الفصل الثاني والخمسون
(١١٧) التاو هو مبتدأ السماء والأرض، عندما تعرف الأصل تغدو قادرًا على معرفة الفروع، ولكن بعد معرفة الفروع عُد إلى الأصل وثبِّت قلبك عليه، عندها ستحصل على السعادة القصوى وتعيش أيامك الموعودة في تناغُم مع الكون.
ونلاحظ هنا كيف أن المفهوم التاوي للمعرفة ينطلق من المعرفة بالكليات أولًا، لأن المعرفة بالكليات هي التي تجعل المعرفة بالجزئيات ممكنة، أمَّا المعرفة بالجزئيات فتتركك عند حدود الجزئيات، ولا تستطيع أبدًا الانطلاق منها نحو الكل.
(١١٨) دعِ الكلمات والتفكير بالكلمات وأغلِق منافذ الحواس، هذا هو طريق العرفان الداخلي الذي يقود إلى الاستنارة الكاملة، عندما تحقِّق الاستنارة تغدو مثل التاو، فارغًا ولكنك لا تنضب، الكلمات هي المعادل الذهني للأشياء، والأشياء هي الظواهر المتجزِّئة التي تنشغل بها الحواس الخمس، إذا بقيتَ عند حدود الكلمات وما تنقله لك حواسك من انطباعات متجزِّئة عن العالم، تضل عن طريق العرفان الداخلي ولا تحقق الاستنارة قط.
(١١٩) الظاهر يُرى بالحواس والخافي يُرى بالبصيرة. استخدم الحواس للتعامل مع الظاهر، ولكن إذا أردت الجوهر، إذا أردت العودة إلى الأصول، أغلِق بوابات الحواس وافتح عينك الداخلية، وفي هذا وذاك مارِس اللافعل واللاجهد، الجأ إلى اللِّين الذي هو قوتك الحقيقية، عندما تنكفئ نحو الداخل اهجر كل ما عرفت من وسائل التمييز، التي تُستخدم للتعامل مع عالم الظواهر، والجأ إلى ضوئك الداخلي. عند ذلك فقط تحيا في الحقيقة.