الفصل الخامس والخمسون
(١٢٥–١٢٦) يستخدم لاو تسو هنا صورة الوليد الجديد للتعبير عن الحالة التي يئول إليها مَن يفتح قلبه لقوة التاو المتخلِّلة في الطبيعة، فرغم أن عضلات الوليد الجديد ليِّنة وعظامه طريَّة فإن قبضته قوية، وهو يصرخ طيلة النهار دون أن يُبَح صوته، وينتصب قضيبه لا لأنه يعرف عن الأمور الجنسية، بل لأن طاقته الحيوية في أوْجِها. مثل هذه القوى وغيرها لا تتأتى بالاكتساب عند أهل اﻟ «تي»، بل هي ناتج تلقائي للتناغم الداخلي الذي تحقق عددهم، التناغم الداخلي هو باب العرفان الداخلي الذي يقود إلى الاستنارة.
وهذا يذكِّرنا بقول لاو تسو في الفصل ٢٠:
(١٢٦) بعد أن أوضح لنا نوعية القوى الطبيعية التي تهبها قوة التاو لمَن يفتح نفسه لها دون جهد أو ممارسة للقسر، ينتقل لاو تسو في هذه الفقرة إلى نقد المذاهب الطقسية الهادفة إلى اكتساب القوى الخارقة وإلى إطالة العمر بالوسائل المصطنعة، أو إلى تحقيق نوع من الخلود الشخصي، كما هو الحال في المذاهب اليوغية (ومنها التاوية الطقسية). فمن وجهة نظر التاوية الحکموية، لا يمكن تحقيق الاستنارة عن طريق تمرینات مُعدَّة سلفًا يمارسها المُريد، بل عن طريق ترك العقل حرًّا من أي قيد أو شرط، قد يجلس التاوي في وضعية الاستغراق الباطني، ولكنه لا يمارسه کتمرین مفروض، ولا يهدف من ورائه إلى تحقُّق نتائج مُعيَّنة ومُحدَّدة بواسطة القسر والإكراه، والاستنارة عنده لا تأتي بالسعي إليها بل بعدم السعي، ومن خلال اللافعل واللاجهد.
(١٢٧) في صيرورة الطبيعة لا يوجد تطرُّف بل توازُن، إذا أدركت موقعك في هذا التوازن سلمت، وإذا تجاهلته أتيت إلى نهاية سريعة، التاوي يحافظ على موقع الوسط بين الأقطاب، يتحرر منها ولكنه يوحدها في نفسه، وفن الحياة عنده أن يسير في الطريق الوسط دون انحراف نحو هذا القطب أو ذاك، وقد قال المعلم في الفصل ٢٩: