الفصل الحادي والخمسون
(١١٤–١١٦) يتصل التاو بالآلاف المؤلَّفة من خلال اﻟ «تي»، التاو یهبهم الحياة واﻟ «تي» ترعاهم، ينشئهم ويرزقهم ويُئويهم ويطعمهم، ولكن دون خطة مُحكَمة مُسبقة ودون غاية يسعى إليها من وراء ذلك، لا يوجد فکر محرِّك في الكون ولا عقل مُدبِّر، بل تلقائية وصيرورة طبيعية، وكما قلنا في الفصل ٤٩ سابقًا، فإن عقل التاو مُنبَثٌّ في مظاهر الوجود كلها ولكنه لا يشعر بعقل خاص به، وحيطته تشمل كل شيء ولكنه لا يشعر بأنا خاصة به.
التاو لا يفرض نفسه سلطانًا على العالم وكائناته، ومع ذلك فإن كل نفس حية منقادة بطبيعتها في مجراه، متعلِّقة به، من هنا، فإن حريتها هي عين تماثلها مع التاو، وعبوديتها هي التنكُّر له والتعلُّق بالأنا الوهمية الزائلة، عندما تنظر الأنا إلى نفسها من خلال شروطها المحدودة، فإنها ترى استقلاليتها واستقلال كلَّ ما عداها، فتظن أن باستطاعتها ممارسة الفعل الحر الفردي، فتحاول ممارسة القسر على الآخَرين وعلى الطبيعة، الأمر الذي يقود إلى اختلال المجتمع واختلال علاقة الإنسان بالطبيعة، أمَّا عندما تنظر الأنا إلى نفسها من خلال التاو، فإنها تتحوَّل إلى ذاتٍ مُنفتِحة وتكتشف الحرية الكبرى: حرية الامتثال لتلقائية الكون وحركة التاو.