الفصل الخامس والستون
(١٥٧) إن حالة الجهل التي يرى لاو تسو ضرورة إبقاء الناس فيها، هي حالة البراءة الأصلية التي لم تفسدها مفاهيم المجتمعات المدنية وقيمها، تلك القيم التي تشجع على التنافُس والتناحُر والتفوُّق على حساب الآخرين، حيث يبدو أكثر الناس فطنة هو أقدرهم على اقتناص الفرص والصعود ولو على أشلاء البقية من منافسيه، وحيث يبدو أكثر الناس غباء هو الذي لا يعرف من أين تُؤكَل الكتف، على حدِّ تعبير المثل الدارج.
إن الحالة المُثلى التي يجب أن تكون عليها الرعية، هي حالة الطفل البريء الذي يتعامل مع محيطه بشكل مباشر ودون إعمال لفكر، وممارسة لذكاء مُصطَنع ومكتسب، وهذا ما قاله المعلم في الفصل ٤٩:
(١٥٧-أ) إن ممارسة الحاكم للسلطة من خلال اللافعل واللاجهد، وعدم تدخله في مسار الأشياء، يساعد على إبقاء الناس في حالة البراءة الأصلية، ولا يعرِّضهم إلى ذلك النوع من المعارف الذي يثير الرغبات. ويعبِّر لاو تسو عن هذه الطريقة في ممارسة السلطة ﺑ «عدم استخدام الذكاء»، وعن عكسها ﺑ «استخدام الذكاء». عندما يتدخل الحاكم ويُكثر من التنظيمات والتقييدات وسَنِّ القوانين، يفسد الطبيعة الأصلية للناس ويدفعهم إلى مقاومته بطريقته وأسلوبه.