ما هو الحب
يُمكن القول الآن: إن «الحب» الذي يحدث بين الرجال والنساء في عالمنا الحديث، أو الذي كان يحدث في المجتمعات السابقة منذ أن امتلك الرجل الأرض وامتلك معها المرأة ليس هو الحب؛ فالحب لا يُمكن أن يحدث بين سيد وعبد أو صاحب سلطة وخاضع للسلطة أو بين أقوى وأضعف أو بين أعلى وأدنى.
الحب لا يُمكن أن يحدث من أجل الانتفاع والنفعية، ولا يمكن أن يحدث من أجل الاستغلال، أو من أجل المصلحة الاقتصادية أو الحماية الاجتماعية. إنَّ علاقة الحب ليست علاقة تجارية، ولا يمكن أن يشتريها الإنسان بماله أو عقاراته أو سطوته.
لكن الذي حدث في التاريخ هو تلك النكسة الإنسانية التي جعلت جنسًا يسود على الجنس الآخر، وفقدت العلاقة بين الرجال والنساء تكافؤها الطبيعي بحكم أنهم جميعًا من البشر وأن المرأة إنسانة كالرجل لها جسم وعقل ونفس.
وبفقدان هذا التكافؤ لم يعد من الممكن أن تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة بسبب الحب الحقيقي وإنما لأسباب أخرى متعدِّدة.
إن شرطًا من شروط الحب هو التكافؤ، معنى التكافؤ هو أن يكون المحبان متكافئين، إذا كان أحدهما إنسانًا له جسم ونفس وعقل فلا بد أن يكون الإنسان الآخر إنسانًا له جسم ونفس وعقل، ولا يمكن للحب أن يحدث بين إنسان متكامل العناصر وبين آخر ليس له إلا جسد فحسب؛ لأن الحب هنا يفقد شرط وجوده وهو التبادل الجسمي والنفسي والعقلي.
لكن المجتمع استأصل من المرأة عقلها ونفسها فلم يعد في إمكان الرجل أن يتبادل معها الحب، كل ما كان يمكن أن يحدث بينهما هو نوع من الاتصال الجنسي، ليس هو الحب بأي حال من الأحوال، وإنما هو تلك الحركات الجنسية اللاإرادية التي تدفع الذكر إلى الأنثى من أجل الإخصاب والمحافظة على النوع في جميع الكائنات الحية ابتداءً من الديدان والحشرات إلى الزواحف والثدييات.
ولكن الإنسان يتميز عن الحيوانات والحشرات بقدرته على استخدام عقله ونفسه بطريقة إرادية واعية، وتختلف العلاقة الجنسية في الإنسان عنها في سائر الحيوانات؛ لما حظيَ به الإنسان من تلك الصفات العقلية والنفسية. إن هذه الصفات هي التي تُؤهِّله للاختيار والحرية والمسئولية.
ويقول العالم وادمنجتن: «الإنسان كائن يتميَّز بالوعي والإرادة، وهو مسئول عن أفعاله، هذه المسئولية هي أرقى صفة يملكها الإنسان. إنَّ أي مزيد من الارتقاء هو ارتقاء بهذا المعنى، وهذا هو سبب ذلك الارتباط الوثيق بين حياتنا الجنسية وهذا الارتقاء. إن الجنس ليس هو عملية إنجاب الأطفال فحسب، ولكنه في الحقيقة عملية نتجت من عمليات التطور والارتقاء التي حدثت للكائنات الأدنى وهي تُواصل بذكاء عملية تطورها وارتقائها داخل الكائن فتنقله دائمًا إلى كائن أكثر رقيًّا.»
ومعنى هذا أن الغرض من علاقتنا الجنسية هو إحداث عملية النمو والارتقاء ودفعها إلى الأمام، هو خلق مزيد من الأصالة والحرية والمسئولية للإنسان، وقد خلقت الطبيعة الرغبة الجنسية لتكون أداة لهذا الغرض العظيم، وهذا هو سبب تأثيرها القوي في الإنسان، وكم يكون هذا التأثير مُدمرًا للإنسان إذا انحرفت هذه الرغبة عن مسارها الطبيعي بسبب الكبت وضغوط المجتمع.
الجنس إذن ليس رغبة الجسم وحده، ولكن رغبة الجسم والعقل والنفس؛ ولهذا لا يُمكن لنا أن نفسر الجنس بيولوجيًّا فنقول: إنه ضروري للتناسل، أو نُفسِّره فسيولوجيًّا فنقول: إنه بسبب التغيرات التي تحدُث في نسب الهرمونات في الدم. إن الجنس أكبر بكثير من هذه التفسيرات العملية المحدودة، والتناسل ليس إلا أحد وظائف الجنس المتعدِّدة الشاملة لجميع مكوِّنات الإنسان، التناسل وظيفة الجهاز التناسلي في الإنسان، أما الجنس فهو وظيفة أجهزة الإنسان جميعًا جسمًا ونفسًا وعقلًا.
