الفصل السابع
(١٨) إن الفارق بين مفهوم التاو ومفهوم الإله الخالق، هو أن الإله الخالق أنتج العالم عن طريق الخلق الإرادي بينما أنتج التاو العالم عن طريق الخلق غير الإرادي. الإله خلق العالم بواسطة الفعل، أمَّا التاو فبواسطة اللافعل. ولإيضاح الفرق بين هذين المفهومين للخلق، أقول بأنه في الخلق الإرادي يتم التشكيل من الخارج نحو الداخل، كما هو الحال في صنع تمثال حيث نقوم بإزالة الطبقات الخارجية للحجر الخام وصولًا إلى الشكل الذي نريد، أمَّا في الخلق غير الإرادي فإن التشكيل يتم من الداخل نحو الخارج وبشكلٍ تلقائيٍّ، كما هو الحال في نمو النبتة، حيث تتشكل الأجزاء وتتكامل في كل موحد انطلاقًا من الباطن نحو الظاهر. وبما أن الحكمة التاوية بشكلٍ خاصٍّ، والحكمة الصينية بشكلٍ عامٍّ، ترى أن ظهور الكون وصيرورته يتبعان مبدأ النمو التلقائي الذي يميز نشوء الكائنات المتعضية، فإن الفكر الصيني لا يطرح سؤالًا جديًّا حول مَن خَلَق العالم والكيفية التي ظهر بها. لأنه لو كان العالم قد خُلِق لكان له صانع جبل أجزاءه ثم ركبها. أما وأنه قد نما انطلاقًا من مبدأ كلي يمكن تشبيهه بالقانون الأزلي وهو التاو، فإن السؤال عن صانعه يغدو بلا معنى. ويتبع ذلك القول بأن التاو لا يشعر بوجوده الخاص، لأنه ليس كائنًا ذا شخصية وطباع وأهواء، ولأن وجوده هو عين وجود الظواهر. كما أنه لا يعرف كيف صدر الكون عنه معرفة الصانع للكيفية التي صنع بها أداته؛ لأنه لا يتمتع بمعرفة خاصة به، ولأن معرفته هي عين حركة الظواهر وصيرورة الكون، المطلق لا يشعر بوجودہ شعور الأنا النسبية بوجودها الخاص، أمَّا الأنا النسبية فكلما زادت في التوكيد على ذاتها كلما ازدادت إحساسًا بوجودها المحدَّد المستقل، وهو وجود آيِل إلى الفناء.
وهذا معنى قول المعلم:
(١٩) من هنا فإن الهدف الأسمى للحكيم هو التشبه بالتاو، عن طريق نكران الأنا الفردية وتحقيق ذات منفتحة. فالإنسان لا يجد نفسه الحقيقية إلا عندما يستغرق في نسيان نفسه الآنية التي ليست أكثر من وهم خادع وزائل. إن الذات المنفتحة تنطوي على الأنا وتتجاوزها. إنها هذه الحياة بالذات وهذه الروح بالذات، ولكنها في الوقت نفسه حياة كونية وروح كونية. المعرفة الحقيقية للأنا تقود إلى معرفة الذات، وعندما يتوصل التاوي إلى معرفة ذاته يعيش في الحالة التي تدعوها التاوية والبوذية أيضا ﺑ «اللا-إنية» التي تخرج بالوعي الفردي المحدد بالأنا إلى الذات المنفتحة أو اللاأنا. وهذا معنى قول المعلم في هذه الفقرة:
وهذا ينطبق على الحكيم الذي حقق الاستنارة، وعلى الحاكم التاوي الذي يسوس أمة. فعندما يضع الحاكم مصالحه الفردية في المؤخرة يجد نفسه في المقدمة على رأس رعيته. وبهذا يتخلى عن أناه ليحقِّق ذاته.