الفصل الثامن
(٢٠) حركة الماء هي إحدى الصور المفضلة عند لاو تسو لتوضيح مفهوم
التلقائية الكونية. فالماء يندفع وفق قانونه الذاتي الخاص ويتدفق
دون أن يسيرَ على خطة مسبقة، يسير في الأماكن المنخفضة ويسقي ما لا
يُحصى من الحيوات، يسعى إليها في أماكنها المنعزلة، حيث لا يستطيع
إنسان أن يصل إلى هناك. وهو ينجز ذلك بسهولةٍ ويُسر، ومن غير جهد
أو ممارسة للقسر. التاو يُشبه الماء. إنه
wu-tse أي اللاقانون، أو
بالأحرى القانون الضمني في مقابل
tse أي القانون الوضعي الذي
يحدد ما يجب وما لا يجب فعله. واﻟ
wu-tse أو القانون الضمني يعمل
وفق مبدأ اﻟ Li، والكلمة هنا تشير
إلى النمط العضوي حيث لا تناظر ولا خطوط جیومترته ولا تكرار ولا
أنساق موحدة. مثل هذا النمط العضوي نجده في تكون السحب، وفي ندف
الثلج التي لا تشبه واحدتها الأخرى، وفي زبد البحر، وبشكل خاص في
حركة الماء.
انظر إلى نهر يسير متعرِّجًا بين الأودية ويختط لنفسه طريقًا حول
الصخور والعقبات، وتأمل كم ينجز من عمل دون جهدٍ، وتشبَّه به في
عملك. يقول تشوانغ تزو: «إن تدفق الماء ليس نتيجة جهد يبذله الماء،
بل هو خصيصة طبيعية فيه، ومثله فضيلة الرجل الكامل التي لا تأتي عن
تعلم وتنمية ومع ذلك فلا شيء يخرج عن سيطرته. السماء بطبيعتها
عالية والأرض بطبيعتها صلبة، الشمس والقمر بطبيعتهما برَّاقان. هل
اكتسبت هذه جميعًا خصائصها تلك أم أنها كامنة فيها؟»
١ من هنا يدعو مريدو حكمة الزن (وهي سليلة التاوية)
أنفسهم
yum-shui والتي تعني السحاب
والمطر؛ أي أنهم يجرون كما السحاب ويتدفقون كما المطر.
(٢١) يعلن لاو تسو في هذا المقطع موقفه الإيجابي من مسائل الحياة
العملية ويبدد أوهام العدمية التي تحيط بالتاوية. فهو يقدم نصائحه
حول كيفية التعامل مع نشاطات الحياة اليومية كل بما يناسبها. إن
الفرق واضح بين موقف الإنسان العادي من المسائل العملية وموقف
الإنسان التاوي، فالإنسان العادي مستغرق في المنافسة مع الآخرين من
أجل إثبات ذاته وتتنازعه المخاوف بخصوص النجاح أو الإخفاق. أما
التاوي الذي تحرر من أناه الضيقة فقد تحرر أيضًا من وهم السمعة
والمكانة المميزة وينجز دون نظر إلى نتائج إنجازه. إنه يتكيف مع
واقع الحياة اليومية كما تنمو الزهرة وكما يسطع القمر. مثل هذه
التلقائية في الفعل والإنجاز تعبر عنها هذه الأبيات من شعر
الزن:
سرب الإوز البري يقطع السماء الواسعة في الأعلى
صورة الإوز البري تنعكس على صفحة المياه الباردة في
الأسفل
الإوز لم يقصد أن يعكس صورته على مياه البحيرة
مياه البحيرة لم تقصد الإمساك بصورة الإوز البري.
٢
(٢٢) الضمير في هذا السطر عائد إلى الحكيم الذي يتشبه بالماء.
وقد شرحنا ذلك أعلاه. ومن الممكن أن يكون موضع هذه الفقرة بعد
الفقرة ٢٠ مباشرة، وبالتالي يكون الضمير عائدًا إلى التاو نفسه أو
إلى الماء.