الفصل الثامن والخمسون
(١٣٤) الغفلة التي يقصدها لاو تسو هنا، هي عدم تدخل السلطة في شئون الناس، وتخفيفها للتنظيمات والتقييدات ممَّا أوضحناه في الفصل السابق، أمَّا اليقظة فهي توكيد السلطة السياسية لنفسها في كل مناسبة، والإكثار من القوانين والعقوبات الرادعة، إن غفلة الحكومة في تعاملها مع الرعية تترك الناس على طيبتهم وبساطتهم الأصلية، أما يقظة الحكومة وتشديد قبضتها على الرعية فتفسد بساطة الناس وطيبتهم، وتدفعهم إلى الخبث والتحايُل على القانون مهما بلغت شدته وصرامته.
(١٣٥-١٣٦) الناس العاديون ممَّن تقودهم حواسهم لا بصيرتهم، لا يدركون الكون كصيرورة تتداولها الأقطاب. فإذا جاءهم الحظ ابتهجوا وظنوا أنها خاتمة المطاف، ولكن سوء الحظ ما يلبث أن يُسفر عن وجهه وتظهر الكارثة من تحت الأفراح والمباهج، مثلما ينبت السيِّئ من قلب الطيب، ويظهر الخداع من تحت الصدق، أيضًا، أمَّا الحكيم فيرى الثنائيات ويدرك تداول الأقطاب، لا يتطابق مع واحد منها، ولذا لا يكون عرضة لتناوباتها، إذا صار حادًّا لا يقطع وإذا لمع لا يُبهر الأبصار وإذا اتسع لا يتعدى، إنه يعرف الذكر ويلعب دور الأنثى، يعرف الأسود ويلعب دور الأبيض، على حد قول المعلم في الفصل ٢٨. وفيما يتعلق بالمعنى السياسي المتضمن في الفقرة ١٣٦، فإن لاو تسو يقول إن على الحاكم أن يكتسب كل خصائص اﻟ «يانغ» مع إظهار كل خصائص اﻟ «ین».