الفيلَّا، وسمعتُ أحدَهم وهو يقول للآخرين أن يحاذروا وإلا تسبَّب الأمر في كارثة، وأعتقد أنَّ الصناديق كانت تحتوي على متفجرات. أعتقد أنَّها انفجرت فيهم.
فأومأ رجال الشرطة برءوسهم، وهتف أحدهم: لا بد أنَّهم إرهابيون كانوا ينوون القيام بعملية إرهابية على الشاطئ … ولكن متفجراتهم انفجرَت فيهم لحسن الحظ.
ماكس: نعم، لقد حدث هذا لحسن الحظ.
وأشار الزعيم ﻟ «ماكس» و«مالكوم»، فانسحبوا من المكان عائدين إلى فيلَّا الزعيم … وهناك في الداخل، كان أكثر من عشرة من المسلحين يجلسون في انتظارهم، فحدَّق فيهم الزعيم باسمًا، وقال: لقد قمتم بعمل جيد … ولم تترك المتفجرات خلفها أيًّا من الأحياء …
قال أحد المسلحين: لقد كنَّا على استعداد لأن ننسف الشاطئ بأكمله لو أنَّك أمرتَنا بذلك أيها الزعيم.
انفجر الزعيم ضاحكًا، وقال: ليس لديَّ مانعٌ من أن تفعلوا ذلك بشرط أن يمنحني شخصٌ ما المالَ اللازم في المقابل.
وضاقَت عيناه وهو يقول: أشعر بالسعادة عند سماع صوت الانفجارات ورؤية الدماء والأشلاء وسماع أصوات الاستغاثة وأنَّات الألم …
وضغط حافة المائدة بيده في حدَّة مضيفًا: ولسوف أحوِّل هذا العالم إلى جحيم من الانفجارات وسأجعل صوتَ القنابل هو الصوت العالي في كل مكان.
تساءل «مالكوم»: هل نعود إلى باريس مرة أخرى؟
أجابه الزعيم: ليس الآن … فهناك عملٌ هامٌّ يجب أن نقوم به في هذا المكان أولًا …
فسوف يصل أصدقاؤنا في المساء، علينا أن نكون في استقبالهم في عرض البحر، فهم يخشَون من النزول إلى البر لئلا تكون هناك عيون تراقبهم وترصد وصولهم.
ماكس: إنَّهم أصدقاء لنا، فلولاهم ما تمكنَّا من الحصول على معلومات عن هؤلاء الشياطين لنحتاط لهم مسبقًا، ثم نجذبهم إلى هذا الشرَك القاتل …
غمغم الزعيم في قلق قائلًا: ولكن أرجو ألَّا يغضبوا لفشلنا في نسف السفارة المصرية.
ماكس: سوف نفعلها في المرة القادمة أيها الزعيم فلا موجبَ للقلق …
أشار الزعيم إلى رجاله المسلحين قائلًا: عليكم بإعداد وتجهيز الزوارق لتكون مستعدة للإبحار في المساء … وأريد أن تحملوها بعناية بالمتفجرات الجديدة الشديدة الانفجار التي قمنا بصناعتها، لنعرضها على أصدقائنا قبل استعمالها.
أومأ الرجال المسلحون برءوسهم … ثم اندفعوا خارجين من المكان وهم يخفون أسلحتهم تحت ستراتهم العريضة …