أحد المشاهد الرائعة
جراغان في أثناء اللهيب
هذا قضاءُ الله أم غدرُ
ماذا أصابك أيها القصرُ
أعلى مراد رحت مضطرمًا
من غيرة إذ ضمهُ القبرُ
أم أنت ممَّن فيك منتحر
يا قصر أم فيما جرى سرُّ
نبكي نعم نبكي على أمل
فيك انقضى وقد انقضى الأمرُ
عن أربعين وخمسة سلفت
ما هكذا يستوجز العمرُ
أتظل دور المجد آهلةً
فينا ودورك بينها دثرُ
ويحَ القلوب وكنت حاجتها
إن لم يجدها بعدك الصبرُ
يبقى مصابك وهو يذكرنا
لو كان ينفع مثلنا الذكرُ
بَرَّا «فروق» تَبَاهَيَا زمنًا
فانفكَّ بَرٌّ والتظى برُّ
شطرَا محاسنها التي اشتهرت
إما شكا شطرٌ بكى شطرُ
•••
لما استقل بك اللهيب ضُحًى
وبدا خلال دخانك الجمرُ
وقف الزمان عليك منتخبًا
وأقام يندب حسنك الدهرُ
والزهر قدمًا كنَّ حاسدة
لما أصبت بكت لك الزهرُ
الشمس أختك ثَمَّ كاسفة
لبس الخسوف شقيقك البدرُ
أوما رآك البحر ملتهبًا
بل لو رآك لجاءك البحرُ
فيجيش للنيران غاربهُ
ويبل حرَّك ماؤهُ الغمرُ
ركضت لنجدتك الجموع وقد
خفقت لها راياتُكَ الحمرُ
كم جحفل مُجرٍ إليك سعى
فارتَدَّ عنك الجحفل المجرُ
لا البيض أغنت في مناجدة
لما أهبت بها ولا السمرُ
طلبوا المياه لكي تغاث بها
فنأى طريق دونها وعرُ
وعلا الدخان ذراك فاختبأت
في جنحهِ آياتك الغرُ
فكأنها صوَرٌ محرَّكة
وكأنهُ من دونها سترُ
قد كنت ديوانًا قصائدهُ
تلك البدائع فامَّحى الشعرُ
سالت سطورك من صحائفها
فغدت وما بصحيفة سطرُ
وانساب مهلًا وارتمى حممًا
ذاك اللجين وذلك التبرُ
وقفوا أمامك ذاهلين وقد
ملك السبيل عليهم الذعرُ
فأخذت تنقص في نواظرهم
ويزيد في أطرافك القفرُ
•••
يا منزل الأحرار إذ ملكوا
يبكي عليك مرادك الحرُّ
يبكي عليك وإن أوى جدثًا
وعلاهُ بعد سقوفك الصخرُ
هذي الطول فأين تنتحب الـ
أطيار فيك ويضحك الزهرُ
ما ثمَّ خُيست الأسود ولا
كانت تسير ظباوءُك العفرُ
•••
يا عام جاءَ أخوكَ يغدرنا
ومضى فقلنا قد مضى الغدرُ
أترى فروق ومصر أذنبتا
شقيت فروق وبنتها مصرُ
غناك شوقيها وحافظها
وهممت لو لم يعصني الفكرُ
وهباك شكرًا لست صاحبهُ
سلفًا فأبطر قلبك الشكرُ
فلئن تكن لأخيك معذرة
هل أنت عندك مثلهُ عذرُ
فلأُلبسنك من محبَّرة
يجري على أعطافها الحبرُ
مغبرة تسعى مغبرة
كلماتها وسطورها غبرُ
يا عصر إن لم تستقم معنا
فلنشهدنَّ عليك يا عصرُ
تبقى جدود الناس ناهضة
وجدودنا في خطوها العثرُ
هذي خطوب ليس يحملها
جلدٌ وينفد عندها الصبرُ