الفصل العشرون
لمحة عن ملوك كوش من قُبَيل فتح الإسكندر لمصر حتى نهاية عهد بطليموس الرابع
تحدثنا فيما سبق عن الحملة التي قام بها الملك «خباباشا» على بلاد النوبة في عهد الملك
«نستاسن» على حسب رأي الأستاذ «هنتسه» الذي أوردناه فيما سبق، وقد حاول الأستاذ «هنتسه»
على حسب
تحليله للحوادث أن يجعل وضع تواريخ ملوك كوش تختلف بعض الشيء عن التي وضعها أخيرًا الأثري
«دوس
دنهام»، وقد أوردناها في القائمة السالفة، ويرى القارئ فيها بعض الاختلافات البارزة من
حيث التاريخ،
ومن حيث الترتيب، وسنتبع هنا في سرد هؤلاء الملوك وما خلَّفوه لنا من آثار على حسب ما
جاء في قائمة
«دوس دنهام» مشيرين في الوقت نفسه إلى أوجه الخلاف بينه وبين «هنتسه».
الملك أمانيباخي
جاء ذكر هذا الملك في القائمة التي وضعها الأستاذ «دوس دنهام» بعد الملك «نستاسن»
الذي
تحدَّثنا عنه في الجزء الثالث عشر من مصر القديمة، وقد وضع الأستاذ «دوس دنهام» الملك
«أمانيباخي»
بعد «نستاسن» مباشرة، ولكن «هنتسه» لم يعترف بذلك.
ويقول «دنهام»: إنه حكم من عام ٣٣٧ إلى ٣٢٢ق.م وإنه لم يعرف له قبر؛ ولكنه أضافه
إلى مجموعة
الملوك الذين دُفِنوا في جبَّانة «نوري»، ويرجع السبب في ذلك
إلى أنه وُجِدت في مقبرة «نوري» رقم مائة لوحة رقم واحد، وكذلك وجدت مائدة قربان رقم
ستة، وهذان
الأثران من الجرانيت، وقد نُقِش على كلٍّ منهما اسم «أمانيباخي»، وقد نُقِش في الأثر
الأول الاسم
في طغراء،
١ ومما يُؤسَف له أنه لم يوجد في «نوري» هرم يمكن نسبة هذين الأثرين إليه، ولذلك فإنه
من
الصعب معرفة سبب وجودهما في هذا الموقع إلا إذا كانتا في الأصل موضوعتين في مقصورة جنازية
قد اختفت
كلية، وعلى ذلك اقترح «دنهام» وضع هذا الملك في نهاية سلسلة الملوك الذين سبقوه.
٢ أما الأستاذ «هنتسه» فقد أغفل مدة سني حكمه، وكذلك الملك الذي أتى بعده في قائمته التي
وضعها لملوك كوش حديثًا.
الملك أرنخاماني ولقبه (خبر-كا-رع) (حكم من ٣٢٢–٣١٥ق.م)
يُحتَمل أن هذا الملك قد دُفن في جبَّانة جبل «برقل» بالهرم رقم أحد عشر،
٣ واسم هذا الملك لم يُكشَف عنه في الحفائر، ولذلك يظن أن اسمه هو «أرنخاماني»، وقد جاء
اسمه في نقوش «الكوة».
٤
وصف الهرم: بُنِي الجزء العلوي من الحجر الرملي، ووجهه مقام من مجاديل منحدرة مدرجة،
وليس له
قاعدة، ومساحته ٢٦٫٣٥ مترًا مربعًا.
وحرم هذا الهرم مقام كذلك من الحجر الرملي.
ومقصورته كذلك من الحجر الرملي، ومدخله ذو قنوات، وبوابته ذات أركان مجسمة. هذا ولا
يوجد لها
كوة في الجدار الغربي. أما الجدران الجانبية فقد كانت منقوشة بمناظر، فعلى الجدار الجنوبي
نشاهد
بقايا منظر للملك على عرش في هيئة أسد.
ودائع الأساس: لم توجد ودائع أساس في هذا الهرم.
المبنى السفلي: يؤدي المبنى السفلي لهذا الهرم إلى سلَّم قُطعت درجاته بنظام، ويحتوي
على ٦٩
درجة، وهذا السلم في الجهة الشرقية من حرم الهرم ومقصورته، ويحتوي هذا المبنى على ثلاث
حجرات،
وتؤدي إلى الحجرة الأولى درجة سلم، وتقع أسكفة هذا المبنى بين الحجرتين أ، ب وبين أ،
ج.
والحجرة الأولى (أ) مساحتها ٥٫٢ × ٥٫٢ أمتار، وهي مسقوفة.
والحجرة الثانية (ب) مساحتها ٥٫٢٠ × ٤٫٧٥ أمتار، وهي مسقوفة كذلك، وخالية من الزينة.
والحجرة الثالثة (ج) مساحتها ٨٫١٥ × ٥٫٣٠ أمتار، وهي مسقوفة، وخالية من الزينة.
وفي محور هذا البناء السفلى يوجد طوار كان يوضع عليه تابوت المتوفَّى، كما توجد كُوَّة
خالية
في الجدار الغربي.
الدفنة: وُجِدت حجرة الدفن منهوبة تمامًا.
الآثار الباقية: وُجِدت بعض آثار في رديم الحجرة (أ) نذكر منها قطعة من طرف مائدة
قربان من
الخزف عليها بعض نقوش مروية، كما وجدت قطعة من تعويذة من الخزف الأزرق بوجه إنسان، ومحفورة
حفرًا
بارزًا.
هذا وقد وُجِدت بقايا أوانٍ من الفخار المختلفة الأنواع والأحجام (راجع Ibid,
Fig. 3.).
وأخيرًا وجدت بعض عظام آدمية.
ويحمل هذا الملك لقب «خبر كارع».
الملك أراكاكاني حكم من (٣١٥–٢٩٧ق.م) ولقبه «خنم-أب-رع»
قبر هذا الملك مقام في جبَّانة «مروي» وهو الهرم رقم ٦.
٥
أقيم هرم هذا الملك من الحجر الرملي، ووجهه مؤلف من مجاديل مدرجة ومنحدرة، وليس له
قاعدة،
وحجمه ١٦٫٦٥ مترًا مربعًا، وهذا الهرم ليس مربعًا.
وحرمه قد اختفى، ومقصورته أو معبده الجنازي مصنوع من الحجر الرملي، وبوابته ذات أركان
مجسمة
مزخرفة، وكُوَّة المعبد في الجدار الغربي، وجدرانه الداخلية مُزيَّنة بالنقوش
٦ على الجدار الشمالي، وعلى الجدار الجنوبي،
٧ وعلى الجدار الغربي.
هذا ولم يوجد لهذا الهرم ودائع أساس.
المبنى السفلي: يصل الإنسان إلى المبنى السفلي لهذا الهرم بسُلَّم ذات درج واسع منتظم
مؤلف من
٣٨ درجة في جوف الصخر، ويقع في الجهة الشرقية من البوابة، وسدادة الباب المؤدية لحجرة
الدفن غير
عادية، ويحتوي هذا المبنى على ثلاث حجرات على مستوى واحد تقريبًا، وهي متوسطة الحجم،
وسقفها
مُهدَّم، وهي خالية من الزينة.
حجرة الدفن: وقد وُجِدت حجرة الدفن منهوبة تمامًا، ولم يترك اللصوص الذين نهبوها
إلا عدة
خرزات من التي كانت على مومياء المتوفَّى، يضاف إلى ذلك أنه وُجِد في هذا القبر قدر من
البرنز
متآكل، كما وجد قدر آخر له فُوَّهة وقاعدته مستديرة، وعلى أحد جانبيه آثار نَقْش ديموطيقي
(؟)
محفور. هذا وقد عُثِر كذلك على مصفاة من الفضة لها مقبضين في هيئة طائر.
٨
وأخيرًا عُثِر على ورقة من البرنز للزينة من أثر لا يعرف كُنْهه، كما عُثِر على رءوس
سهام ذات
ثلاثة جوانب.
٩
الملك أمانيسلو ويلقب (عنخ-نفر-أب-رع)
حكم هذا الملك من عام ٢٧٩–٢٨٤ق.م ودُفِن في الجبَّانة الجنوبية بمروي في الهرم رقم
٥.
١٠
أقيم هرم هذا الملك كالعادة في هذه المنطقة وغيرها من بلاد السودان من الحجر الرملي،
ويتألف
وجهه من مجاديل مدرجة منحدرة، وليس له قاعدة، وحجمه ١٢٫٨٧ مترًا مكعبًا.
وحرم هذا الهرم اختفى.
ومقصورة هذا الهرم مقامة كذلك من الحجر الرملي، وبوابتها محفوظة في جزئها الشمالي
فقط،
وجدرانها مزينة بالنقوش الجنازية.
١١
ولم يعثر لهذا الهرم على ودائع أساس.
ويصل الإنسان إلى المبنى الذي أسفل هذا الهرم بسُلَّم عدد درجه ثلاثون، ويقع على
مسافة ثمانية
أمتار شرقي البوابة، ويحتوي هذا المبنى على ثلاث حجرات متوسطة الحجم،
١٢ وقد وُجِدت حجرة الدفن منهوبة، ولم يترك اللصوص إلا بعض أشياء نخصُّ بالذكر منها ما
يأتي:
- (١)
خرزة من ورق الذهب على شكل برميل.
- (٢)
ثلاث قطع من العاج مقعرة.
- (٣)
ثلاث قطع من الزجاج غير الشفيف للترصيع لونها أحمر وأخضر وأزرق.
- (٤)
قطعة من عظم أو قرن.
- (٥)
قطع من الزجاج البالي غير الشفيف لونها أخضر.
- (٦)
ست قطع من الصبغة الزرقاء.
- (٧)
خمس خرزات من الخزف الباهت أسطوانية الشكل.
١٣
هذا ويقال: إن زوج «أمانيسلو» هذا لها هرم بهذه الجبَّانة أقل حجمًا من هرمه، وتُدعَى
«خنووا
Khenuwa»
١٤ وقد نُهِب هرمها كالمعتاد.
الملكة بارترى (كاداك)
حكمت هذه الملكة من عام ٢٨٤–٢٧٥ق.م ودُفِنت في الجبَّانة الجنوبية بالهرم رقم عشرة.
١٥
وهذه الملكة كانت تحكم البلاد باسمها فعلًا، ومن المحتمل أنها كانت زوج الملك
«بيعنخي-يريكي-قا» والمفروض أنها عاشت بعد موت زوجها، وأخذت مقاليد الحكم في يديها، وحملت
ألقاب
الملك كما فعلت «خنتكاوس» من قبلها في أوائل الأسرة الخامسة.
ولكن نجد أن «ريزنر»
١٦ يسمي صاحب الهرم رقم ٩ في جبَّانة مروي الجنوبية ملكًا لا ملكة، وذلك لأن الطغراءتين
اللتين يمكن قراءتهما بسهولة، وهما اللتان على الجدار الشمالي من مقصورة هذا الهرم قد
سُبِقتا
بعبارة: (سارع) (= ابن رع)، وبعبارة: «نسوت بيتي» (= ملك الوجه القبلي) على التوالي،
هذا بالإضافة
إلى أنه في حجرة الدفن نجد الاسم المنقوش على الجدار الغربي الجنوبي للباب حتى الحجرة
الثانية
يبتدئ بمتن بالعبارة التالية: «كلام يقوله الملك.» ثم يأتي بعد ذلك طغراء
١٧ مُهشَّم، ومن كل ذلك استخلص «ريزنر» أن صاحب هذا الهرم هو ملك لا ملكة دون أن يفطن إلى
أن لقب ملك قد أُعْطِي من قبل «خنتكاوس» و«حتشبسوت» من بعدها عندما تسلمت كل منهما مقاليد
الملك
منفردة في حكم البلاد.
وعلى أية حال فإن الصورة المرسومة على كل من الجدار الشمالي والجنوبي، وهي الصورة
الرئيسية في
المنظر هي لامرأة بكل وضوح،
١٨ والواقع أن الملكة قد مُثِّلت على الجدار الشمالي وبيدها زهرة اللوتس وبراعم، يضاف إلى
ذلك أن «لبسيوس»
١٩ يتحدث عن هذه الأشكال بأنها لملكة، وفضلًا عن ذلك نجد أن قبرها لا يحتوي إلا على
حجرتين في المبنى السفلي للهرم؛ وهو العدد الذي كان يُخصَّص عادة للزوجة الملكية منذ
عهد «نباتا»
المبكر، في حين أن الملوك كان لكل على حسب العادة ثلاث حجرات.
هذا ونعلم أن المملكة المروية قد أنجبت عدة ملكات في عصر متأخر، وهؤلاء النسوة كنَّ
يحملن كل
نعوت الملك، ومما سبق فإن هذه الملكة كانت تحكم البلاد بوصفها ملكًا، وعلى هذا الزعم
فإن الطغراء
الثاني لهذه الملكة وهو «كالكاي» يمكن أن يعادل اسم الملكة «كاندال» بإسقاط حرف النون.
هذا مع
العلم أن حرف اللام وحرف الدال يمكن أن يحل الواحد منهما محل الآخر في اللغة المروية.
٢٠
وهرم هذه الملكة مقام من الحجر الرملي، ومداميكه مدرجة بانحدار، وليس له قاعدة، وحجمه
١٠٫٤٥
أمتار، وقد اختفى حرمه.
ومقصورته مبنية بالحجر الرملي ولها بوابة ومدخل ذو قنوات، وقد هُشِّمت البوابة التي
تقع في
الجهة الجنوبية لحدٍّ كبير، وجدران هذه المقصورة منقوشة بمناظر دينية
٢١ هذا ولم توجد لهذا الهرم ودائع أساس.
المبنى السفلي: يؤدي للمبنى السفلي الذي تحت هذا الهرم سُلَّم مؤلَّف من أربع وعشرين
درجة
منتظمة أمام المقصورة، ويحتوي هذا المبنى على حجرتين من غير درج أو أُسْكُفَّة تؤدي إليهما.
والحجرة الأولى A مساحتها ٣٫٢٠ × ٢٫٥٥ متر، ولها سقف مقبب،
وجدرانها ملونة.
فيُشاهَد على الجدارين الشمالي والجنوبي لوحات مُثِّل عليها صور آلهة بوجوههم نحو
الغرب،
ونُقِشت فوقهم وأسفلهم وبينهم أسطر بالهيروغليفية، وعلى الجدار الغربي يُشاهَد قرص مجنح
وأصلال على
مدخل الباب الذي جزؤه الأعلى مستدير مثلث، وعلى السقف مثلت الإلهة «موت» برأسها متجهة
نحو الغرب.
هذا ويُلحَظ أن النقوش ومعظم الأشكال لا يمكن قراءتها.
والحجرة الثانية مساحتها ٤ × ٣٫٧٥ أمتار، وكانت جدرانها في الأصل ملوَّنة، غير أنه
لم تبق من
هذه الألوان إلا صورة باهتة باللون الأصفر على الجدارين الغربي والجنوبي للكُوَّة، ويوجد
في وسط
الحجرة أريكة كان يوضع عليها التابوت، وعليها ملاط من الجبس، وملونة باللون الأبيض.
وقد وجدت في حجرة الدفن بعض قطع تماثيل مجيبة
٢٢ مطلية بطلاء خفيف باللون الأزرق، وكذلك عُثِر على عين مومياء، وبعض عظام بشرية قليلة،
يضاف إلى ذلك بعض كسر من أوانٍ مصنوعة من المرمر، وقطع من العاج يُحتَمل أنها من صندوق
مزخرف،
وأخيرًا وُجِد إناء سليم من الفخار كما وجدت قطع من ست أوانٍ أخرى على الأقل.
الملك أمان … تخا (؟)
حكم هذا الملك من ٢٧٥–٢٦٣ق.م ودُفِن في جبَّانة «مروي» الشمالية في المقبرة رقم أربعة.
٢٣
أقيم هذا الهرم من الحجر الرملي، ومداميك وجهه مدرجة ومنحدرة، ويرتكز على قاعدة في
أغلب الظن،
وحجمه ١٣٫٧٠ مترًا مكعبًا، ولم يسجل لهذا المعبد حرم. أما مقصورته فوُجِدت مُهشَّمة،
وهي كذلك
مقامة من الحجر الرملي، وكان جدارها لا يزال قائمًا عندما زارها «لبسيوس»، وقد سجل
٢٤ لنا ذلك فيما تركه لنا عن هذه المنطقة. هذا ولم توجد لهذا الهرم ودائع أساس.
والمبنى السفلي الذي كان تحت هذا الهرم هُدِّم تمامًا، ويُعزَى ذلك بسبب خاص إلى
الحفائر التي
قام بها «بدج» في عام ١٩٠٣، والواقع أن الحفائر التي قام بها «بدج»
٢٥ قد شَوَّهت معالم هذا الهرم، ومن ثَم لم يمكن أخذ مقاساته ومقاسات حجراته على الوجه
الأكمل، والظاهر أنه كان يحتوي على حجرتين، ولم يوجد ما يدل على دفن، وكل ما وجد فيه
من آثار هو
رأس صغير من البرنز مفصول من تمثال.
الملكة … بنايكا (؟)
حكمت هذه الملكة من عام ٢٦٣–٢٤٨ق.م ودُفِنت في جبَّانة «مروي» الشمالية بالهرم رقم٥٣.
٢٦
والظاهر أن هذه الملكة كانت تحكم البلاد فعلًا، غير أن اسمها مما يُؤسَف له لم يوجد
كاملًا في
النقوش.
وتدل شواهد الأحوال على أن المبنى العلوي لهذا الهرم قد هُدِّم؛ ليحل محله مبنى هرمين
آخرين،
وهما الهرم رقم خمسة بالجبَّانة الشمالية، والهرم رقم ستة في نفس الجبَّانة، ومن ثَم
نجد أن حرم
هذا الهرم قد هُدِّم، ولم توجد له ودائع أساس.
ويؤدي للمبنى السفلي لهذا الهرم سُلَّم مؤلف من ٤٨ درجة منتظمة، والمفروض أنه كان
أمام
المقصورة التي وُجِدت بدورها مُهشَّمة تمامًا.
ويحتوي هذا المبنى على ثلاث حجرات؛ الأولى، ومساحتها ٢٦٠ × ٣ أمتار، وهي مسقوفة، والثانية
ومساحتها ٢٫٢٠ × ٢٫٦ متر وسقفها خرَّ عليها.
والحجرة الثالثة مساحتها ٣٫٥ × ٢٫٨ متر، وسقفها مُهدَّم، ويوجد في وسطها أريكة للتابوت،
وقد
وُجِدت حجرة الدفن منهوبة تمامًا، ولم يوجد في أنحاء هذا الهرم من الآثار إلا سدادة إناء
دون أي
خاتم عليها.
٢٧
الملك أركاماني (أرجامنز)
حكم هذا الملك من عام ٢٤٨ إلى ٢٢٠ق.م على وجه التقريب، ودُفِن في جبَّانة مروي الشمالية
٢٨ بالهرم رقم سبعة، وهو ابن الملكة السابقة المسماة … «بنايكا» (؟).
أقيم هرم هذا الملك من الحجر الرملي، ومجاديله مدرجة بعض الشيء، وليس له قاعدة.