الجنس عمل إنساني يرتبط بكيان الإنسان لا من أجل التناسل، وإنما من أجل النمو الروحي في الإنسان، وكما قال «بردييف» في كتابه «مصير الإنسان»: «إنَّ معنى اتحاد الرجل والمرأة ليس بسبب استمرار النوع، ولكن بسبب نمو شخصية الإنسان ورغبته الجامحة لبلوغ الكمال والخلود.» ويقول بيتر فليتشر: «البحث عن الحب إنما هو بحث لمعرفة الذات ورغبتنا في الحب هي رغبتنا لأن يُعترف بنا لا من أجل ما «نفعل» ولكن من أجل ما «نكون»، الحب قد يحتوي على عاطفة ولكنه ليس عاطفة، وقد يحتوي على إعجاب ولكنه ليس إعجابًا، إنه ما يتبقى بعد أن ترضى الرغبة وتنفق العاطفة؛ ذلك الاحتياج لأن يرى المرء حقيقتَه في حقيقة شخص آخر.»
إنَّ مضمون معظم الأديان التي ظهرت في تاريخ البشرية هو أن الله هو الحب، الحب هو إله الحياة في الإنسان ويقابله نقيضه وهو إله الموت، الحب يبني ويثري الإنسان والحياة، ونقيض الحب يفقر ويهدم الإنسان والحياة.
حين يولد الطفل لا يعرف كيف يفرق بين نفسه والعالم الخارجي، إنه يرى نفسه والعالم الخارجي شيئًا واحدًا، ولهذا فهو يحب الأشياء من حوله كما يحب نفسه، يحب نور الشمعة كما يحب يده، فإذا ما لمست يده نور الشمعة وشعر بالألم أدرك من خلال الألم أن الشمعة ليست جزءًا من نفسه، ويتعرَّف الطفل شيئًا فشيئًا على نفسه، وكلما عرفها وأحبها أحب ما يشبهها، الطفل يحب الدمية أو العروسة لأنها تشبهه، وقد بدأت الحياة الإنسانية حين أحب آدم حواء وأحبَّت حواء آدم، لقد وجد كل منهما في الآخر شبيهًا له أقرب إليه من سائر الحيوانات الأخرى.
وتقول جيرمان جرير: إنَّ التشابه دعامة الحب وليس الاختلاف، وقد فهم الرجل خطأً أنه يحب المرأة لأنَّها تختلف عنه، وبسبب تضخيم المجتمع للفروق بين الرجل والمرأة فقد أصبح الرجل يُفضِّل الجلوس والسهر مع صديقِه عن امرأته، إنه يجد في الرجل إنسانًا شبيهًا له، له جسم وعقل ونفس، أما المرأة فإنه يجد جسمها فقط، فكأنما قد أصبحت من فصيلة أخرى غير فصيلته.
وهذا أمر طبيعي؛ فالحب يقوم على التبادل، والتبادل لا يمكن أن يحدث بين كائن من فصيلة أعلى وآخر من فصيلة أدنى، التبادل لا يمكن أن يحدث بين شخصين غير متساويين أو غير متكافئين، إن عدم التساوي أو عدم التكافؤ يجعل أحدهما في وضع أقوى، وتصبح العلاقة بينهما علاقة بين قوي وضعيف أو بين أعلى وأدنى، ومن هنا لا يحدث التساوي المطلوب في التبادل؛ لأن الأقوى — بحكم وضعه — سيستغل الأضعف، ولأن الأضعف — بحكم ضعفه — سيحتاج إلى حماية الأقوى ويتنازل عن بعض حقوقه من أجل هذه الحماية.
والحب لا يُمكن أن يقوم على علاقةٍ يشوبها استغلال، أو يشوبها احتياج للحماية من أي نوع، الحب لا يقوم لأنَّ الإنسان يريد أن يأكل ويشرب أو يتناسل، الحب لا يقوم لأن الإنسان يريد أن يحصل على حماية أو وصاية، الحب ليس هروبًا من مشاكل الحياة، وليس رغبة في الحصول على المأوى أو الأمان أو الضمان الاجتماعي، الحب ليس تبادلًا للمنفعة، وليس بحثًا عن الراحة في الحياة أو التكيُّف المريح معها، الحب ليس هروبًا من وحدة أو ملل أو فشل.
والحب ليس امتلاكًا وليس سيطرة وليس شعورًا من طرف واحد مهما كان هذا الشعور.
إنَّ هذا الحب الذي تطفح به الأغاني الملتهبة الملأى بالنواح والعويل ليس حبًّا، وليس حبًّا ذلك الذي ساد أدب القرن التاسع عشر والعشرين حيث القصص الملأى بعذابات الحب من طرف واحد.
