الفصل الخامس والعشرون
(٥٦) يصف لاو تسو في هذه الفقرة التاو في کُمونه وذاتويته قبل صدور الموجودات عنه، إن حالة من الفراغ المتماثل والصمت المُطلَق، لا وجود فيه للأشكال والهيئات، أو التقسيمات والتحدیدات، فلا أعلى ولا أسفل، ولا يمين ولا يسار، ولا قبل ولا بعد، إنه اللاوجود، والعدم، باعتبار ما سينشأ عنه من مظاهر المادة والحياة، ولكنه الوجود بامتياز لنفسه وفي نفسه.
(٥٦-أ) وبما أن الاسم هو للأشياء المحدَّدة والمتمایزة عن بعضها، فإننا لا نستطيع إطلاق الاسم على حالة اللاتمايُز الأولى، التي لا شكل مُحدَّد لها ولا قيام فيها للأشكال والهيئات، وما الاسم تاو إلا إشارة لما ليس له اسم، أو فلنقُل إنه اللا اسم بامتياز.
وبما أن التاو يملأ كل مكان حيث لا مكان، ويتخلل كل حيِّز حيث لا حيِّز، فإنه متطابق مع نفسه، لا يتخذ موضعًا مما سواه لانعدام السوى، يمتد في كل اتجاه بلا نهاية حيث لا اتجاه، وبما أنه لا وجود لنهاية لانتفاء وجود لبداية، فإن امتداده ينعكس إليه، إنه دارة مُغلَقة، أو كنقطة هندسية تملأ المكان بلا مكان.
(٥٧) في هذا الفراغ المتماثل ظهرت الأشكال والتحديدات، الواحد اللامتمایُز أنجبَ السماء، السماء أنجبت الأرض، الأرض أنجبت الآلاف المؤلَّفة، التاو متخلل في جميع ما نَجَم عنه، ولذا فإن كل ما في الوجود هو من طبيعة التاو وينتمي إليه.
(٥٨) ينجم عمَّا سبق أن كل مظهر في الكون يتبع مساره الخاص، وإذا تُرك حرًّا في اتباع مساره الخاص فإنه يقتدي بالتاو وَفْق تدرُّج صدوره عنه، فالإنسان يقتدي بالأرض، والأرض تقتدي بالسماء، والسماء تقتدي بالتاو، أمَّا التاو فهو ذاته.