الفصل التاسع والثلاثون
(٨٥) تعبير الواحد الذي يتكرر في هذه الفقرة ليس إشارة إلى شخصية إلهية تتصف بالوحدانية في مقابل التعددية، بل هو التاو الذي تذوب فيه الثنائيات وتتلاشى الأقطاب، إنه الوحدة الأصلية التي نشأت عنها مظاهر الكون والآلاف المؤلَّفة من النفوس الحية، وبما أن المظاهر المتجزئة للخليقة تبقى متجذرة في الوحدة التحتية للوجود، فإن كلًّا منها على تفرُّده يعكس تلك الوحدة الأصلية وينطوي على سرها، ولكن عين الحجاب الكليلة تعجز عن رؤية الوحدة ولا تميز إلا أجزاءها وتمظهراتها في عالَم الشهادة، أمَّا عين الكشف فترى الوحدة في الكثرة، وترى الكثرة في الوحدة، عين البصيرة تدرك أن الوحدة الأصلية هي سكون وحركة في الآن نَفْسه، في حال السكون يكون التاو عَيْن ذاته، وفي حال الحركة يكون التاو هو عَيْن المخلوقات.
(٨٦-٨٧) فإذا كنت تنقل القلب من الجزء إلى الكل من المظهر إلى الجوهر، عرفت أن قليل الشأن هو جذر عالي الشأن، والواطئ هو قاعدة العالي، وهنا ينتقل لاو تسو من هذا التأمل الماورائي إلى تأمل في عالم السياسة، فإذا أراد السادة والأمراء أن يجعلوا من أنفسهم فعلًا قاعدة للدولة وأساسًا لها، عليهم أن يرتكزوا على التواضع وأن يلجئوا إلى الفعل من خلال اللافعل، بعيدًا عن القعقعة والضجيج وطلب السُّمعة والصيت الذائع، وكما قال المعلم في الفصل ٧: