خطة مضادة!
توارَى الشبح الواقف خلف نافذة الفيلَّا، وقد استمع إلى الحديث الذي دار بالداخل، وتحاشى ألَّا يراه الرجال المسلحون الذين غادروا الفيلَّا منذ لحظات.
ثم تحرَّك في خفة وعيناه تومضان ببريق حادٍّ … غاضب … بريق الشياطين، وتسلق الشبح سور الفيلا وقفز خارجها … وشاهد رجال الإطفاء وهم يغالبون النيران المشتعلة في الفيلا المهدمة … وتحرك بعيدًا …
وفي بقعة منعزلة على الشاطئ كان هناك أربعة أشخاص في انتظاره … وتساءل أحدهم في لهفة: ماذا رأيت يا «أحمد»؟
فقال: أحمد: إنَّ هؤلاء المجرمين يستعدون لمقابلة أعدائنا الحقيقيِّين الذين يمدونهم بالمال وحددوا لهم الأهداف، وسوف يَصِل هؤلاء الأعداء الخفيون في المساء لمقابلتهم في البحر.
وأضاف في غضب: وهؤلاء الأعداء الخفيون هم الذين أرشدوا الإرهابيِّين عنَّا، وأخبروهم بكل المعلومات عنَّا …
إلهام: ولكن هناك نقطة هامة لصالحنا … فإن الجميع يظنون أننا نرقد الآن تحت أنقاض الفيلا المتفجرة، ولن يكتشف أحدٌ عدمَ وجودنا تحت الأنقاض قبل رفعها بعد يوم أو اثنين على الأقل.
ابتسم «عثمان»، فظهرَت أسنانه البيضاء الناصعة، وقال ﻟ «أحمد»: لقد كانت ملحوظتك رائعة يا «أحمد» بخصوص أنَّ تلك الفيلا كانت شرَكًا لنا وأنَّ هؤلاء المجرمين استدرجونا إليها لقتلنا.
أحمد: لقد شككتُ في ذلك لعدة أسباب؛ أولًا أنَّ الإرهابيين الثلاثة سافروا إلى «كان» بسياراتهم في رحلة شاقة وقد كان يمكنهم أن يستقلوا طائرة خاصة لذلك، ولكنهم استقلوا السيارات ليُتيحوا لنا فرصةَ مطاردتهم ومراقبتهم، وهو ما يعني أنَّهم كانوا يعرفون أننا نراقبهم … وعندما وصلنا إلى هنا وشاهدتُ تلك الفيلا القريبة المكتوب عليها «للإيجار» شككتُ في الأمر، فهذا الشاطئ من النادر أن تجدَ فيه مكانًا خاليًا للإيجار، أيقنتُ أنَّ هذه اللافتة شرَكٌ لنا لندخل الفيلَّا، خاصة وأنَّها كانت قريبةً من فيلَّا الإرهابيِّين وتُتيح لنا أفضل مكان لمراقبتهم … وعندما شاهدتُ السيارة الواقفة أمام الفيلَّا التي لا يسكنها أحدٌ تأكَّدتُ من أنَّ الإرهابيِّين سيقومون بالعمل المفضَّل لديهم للتخلص منَّا وأنَّ تلك السيارة ملغومة وستنفجر بعد دخولنا الفيلَّا بلحظات.
إلهام: ولكنَّك تركتَنا ندخل الفيلَّا بالرغم من ذلك …
أحمد: لقد كان ذلك حتى أُوهمَ هؤلاء المجرمين أنَّ خطَّتَهم قد جازَت علينا وأنَّ الانفجار سيقضي علينا، حتى يمكنَنا مراقبتهم بعد ذلك وإفساد خطتهم دون أن يأخذوا حذرًا منا … والحمد لله أننا تمكنَّا من القفز بسرعة من سور الفيلَّا الخلفي دون أن يشاهدَنا أحد، وقبل انفجارها بثوانٍ قليلة.
قيس: لقد سارَت خطتُنا على ما يرام بالرغم من أنَّ هؤلاء الأشرار حاولوا إيهامَ رجال الشرطة أننا كنَّا نحمل معنا متفجرات وكأننا كنَّا ننوي القيام بعملية إرهابية.
قالَت «زبيدة»: سوف نردُّ لهم الصاعَ صاعَين في المساء …
قال «أحمد»: ولكن علينا تجهيز زورق بخاري سريع للمساء … فسوف ننطلق خلف هؤلاء المجرمين في البحر … وأنا أتوقع صراعًا مثيرًا.
قال «عثمان»: سأذهب لاستئجار هذا الزورق دون أن يشعر بي إنسان.
قال «قيس»: أما أنا فأعتقد أنَّ لديَّ مهمةً أخرى … وهي كيفية الحصول على أسلحة نستخدمها في معركة المساء المتوقعة.
قالت «إلهام»: وما هي خططك في ذلك يا «قيس»، وليس هناك أصدقاء أو عملاء يمكن أن يمدونا بهذه الأسلحة؟!
ابتسم «قيس» قائلًا: لا يوجد هنا شيءٌ أسهل من الحصول على هذه الأسلحة، ومن مكان قريب.
وزادَت ابتسامتُه اتساعًا وهو يُضيف: انتظروني هنا وسأعود بها.
وانطلق «قيس» على الشاطئ حتى غاب عن الأنظار، فتبادلَت «زبيدة» و«إلهام» نظرةَ قلقٍ، ولكن «أحمد» قال: أعتقد أنني فهمتُ ما قصده «قيس» … وأظن أنَّه سيعود بكمية لا بأس بها من الأسلحة … وبعد دقائق ظهر «قيس» عائدًا وهو يحمل جوالًا بلاستيكيًّا كبيرًا … ما إن كشف ما بداخله حتى اندهشَت «إلهام» و«زبيدة» من المفاجأة.
كان الجوال مليئًا بالمدافع الرشاشة والرصاص والقنابل اليدوية، وقال «قيس» ضاحكًا: لقد قمتُ باستعارة بعض أسلحة هؤلاء الأشرار؛ فالمكان الذي يسكنون فيه عبارة عن ترسانة ضخمة من السلاح، ولحسن الحظ فإنهم لم يحتاطوا بوضع حراس على المكان، لأنَّهم يعتقدون أنَّ الانفجار قد قضى علينا.
إلهام: هذا رائع … لم يتبقَّ الآن غير انتظارنا لحلول المساء.
تثاءبَت «زبيدة»، وقالت: ولكننا لن نستطيع البقاء على الشاطئ حتى المساء … فنحن في حاجة إلى النوم والاختفاء عن العيون، فسوف يمتلئ الشاطئ بالرواد بعد قليل وسيكون منظرنا لافتًا للنظر.
أحمد: أنتِ على حقٍّ يا «زبيدة» … ولكننا لن نستطيع الحصول على مكان للإقامة؛ فهذا الشاطئ لا يوجد فيه غرفة واحدة خالية … وليس أمامنا غير البحث عن مكان بعيد عن الشاطئ نرقد فيه حتى الليل.
هزَّ الشياطين رءوسهم بالموافقة … وساروا إلى نهاية الشاطئ … وكان عثورهم على المكان الذي يريدونه سهلًا … وتمدَّد «قيس» و«عثمان» و«أحمد» للنوم، وظلَّت «إلهام» و«زبيدة» يقظتَين للرقابة … ثم تبادل الفريقان الراحة بعد عدة ساعات.
وهكذا انقضَت ساعات النهار سريعًا …