إن هذه الصفات التي شاعت عن الحب من حيث إنه أعمى وإنه مجنون وإنه قدر يحلُّ بالإنسان من أول نظرة كالسهم القاتل فيصبح أسيرًا له فاقد الإرادة فاقد الوعي فاقد البصر، هذه الصفات ليست صفات الحب.
فالحب ليس سهم كيوبيد ينطلق ويصيب الإنسان، ليس الحب مرضًا، وليس انهيارًا مؤقتًا، وليس حالة من الطغيان العاطفي، الحب ليس جنونًا، والحب ليس أعمى.
إن هذا الحب المريض كان نتيجة طبيعية للوضع الذي وُضِعَت فيه المرأة منذ سلبها المجتمع عقلها واعتبرها جسمًا فقط. إن صفات الإنسان النفسية والعقلية هي التي تميزه عن سائر الحيوانات الأخرى، وهذه الصفات هي التي تمنحه القدرة على الاختيار والوعي والإرادة، فإذا ما فقدها فقد القدرة على الاختيار والوعي والإرادة.
وبرغم أن المجتمع لم يسلب من الرجل ما سلبه من المرأة إلا أن الحب المتكامل لا يمكن أن يحدث من طرف واحد، ولا يمكن للرجل أن يتبادل صفاته النفسية والعقلية مع فراغ، وهكذا عجزت صفات الرجل النفسية والعقلية عن ممارسة التبادل الضروري لنموِّها وازدهارها، وتعطلت شأنها شأن صفات المرأة النفسية والعقلية، ولم يبقَ أمام الرجل والمرأة إلا جسماهما، والرغبة الجسمية (المجرَّدة عن الرغبة النفسية والعقلية) رغبة محمومة لا إرادية، تعتمد على ذلك الانجذاب اللاإرادي الذي يحدث بين المواد بسبب تغيراتها الكيمائية والفيزيوكيمائية.
هذا الانجذاب العشوائي الذي يحدث بين كتلة وكتلة، انجذاب بلا وعي وبلا إرادة وبلا اختيار وبلا مسئولية.
وما أبعد هذا الانجذاب الأعمى عن علاقة الحب الإنسانية الحقيقية؛ فالحب عند الإنسان عملية واعية ترتكز في أساسها على الاختيار الحر والإرادة.
الحب أرقى عملية يمارسها الإنسان؛ لأنه من خلالها تستطيع مكوناته الجسمية والنفسية والعقلية جميعًا أن تمارس أعلى وظائفها وأعمقها تغلغلًا في كيان الإنسان، الحب عملية واعية فاهمة عميقة، بل لعلَّها العملية الوحيدة التي يستطيع الإنسان من خلالها أن يصل إلى أعمق أعماق شخصيته.
ومن الحقائق العملية أن الكائن الحي حين يفقِد جزءًا من أجزائه فإنه يعوض عن فقدان هذا الجزء بتضخيم الأجزاء الأخرى، وهذا هو ما يحدث عند الإنسان. إن هذا التضخيم الذي حدث للعلاقة الجسمية بين الرجل والمرأة لم يكن إلا للتعويض عن فقدان العلاقة النفسية والعقلية بينهما، إن هذا التضخيم للانجذاب الجسدي بين الرجل والمرأة لم يكن إلا بسبب فقدان الانجذاب النفسي والعقلي؛ فالحب يقع من أول نظرة حين تقع عينا الرجل على المرأة ويرى شفتَيها الممتلئتين المتوردتين ونهديها البارزين وردفيها المكتنزتين وأغاني الحب وقصص الحب كلها تتغنى بجمال الشفتين والساقَين والنهدَين والخصر والردفين.
وهذا هو السبب وراء تفشي علاقات الحب المريضة سواء في الأدب أو الفن أو حياة الناس الواقعية، والأصل في ذلك يرجع إلى اليوم الذي انقسم فيه الناس إلى نوعَين؛ نوع أعلى ويستحق السيادة والحكم وهم الرجال، ونوع أدنى ويستحق التبعية والخضوع والطاعة وهم النساء.
وتعرَّضت المرأة لجميع أشكال الضغوط والقيود بسبب القوانين التي وضعها الرجل الحاكم، ومن المعروف أن الحكام يضعون القوانين لتسريَ على المحكومين فحسب وليس على الحكام.
واضطرَّت المرأة إزاء هذه الضغوط والقيود المفروضة عليها بالقوة أن تكبت رغباتها الطبيعية. ويقول علم النفس: إنَّ الكبت ينتج عن الخوف بسبب القوة الضاغطة وليس بسبب الخطر الذي يمكن أن يحدث.
ويضطرُّ الإنسان أمام هذه القوة التي يخافها أن يلغي نفسه؛ فالكبت إذن إلغاء النفس أمام الآخرين، وهو أن يفرغ الإنسان نفسه من نفسه ويملأها برغبات الغير؛ لأنه في عملية الخضوع والطاعة تخلَّص من شخصيته وتخلَّص معها من خوفه.
