الفصل الرابع والسبعون
(١٨٠) قال لاو تسو في الفصل ٧٢ في مخاطبة الحاكم المستبد: «عندما
يفقد الناس الخوف من أي شيء، فبأي شيء تخيفهم؟» ثم يتابع هنا
يقول:
عندما يفقد الناس خوفهم من الموت
لماذا تهددهم بالموت؟
إن التطرف في تطبيق قانون العقوبات الجنائية ليس أداة فعَّالة في
مكافحة الجريمة وحكم الناس، كما يرى المعلم في هذه الفقرة، وكلما
أرسلت مزيدًا من المذنبين إلى الجلَّاد ازداد خرق القانون وانتشرت
الجريمة، ولدينا مثال من تاريخ الصين يُثبت صحة رأي لاو تسو، فعندما
صعدت أسرة مينغ إلى الحكم عقب فترة انتقالية عمَّت فيها الفوضى وكانت
الجريمة هي قانون الشارع في كل مدينة صينية، لم يجد أول أباطرة هذه
الأسرة سوى اللجوء إلى كتاب لاو تسو يبحث فيه عن الحل، وقد ترك هذا
الإمبراطور مقطعًا حيًّا كتَبَه بنفسه عن تجربته تلك يقول
فيه:
«عندما استلمتُ السلطة كانت الجريمة متفشيةً والفساد يعشعش في
أجهزة الدولة جميعها، ورغم أن عشرة متهمين كانوا يُرسَلون إلى الموت
في الصباح، فإن مائة آخَرين كانوا ينتهكون القانون في المساء، ألا
يثبت هذا الوضع صحة ما ورد في كتاب التاو من أنه عندما يفقد الناس
خوفهم من الموت، لماذا تهددهم بالموت؟ لذا فقد بدأت بإلغاء عقوبة
الإعدام على الجرائم، وأخذت بإرسال المذنبين للعمل في المشاريع
العامة. وفي أقل من سنة انتظمت الأحوال، وصارت نفسي في حالة هدوء وسلام.»
١
(١٨٠-أ) في رفضه لعقوبة الإعدام يقول لنا لاو تسو في هذه الفقرة
بأن الموت هو نصيب كل إنسان، فلماذا نأخذ على عاتقنا مسئولية ملاك
الموت ونساعده على تأدية مهمته؟ إننا في هذه الحالة نكون كمَن يأخذ
عن الحطاب مسئولية قطع الحطب، عندها لا نجني سوى إيذاء
أيدينا.