النفس ودماغها
«يقول كانْت قُربَ نهاية كتابه «نقد العقل الخالص» إن شيئَين يملآن عقلَه بالإعجاب والإجلال المتجدِّدَين والمتزايدَين على الدوام: السموات المرصَّعة بالنجوم من فوقه، والقانون الأخلاقي في داخله.»
تُعَد مسألة «الجسم-العقل» من أبرز المسائل التي شغلت الفلاسفةَ على مَدار تاريخ الفكر البشري، ولكن هذه المسألة أخذت أبعادًا أخرى جديدة في العصر الحديث؛ نظرًا لاقترانها بالتقدُّم العلمي الفيزيائي والبيولوجي، وسيطرة النزعة المادية على العالَم، وخاصةً بعد الحربَين العالميتَين اللتين تجلَّى فيهما غياب قانون الأخلاق الإنساني، والنظر إلى الإنسان بوصفه ترسًا في آلة، وليس روحًا فريدة تستحقُّ الاحترام والتقدير، فبات أمرًا ملِحًّا الإجابةُ عن السؤال الأبرز: هل الإنسان آلة، أم أنه غايةٌ في ذاته؟ وكان مِن أبرز مَن تصدَّوا للإجابة عن هذا السؤال الفيلسوفُ النمساوي «كارل بوبر»، مستندًا إلى تجاوُز المادية نفسها، ومتَّخذًا من منتَجات العقل البشري مدخلًا رئيسًا للبحث في إشكالية «الجسم-العقل»، معتبِرًا اللغةَ البشرية أوَّلَ منتَجات العقل.