الفصل السابع والثلاثون
(٨١) إن الفعل الذي يقصده المعلم في هذا الفصل وفي بقية فصول الكتاب، هو الفعل الناجم عن تدبُّر وتفکُّر وحيلة وتخطيط مُسبَق، وما يتبعه من توقُّع لنتائج مُعيَّنة، ويقابله تعبير اللافعل، وهو الفعل التلقائي المتطابق مع تلقائية صيرورة الطبيعة، والتي نموذجها النظام العضوي الذي يتفتح من الداخل نحو الخارج، ولا ينتظم من الخارج في وحدات تنضم إلى بعضها مثلما تنضم أجزاء العربة التي تُصنَع وفقًا لنموذج مُعَد سلفًا، وهذا معنى قوله:
أيْ إن كل ما في الكون ينتظم من تلقاء ذاته وفق قوانين التاو الداخلية، ومن غير حاجة إلى تدخُّل قوة خارجية، ويتبع ذلك أن المجتمع الإنساني ينبغي أن يعي نَفْسه بالدرجة الأولى كظاهرة طبيعانية لا كظاهرة ثقافية، وألَّا ينسلخ عن تلك التلقائية الكونية الفاعلة من الداخل، وتقع مسئولية هذا الوعي أولًا على السَّاسة والحُكام الذين يتوجَّب عليهم إدارة المجتمع مثلما يُدار الكون، أيْ من خلال اللافعل وعدم التدخُّل، وفي معزل عن الرغبة التي تدفع عادةً إلى السلوك المتعارض مع التلقائية، فإذا تحرَّر الحاكم من الرغبات في كل أفعاله، فإن الرعية أيضًا سوف تتحرَّر من الرغبات وتكشف عن جوهرها الطبيعي الخام، وتسلك وفق طبيعتها الأصلية التي يمكن للحاکم والمحكوم على حد سواء الثقة بها.
لقد هدفت التعاليم الكونفوشية إلى ضبط سلوك الأفراد والجماعات وفق مبادئ ولوائح أخلاقية مفروضة، أمَّا التاوية، وانطلاقًا من ثقتها بالطبيعة الإنسانية، فإنها تساعد الإنسان على اكتشاف ذاته الحقيقية، وأن يكون على ما هو عليه بالفعل، من هنا يقول لاو تسو للحاکم: