الفصل الثالث عشر
(٣٠) إن الاستحسان والتقريع أمران سیان بالنسبة للتاوي الذي ينجز عمله دون انتظار جزاء عنه، كلاهما يورث الإزعاج فلا هذا يدوم ولا ذاك. إذا تلقيت استحسانًا على عمل ما لا بد أن تتلقى تقريعًا على عمل آخَر. يُضاف إلى ذلك أن الاستحسان يجعل التاوي واعيًا لعمله الصالح. بعد أن كان يسلك بشكل تلقائي دون تدبير مُسبَق وإدراك للنتائج المُرتقَبة.
والتاوية في نظرتها هذه تختلف عن الكونفوشية التي تؤكد على ضرورة تكريم المجلين وتقريع المقصرين كوسيلة لإثارة الحوافز. إن الموقف الكونفوشي من مسألة الاستحسان والتقريع يعمل على زيادة الإحساس بالأنا لدى الأفراد ويرسِّخ قِيَم التنافس في المجتمع، بينما يعمل الموقف التاوي على كبح جماح الأنا الفردية، وتفتيح الذات التي لا تبحث عن جزاء من أي نشاط دنيوي تمارسه. وتتجلى أهمية الموقف التاوي بشكلٍ خاصٍّ في مجال الحكم والسياسة؛ لأن على الحاكم أن يكون أكثر الناس التزامًا بمبدأ الإنجاز الحر من أية رغبة في توكيد الأنا وتحقيق المجد الشخصي.
(٣١) المنصب العالي ليس ميزة بل هو عبءٌ ثقيلٌ. إنه يورث الإزعاج مثل جسد المرء. الجسد يتطلب رعاية دائمة؛ لأن نكران الأنا الفردية لا يعني عند التاوي نكران الجسد وتعذيبه بالصيام الطويل وتجنب سُبل الراحة، بل العكس هو الصحيح تمامًا، فمن خلال الجسد المتوازن السليم يستطيع المرء تحقيق وعي سليم من هنا، فإن مَن يحسن الحفاظ على جسده في حالة سليمة متوازنة، ويجنِّبه عواقب التطرف في الملذات مثلما يجنِّبه عواقب الزهد والتنسُّك، هو أكثر الناس صلاحية للحكم والسياسة. وحكم الدولة يشبه التحكم بالجسد. وهذا معنى قول المعلم: من يفضل رعاية جسده على حكم مملكة يمكن أن يعهد إليه رعاية مملكة.