هذا هو ما حدث للمرأة. لقد ألغت نفسها أمام الرجل. لقد تخلصت من شخصيتها لتحصل على الخضوع والطاعة وتحصل معها على الحماية والأمن ورضا الرجل.
إنها عملية وقائية تلجأ إليها كل الكائنات الحية في مواجهة القوى المحيطة بها والتي يمكن أن تُهدِّدها أو تخيفها. إن الانسحاب من أمام القوة وسيلة من وسائل المقاومة عند جميع الكائنات الحية ابتداءً من الأميبا إلى الإنسان، وإن الإغماء الذي يحدث للإنسان أحيانًا حين يستشعر الخطر ما هو إلا محاولة لإلغاء النفس أمام هذه القوة.
وكذلك التماوت أو التظاهر بالموت الذي تجيده بعض الحيوانات حين تواجه قوًى أكبر منها.
في قمة الصراع واليأس يتجاوب الإنسان بالإغماء أو الشلل أو عدم الإحساس أو أية طريقة أخرى للانكماش المؤقت. إنه تخدير في الحواس لتفادي الصراع واليأس.
هذا التخدير في الحواس قد لا يكون نفسيًّا أو عقليًّا فحسب، ولكنه قد يكون جسميًّا وعضويًّا أيضًا. إن عضوًا من أعضاء الجسم قد يفقد إحساسه تمامًا ويصاب بالشلل.
وقد قاومت المرأة الكبت المفروض عليها منذ طفولتها وطوال مراحل عمرها بالانكماش وتخدير الحواس، وأصبحت حواس المرأة مخدَّرة باردة يصعب إثارتها.
ويصف علم النفس كيف يقاوم الإنسان الكبت والمراحل التي يمر بها حتى يصل إلى مرحلة البرود وتخدير الحواس، فمنذ أن تتولد رغبة ما في الإنسان تحدث تغيرات داخل الإنسان تولِّد الطاقة اللازمة لتحقيق هذه الرغبة عن طريق الفعل، فإذا لم يحدث الفعل وكُبِتَت الرغبة حدث في الإنسان ضغط كضغط البخار محدثًا أحاسيس جسمية ونفسية سُمِّيت في علم النفس بالعاطفة.
- (١)
مرحلة حدوث المؤثر: وتبدأ بتولُّد الرغبة في الإنسان بسبب مؤثر وتصاحبها تغيرات جسمية مثل زيادة النبض وسرعة التنفس.
- (٢)
مرحلة المقاومة: وفيها يستعدُّ كل عضو في الإنسان للعمل وفق هذا المؤثر وهي مرحلة بناء تُثري الإنسان وتقويه وتجدد نشاطه، ولهذا فإن غياب كل التحديات ليس صحيحًا، ولا بدَّ للإنسان من أن يواجه تحديات وصعوبات ليقاومها، فإذا ما انتصر عليها فاز بالنضوج.
أما إذا كانت هذه التحديات أكثر قوة منه فانتصرت عليه فإنه يدخل إلى المرحلة الثالثة وهي مرحلة الإرهاق.
- (٣)
مرحلة الإرهاق: ويُصبح فيها الإنسان أقل حساسية لهذه الضغوط والمؤثرات الاجتماعية، يصبح جلده أقل حرارة، ويصبح ذكاؤه أقل؛ أي إنه ينطوي على نفسه لا ليبتعد عن هذه المؤثرات فحسب ولكن ليبتعد عن الحياة ذاتها، وتزيد عملية الهدم داخله عن عملية البناء، إنها مرحلة هدم إذن يقتل فيها الإنسان نفسه شيئًا فشيئًا.
وهذا هو ما يحدث للمرأة، إنها تُقاوم ثم تنهزم وتستسلم لمصيرها بعد أن تمر بمرحلة إرهاق تتركها باردة الجسم والنفس والعقل، وهذا هو السبب في أن المرأة لا تثار جنسيًّا في معظم الأحيان إلا إذا ضربها الرجل أو شد شعرها أو قرصها أو عضها. إن هذه الرغبة في استشعار الألم ما هي إلا رغبة في إحداث درجة أعلى من الانفعال للتغلب على التخدير الذي حدث في الحواس.
الكبت إذن هو السبب وراء ماسوشية المرأة وسادية الرجل، ومن هذا الكبت نبع الحب المريض والأدب المريض الذي يتغنَّى بالآلام والحرمان والعذابات والتأوهات.
الحب الحقيقي لا يقوم على الحرمان، وإنما شرط من شروط الحب هو التبادل والارتواء، إن الحرمان هو «عدم الفعل» أو الكبت، وهو دمار لشخصية الإنسان، أما الحب فهو «عدم الكبت» هو أن نتصرف ونتَّخذ قرارًا بأنفسنا وعلى مسئوليتنا، والفعل هنا يُثري أنفسنا بصرف النظر عن نجاحه أو فشله؛ لأنه فعل حقيقي صدر عن الشخص ذاته وليس رد فعل للآخرين.
الفعل شرط من شروط الحب الحقيقي، أما الحب الرومانتيكي فهو حب مريض بغير فعل، هو حب محروم يتغذى بالحرمان ويعيش على ردود الفعل.
لم يكن أمام المرأة المكبوتة إلا أن تُضحي بالفعل وتُصبح حياتها ردًّا لفعل الرجل؛ فالرجل هو الذي يفعل والمرأة تنتظر فعل الرجل، وجميع التعبيرات الجنسية تصف الرجل دائمًا بأنه الفاعل وهو الغازي وهو الفاتح وهو المقتحم، أما المرأة فهي المفعول به.
الفعل شرط من شروط النمو النفسي والعقلي ونضوج الإنسان واستقلاله؛ فالذي لا يفعل لا يتعلم، والذي لا يتعلم لا ينضج، والذي لا ينضج لا يستقل.
إنَّ معنى الاستقلال هو أن يتَّخذ الإنسان قرارًا بنفسه ويتصرف على مسئوليته وحده وهذا هو الفعل، أما رد الفعل فهو أن ينتظر الإنسان قرارًا لآخرين فيتصرف وفق قرارهم وعلى مسئوليتهم، إن الإنسان الضعيف غير المستقل غير الناضج هو الذي يتحرَّك بردود فعل الآخرين، إنه يخاف المسئولية ويُفضِّل عليها راحة الطاعة والخضوع.
والإنسان إنسان بقدر ما لديه من قدرة على الحرية والإرادة والاختيار والمسئولية، والحب بين إنسان وإنسان يُصبح حبًّا إنسانيًّا بقدر ما لديهما من قدرة على الحرية والإرادة والاختيار والمسئولية.
لكن المرأة كانت عاجزة — بحكم قيود المجتمع — أن تحظى بشرف المسئولية. فرض الرجل على المرأة وصايته وحمايته وأصبح مسئولًا عنها؛ فالأب مسئول عن ابنته، والأخ مسئول عن أخته، والزوج مسئول عن زوجته، بل إنَّ الابن الذكر يكون مسئولًا عن أمه.
شهدت بعينَي رأسي منذ أيامٍ مشادَّة وقعت بين شابٍّ وأمه التي ربته والتي تبلغ من العمر الخامسة والأربعين، كانت الأم ترتدي ملابسها استعدادًا للخروج فإذا بالابن يمنعها قائلًا إنه مسئول أمام المجتمع عن تصرفاتها.
والزواج في جوهره وقوانينه يجعل الرجل مسئولًا عن زوجته، مسئولًا عن إعالتها، مسئولًا عن تصرفاتها، مسئولًا عن خروجها ودخولها بحيث ينصُّ على أن الزوجة حين تخرج من البيت يجب أن تحصل على إذن زوجها وحين تُسافر يجب أن تحصل على موافَقة كتابية من زوجها وإلا مُنِعَت من السفر.
إنَّ إفراغ المرأة من مسئوليتها إفراغ لشخصيتها من لبِّ الإنسان وجوهره وتميزه عن سائر المخلوقات، وبهذا الإفراغ لم يعد للمرأة إلا قشرتها الخارجية الظاهرية أمام الأعين، لم يعد للمرأة إلا غلافها الجسدي الخارجي.
ولم يعُد أمامها إلا أن تنشغل بهذا الغلاف الجسدي؛ فهي تدلكه وهي تنعمه، وهي تزيل الشعر من فوقه كلما نما، وهي تُعرِّيه تارة وتُخفيه تارة، وهي تنفق عليه كل ما يقع تحت يدها من مال وكل ما تجد عندها من وقت.
ويؤكِّد لها المجتمع من حولها هذه الحقيقة؛ فالصحف والمجلات حين تخاطب المرأة تخاطبها كطبقة من الجلد تحتاج إلى تدليك بأنواع خاصَّة من الكريم، وكرموش تحتاج إلى تقوية وتغذية، وكشفاه تحتاج إلى طلاء بلون الورد، وكشعر يحتاج صبغات تتناسَب مع لون الفستان وهكذا.
والرجل حين يلتقي بها يُفْرِغ في مهبلها سائله المنوي فيَضيع توتُّره البيولوجي الناتج عن ضغط هذا السائل على أعضائه، ويشعر براحة تشبه تلك التي يشعر بها حين يفرغ مثانته من البول، وكما يشيح بوجهه عن الوعاء الذي بال فيه كذلك يُشيح بوجهه عن المرأة التي اتَّصل بها جنسيًّا ويعطيها ظهره، وأحيانًا يبصق بالقرب منها أو بعيدًا عنها حسب مستواه الاجتماعي.
ويعجز الرجل بطبيعة الحال عن حب المرأة؛ لأنه يرى نفسه إنسانًا، أما هي فلا يراها إلا وعاءً؛ فالقدرة على الحب تعتمد على قدرة الإنسان على إدراك حرية الشخص الآخر وحقيقته واحترامها، حين يكف الشخص الواحد عن التصرف وفق رغبته فحسب ويُدرك الشخص الآخر ويحترمه ويعترف به، وهذا يفرق علاقة الإنسان بالأشياء وعلاقته بالإنسان الآخر الذي ليس شيئًا وإنما إنسان مثله تمامًا.
هذا التماثُل هو أصل الحب؛ لأن التبادُل لا يُمكن أن يحدث بغير التماثل. إن الفروق الضخمة التي وضعها المجتمع بين الرجل والمرأة جعلتهما غير مُتماثلَين، فلم يعُد في الإمكان حدوث التبادل بينهما، وأصبحت العلاقة أخذًا من طرف وعطاءً من الطرف الآخر.
وتعلَّم الرجل الأنانية، تعوَّد على أن يأخذ فحسب، تعوَّد على أن رغبته هي التي تحركه فحسب، أما رغبة المرأة فهو لا يعرف عنها شيئًا ولا يتصوَّر وجودها. إن معظم الأزواج لا يُمارسون العلاقة الجنسية مع زوجاتهم إلا حين يرغبون هم، وحين يريدون هم، وبالطريقة التي يريدون، وبصرف النظر عن رغبة الزوجة أو استعدادها لذلك، وإن قانون الزواج يفرض على الزوجة أن تلبي رغبة زوجها في أي وقت من الليل أو النهار حسب مشيئته ورغبته، فإذا ما عجزت لتعب أو مرض اعتُبِرَت في حال لا يُمكن الانتفاع بها كزوجة، ويحق لزوجها أن يتركها ويُسْقِط حقها في النفقة.
إن الأنانية هي الصفة الأولى لعلاقة الرجل بالمرأة، وما هذه الغيرة التي يشعر بها الرجل على امرأته إلا بسبب الأنانية وليست بسبب الحب؛ فالمرأة تصبح ضمن ممتلكات الرجل مثل سيارته أو دراجته أو حماره، إنه يخاف عليها أن تُسْرَقَ منه، وحقده على السارق أكثر من حقده على الشيء المسروق، ومن هنا تلك المشاهد التي رأيناها كثيرًا في الحياة الواقعية وفي الفن والأدب وعلى الشاشة حين يضبط الرجل رجلًا يُغازل زوجته أو حبيبته، فإذا به يُشمِّر أكمامه ليَضربه أو يستل سيفه ويُبارز الرجل على حين تقف المرأة تتفرَّج على القتال.
وإزاء أنانية الرجل كانت هناك تضحية المرأة؛ فالمرأة تُضحي وتُعطي وتسلم نفسها وتستسلم، وكل هذه التعبيرات التي تصف علاقة المرأة بالرجل.
وكما لا يقوم الحب على الأنانية، كذلك لا يقوم الحب على التضحية؛ فالمرأة التي تقول للرجل إنها ضحت بنفسها من أجله امرأة لا تشعر بالحب؛ فالحب ليس تضحية بالنفس وليس نكرانًا للذات. إن نكران المرأة لذاتها أنانية مقنعة؛ فهي تُضحي بنفسها لسبب واحد هو أنها لم تكن تملك هذه النفس؛ فهي تضحي بشيء لا تملكه.
والإنسان الذي فقد ذاته أو نفسه لا يستطيع أن يحب؛ فالحب توكيد لثقة الإنسان في ذاته، وامتداد لحبِّه لنفسه ليحب سائر البشر، والمرأة من خلال ضغوط المجتمع والكبت فقَدت ذاتها وفقدت ثقتها في نفسها، ولعلَّ أكبر دليل على عدم ثقة المرأة بنفسها هو تلك المساحيق الكثيرة التي تحاول بها إخفاء حقيقتها وتلك الطبقة السميكة من الطلاء التي تتنكَّر تحتها. لقد فقدت المرأة ثقتها في نفسها إلى الحد الذي أصبحت فيه عاجزة عن أن تواجه الناس بوجهها الحقيقي، ومن النادر أن نجد امرأة على قدر من الشجاعة والثِّقة بالنفس إلى الحد الذي تخرج به من بيتها بوجه مغسول نظيف بغير مساحيق.
إن تشدُّق المرأة بكلمات التضحية في الحب ليس إلا نوعًا من التجارة، إنها شخصية غير مستقلة وفي حاجة إلى حماية، ومن أجل أن تكسب حماية الرجل فهي تدعي أنها تعطيه نفسها، والحقيقة أنها فقدت هذه النفس منذ زمن طويل حين قبلت سيادة الرجل ووصايته وتنازلت عن حقها الطبيعي في تحمُّل المسئولية وفي الإرادة والحرية.
ولكن ما من طريق آخر تجده المرأة أمامها. إنَّ الزواج الذي تسعى إليه لتحتمي في رجل لا يمثل لها بر الأمان؛ فهي في ظل الزواج مهددة دائمًا بأن يتركها الرجل بسبب أو بغير بسبب، وهي بغير رجل لا تستطيع أن تعيش، إنها في حاجة دائمة إلى الرجل ليعولها أو ليحميها اجتماعيًّا أو نفسيًّا أو جسديًّا، وشتان بين هذه الحاجة والحاجة إلى الحب الحقيقي؛ فالحب هو تلك الحاجة التي يشعر بها الإنسان المستقل بعد أن يُشبع كل ضروريات الحياة، أما المرأة فهي تحتاج إلى الرجل؛ لأنها بغيره لا تستطيع أن تُشبع ضروريات حياتها.
وهذا يفسر لنا كثيرًا من الظواهر التي نراها في الزواج أو في علاقة الرجل بالمرأة؛ فالزوجة تسعى بكل ما أوتيت من جهد أن تربط زوجها بها حتى لا يتركها بسهولة؛ فهي تخدمه وتطيعه وتلبي كل رغباته، إنها تدَّعي البلاهة والغباء أحيانًا لتصدِّق أكاذيبه وتفاهات غروره، إنها تُرضي غروره، وتوهمه أنه الرجل الوحيد على الأرض، إنها تربطه بالبيت بوسائل مختلفة متعدِّدة، مرة تستخدم الأطفال وتلد له منهم أكبر عدد، ومرة تستخدم غريزة حب الطعام فتصنع له كل يوم طبقًا جديدًا، ومرة تستخدم الغريزة الجنسية فتتفنَّن في إغرائه وفي إثارته.
تفعل ذلك كل يوم وكل ليلة بغير كلل أو ملل، إنها تعلم أن التكرار يصنع العادة، وأن العادة حين تتمكَّن من الإنسان تسيطر عليه فلا يتخلَّى عنها.
إنَّ الزواج الذي يستمر ونُسميه زواجًا ناجحًا لم ينجح بسبب الحب وإنما بسبب العادة، والزوج هنا كالمدمن الذي يسوقه إدمانه كل يوم إلى زوجته، إنه قد يكرهها وقد يملها وقد يود في أعماقه لو تخلَّص منها، لكن قدميه تسوقانه إلى داره كل يوم بحكم العادة.
والحب ليس عادة وليس إدمانًا وليس عملًا لا إراديًّا وليس عملًا غير واع، الحب عملية إرادية واعية تتم بسبب قدرة الإنسان على الاختيار الحر، هذه القدرة لا تكون إلا في إنسان مستقل.
إن الاستقلال شرط من شروط نضوج الشخصية، ونضوج الشخصية شرط من شروط تحقيق الذات، وتحقيق الذات شرط من شروط الحب.
وهكذا نُدرك أن القُدرة على الحب هي أعلى قدرات الإنسان وأنضجها وأكثرها وعيًا، وليس هناك من تعبير عن حاجة الإنسان إلى الكمال أبلغ من الحب؛ فالحب ينشأ عند الإنسان بعد أن يُلبي كل احتياجاته، الحب جوع يشعر به الإنسان بعد أن يُشبع كل رغباته وغرائزه، هذا الحب قادر على تحريك كل ملكات الإنسان في الخيال والابتكار وتفجير كل طاقاته الجسمية والنفسية والعقلية.
والحياة الخالية من الحب هي حياة ناقصة مهما كانت الإنجازات التي يُحققها مثل هذا الشخص في أي ميدان من ميادين النشاط؛ فالحب هو تحقيق الذات، ولا يستطيع الإنسان أن يخدم غرضًا أسمى من تحقيق ذاته، أو أن الإنسان لا يستطيع بدون تحقيق ذاته أن يدرك من تحقيق الأغراض الأخرى شيئًا.
وإذا كان مفهوم «التسامي» قد كُشِفَ، وأنه ليس هناك ما هو أسمى من الجنس بمعناه الصحيح في حياة الإنسان، وأن الشرف ليس هو نكران الجنس والإعراض عنه، ولكن الشرف هو الصدق؛ صدق الإنسان المتكامل جسدًا ونفسًا وعقلًا، الشرف هو صدق الجسد وصدق النفس وصدق العقل.
وإذا كان الحب ينبع من إرادة الإنسان وحريته واستقلاله، وإذا كانت الحضارة تُعرف بأنها قدرة الإنسان على السيطرة على حوافزه وغرائزه؛ فإن الإنسان يصبح أكثر تقدمًا حين يصبح أقوى إرادة؛ وبالتالي حين يتحرَّر من إرادات الغير والضغوط الاجتماعية التي تُفْرَض عليه.
