الفصل الخامس والثلاثون
(٧٧) تجري المقارنة في هذا الفصل بين خبرتين للوعي، الأولى هي خبرتنا مع الأجزاء والمظاهر، والثانية هي خبرتنا مع الحقيقة الكبرى، في الخبرة الأولى نحن نرتبط بما حولنا من مظاهر حية وجامدة من خلال الحواس الخمس، إضافةً إلى الحاسة العُليا التي تتربع فوقها، وأعني بها الدماغ الذي يستقبل مؤثرات الحواس فيُحللها ويربط بينها ويفسِّرها ضمن إطار زماني ومكاني، أمَّا الخبرة الثانية فتتخطى الحواس الخمس كما تتخطى الدماغ نفْسه أو ما يمكن وصفه بالتفكير الخطي التحليلي، فهنا لا وظيفة للأصوات أو الكلمات أو الأشكال، لأننا ندلف إلى ما وراء الصوت والشكل والصورة في خبرة لا زمانية ولا مکانية، تقودها الروح، أو العقل المستقل عن الدماغ، والذي ينشط في الزمان والمكان مثلما ينشط فيما وراءهما، في هذه الخبرة نرحل إلى ما وراء الكلمات التي ترسم علاقتنا بالأشياء، وندلف إلى الفراغ العظيم الذي ارتسمت عليه الموجودات والنبع الذي لا ينضب مَعِينُه مهما أعطى وأفاضَ.
(٧٨) في هذا المقطع إشارة إلى الخبرة الأولى المرتبطة بالحواس حيث يسوق لاو تسو صورة مادية عن المسافرين الذين يجتذبهم الطعام والموسيقى إلى التوقُّف، وإشارة أيضًا إلى الخبرة الثانية التي تتخطى الحواس، وهنا يسوق لاو تسو صورة مادية أخرى حيث يقول:
وفي هذا ما يشبه قوله في الفصل ١٤: