الفصل السادس والخمسون
(١٢٨) اللغة بطبيعتها ثنوية؛ لأنها نتاج فكر ثنوي علائقي، حيث لا يتخذ النفي والإثبات معنَيهما إلا من خلال العلاقة القطبية التي تجمع بينهما، إن أي تحديد وتعريف لشيء مادي أو معنوي، يفصله عن غيره، هو التحديد والتعريف الذي يجمعه إلى غيره، فالواطئ مستقل عن العالي ولكنه لا يوجد بدونه، والقَبل مستقل عن البَعد ولكنه لا يوجد بدونه، والصوت مستقل عن الصمت ولكنه لا يوجد بدونه … وهكذا وصولًا إلى الوجود والعدم، والمطلق والنسبي، وينجم عن ذلك أن أية أطروحة ميتافيزيكية هي بالنتيجة أطروحة نسبية وذات طابع كلامي لا يعكس جوهر الحقيقة؛ لأن الحقيقة غير ثنوية ولا يمكن مقاربتها بفكر ثنوي، الفكر غير الثنوي هو الفكر الذي حقَّق الوحدة الداخلية وتجاوز القطبية إلى طباقها الذي لا نفي له، من هنا يقول لاو تسو:
(١٢٩) والعارف إذ يهجر الكلمات وينسى التفكير من خلال المفاهيم، فإنه في الوقت نفسه يتجنَّب إغواء الحواس، على حدِّ قول لاو تسو في الفصل ١٢، وينكفئ نحو الداخل، ويعبِّر المعلم في هذه الفقرة عن الانكفاء نحو الداخل بإغلاق الأبواب وسد النوافذ، ويتبع ذلك بتكرار ما قاله في الفصل الرابع:
وقد شرحنا مؤدَّى هذه العبارات في موضعها من الفصل الرابع، فيُرجى المراجعة.
(١٣٠) الضمير في هذه الفقرة عائد إلى التاو، ويمكن في الوقت نفسه أن يُشير إلى الحكيم.