ولا يُمكن للإرادة أن تنمو وتشتد إلا بالتدريب والممارسة شأنها شأن عضلات الجسم تقوى بالتدريب الرياضي المستمر وممارسة الحركات الضرورية للنمو الدائم منذ الطفولة.
إن مكونات الإنسان الجسمية والنفسية والعقلية تنمو وتتطور منذ الطفولة حتى نهاية العمر، ويتوقَّف هذا النمو والتطور على مقدار الخبرات والتجارب التي يمارسها الإنسان منذ لحظة ولادته حتى لحظة مماته.
كما أن أجهزة الجسم المختلفة لا تقْوَى إلا بالتدريب والممارسة الفعلية لمختلف أنواع النشاط الجسمي، كذلك فإن النفس لا تقْوَى إلا بالتدريب والممارسة الفعلية لمختلف أنواع نشاطها وكذلك العقل وكذلك جميع أجهزة الإنسان وأحدها الجهاز التناسلي.
ولا يعني هذا القول أن الخبرة بالجنس لا تُكْتَسَب إلا بتعدُّد العمليات الجنسية مع أكبر عدد من الأشخاص؛ فإن الرجل الذي يُطْلَق عليه اسم «الدون جوان» أو «زير نساء» أقل الرجال خبرةً بالجنس بمعناه الصحيح؛ وبالتالي فهو أكثرهم فشلًا في علاقاته مع النساء، وهذا الفشل هو السبب الحقيقي وراء انتقاله من امرأة إلى امرأة.
إن الجنس ليس حركات جنسية تؤدى، وليس هروبًا من فشل ما أو تعويضًا عن نقص ما، الجنس هو التقاء شخصيتين متكاملتين لقاءً حرًّا، فإذا ما خبر إنسان ما (رجلًا كان أو امرأة) هذا الجنس فإن هذه التجربة تصبح في حياته خبرة إنسانية حقيقية تثري حياته وتساعد على ازدهار شخصيته وتزيد من قدراته على التفكير الحر والابتكار.
إن النضوج الإنساني يحدث حين تتراكم لدى المرء الخبرات بالحياة والناس، ولا يُمكن لإنسان أن ينضج وتكتمل شخصيته إذا ما عاش وحيدًا منعزلًا عن الناس والمجتمع، وقد حُرِمَت معظم نساء العالم من النضوج بسبب انغلاقهن داخل البيوت وحرمانهن من الخبرات الضرورية للحرية واكتمال الشخصية، وبالإضافة إلى هذا الحرمان فإن ضغوط المجتمع الأخلاقية جعلت المرأة تكبت رغبتها الجنسية، وتكبت معها أيضًا الرغبة في الحرية الشخصية بصفة عامة؛ فالرغبة الجنسية ليست رغبة جسمية فحسب ولكنها رغبة نفسية للحب والحرية.
إن الشخصية الناضجة هي وحدها التي تستطيع أن ترغب الحرية وتسعى إليها دون أن تخشاها، فالحرية تخيف الإنسان غير الناضج غير المُستقل، ومن خوفه منها فإنه يفضل عليها العبودية وأمن التوافق الاجتماعي.
وهذا هو ما حدث للمرأة. لقد حرمها المجتمع من نضوج الشخصية والاستقلال؛ وبالتالي عجزت عن أن ترغب الحرية.
إن عزل المرأة داخل البيت حرمها من الخبرة والوعي، وأصبحت المرأة تجهل الحياة وتجهل الرجل وتجهل نفسها.
والجهل هنا لا يعني غياب المعلومات، ولكنه يعني أيضًا وجود المعلومات الخاطئة والخزعبلات التي ملأت رأس المرأة بسبب تقاليد المجتمع المختلفة.
فما أجهل تلك المرأة التي تتصور أن دمها أثناء الطمث نجاسة! وما أجهل تلك المرأة التي تتصور أن قطع بظرها ضروري لتُصبح طاهرة نظيفة!
والجهل الذي فُرض على المرأة فُرض بطبيعة الحال على الرجل؛ لأن الرجل هو الذي خلق هذه الإشاعات والمعلومات الخاطئة عن المرأة وهو الذي روَّجها لصالح سيادته وسيطرته.
ويهبط جهل الرجل والمرأة بالعلاقة بينهما إلى درجات دنيا تزيد بزيادة ذلك الجهل، ولا يُمكن للعلاقة بينهما أن ترقى إلى مستوى الحب ما لم يقضيا معًا على جهلهما، والقضاء على ذلك يستلزم أول ما يستلزم أن تعود العلاقة بين الرجل والمرأة إلى طبيعتها الأولى بحيث لا تكون هناك سيادة لأحد على أحد.