الفصل السابع والسبعون
(١٨٤) إن أية حركة في هذا الكون الواسع مهما صغرت، تؤثِّر على شبكة ترابطات تضم ما لا يُحصى من الأجزاء التي يشد بعضُها بعضًا، ويعتمد بعضها على بعض في تساوُق وتناغم كامل، بحيث يعكس الجزء الكل وحيث الكل يعكس الجزء، وعلى حدِّ التشبيه الذي ورد في أحد أسفار البوذية، فإن في سماء الإله «إندارا» شبكةً سعتها سعة السماء، في كل عقدة منها جوهرة متلألئة، وهذه الجواهر تتبادل الانعكاس بحيث إن كل جوهرة تعكس على سطحها صورة كل الجواهر الأخرى، وكل الجواهر تعكس بدورها صورة هذه الجوهرة المفردة، وبذلك يغيب الكل في الجزء والجزء في الكل.
يعبِّر لاو تسو عن هذا التناغم في حركة الكون، بآلية الوتر والقوس، فعندما تشد الوتر فإن القوس ينحي بحيث ينضغط الجزء الأعلى نحو الأسفل، ويرتفع الجزء الأسفل نحو الأعلى، وبذلك يتم مقابلة كل حركة بحركة أخرى معادلة لها، ويجري الحفاظ على التوازن الطبيعي، هذه هي الطريقة التي يعمل من خلالها التاو، أمَّا الطريقة التي يعمل من خلالها الناس فلا تؤدِّي إلا إلى الإخلال بالتوازن الطبيعي.
(١٨٥-١٨٦) إن رجل التاو الذي يدرك هذه الوحدة الضمنية بين الجزء والكل، يغدو عنصرًا في هذا التناغم الكوني ويتحرَّر من أناه الفردية، إنه مثل جوهرة في شبكة «إندارا»، يأخذ ويعطي، دون رغبة في الأخذ أو بحث عن غاية في العطاء، ولذا فإن فضله يبقى مستورًا.