ويُلحَظ في واجهة هذا الهرم الشرقية عند الركن أنه قد حفرت صورة العين السليمة (وزات)،
٢٩ ويبلغ حجمه ١٧٫٥ مترًا.
وحرم هذا الهرم قد اختفى. أما مقصورته الجنازية فمبنيَّة بالحجر الرملي، وقد بقي
منها الجدارن
الجانبية، وجزء كبير من السقف، وجدرانها الداخلية مزيَّنة بالنقوش الجميلة.
٣٠
ودائع الأساس:
٣١ وُجِدت لوحات من المعدن، وقطع من إناء من البرنز في كل من أركان الهرم الأربعة، ومما
هو جدير بالذكر هنا أن قطع البرنز التي وجدت من إناء كان مغشًّى بلويحات من الذهب والفضة
يظهر أنها
كانت قد كُسِرت عن قصد، وكلها من إناء واحد؛ وذلك لأن القطع التي وجدت في وديعة الركن
الجنوبي
الغربي تلتئم مع القطعة التي عثر عليها في وديعة الركن الجنوبي الشرقي.
المبنى السفلي: يصل الإنسان إلى المبنى السفلي لهذا الهرم بسُلَّم يتألف من ثلاث وأربعين
درجة
غير منتظمة وضيقة قُطعت في شرقي المقصورة، ويحتوي هذا المبنى على ثلاث حجرات؛ مساحة الأولى:
٣٨ ×
٥٫٥٠ أمتار، ولها عمودان مبنيان، وسقف، وهي خالية من النقوش.
والحجرة الثانية: مساحتها ٣ × ٥٫٩ أمتار، وهي مسقوفة أيضًا.
والحجرة الثالثة: مساحتها ٤٫٢ × ٥٫٢ أمتار، ولها سقف، وخالية من النقوس.
هذا، ويوجد في محور هذه الحجرة الأخيرة أريكة لوضع تابوت المتوفَّى عليها،
٣٢ وهي مبنيَّة من الحجر الرملي، وملصقة بالجدار الغربي للحجرة، وجوانبها الظاهرة منقوشة،
ومما يلفت النظر في هذه النقوش أنه يوجد في العمود الأول الكامل الذي يقع خلف الصورة
الثالثة على
الجانب الجنوبي طغراء والد «أرجامنز».
٣٣
مكان الدفن: وُجِد منهوبًا.
والآثار التي تركها اللصوص كلها قطع مُهشَّمة نذكر منها بعض قطع مختلفة من الخزف
الأحمر
والزجاج غير الشفيف، ورءوس سهام من الكرنلين، وثلاث قطع من مائدة قربان من الخزف الأزرق،
وقطع من
إناء كبير من الفخار، وقطع من الزجاج الأزرق الشفيف، وخرز من الخزف المطلي، وقطع من أوراق
الذهب …
وغير ذلك.
٣٤
هذا، وقد نقش طغراء هذا الملك في نقوش مقبرته، وفي معبد «الدكا» مرات عدة كما ذكرنا
ذلك من قبل.
٣٥
المناظر التي على جدران المقصورة:
يوجد على الجدار الذي على الجهة اليسرى ثلاثة صفوف من النقوش، يُشاهَد فيها كهنة يحملون
أعلامًا، ويحملون سفنًا مقدسة، كما تُشاهَد آلهة تضحي، وكان يطلق البخور أمام القربان،
كما يُرى
كاهن يطلق البخور ويقدم القربان في الخلف أمام ملك جالس وملكة وأميرات، وأصلال تقبض على
سكاكين عند
القاعدة.
الجدار الأيمن: يوجد على هذا الجدار ثلاثة صفوف من النقوش مُثِّل عليها يوم الحساب
في عالم
الآخرة، وكذلك مُثِّل الملك وأربعة عجول. هذا، ونقرأ على هذا الجدار عناوين فصول من كتاب
الموتى،
كما مُثِّل كاهن يطلق البخور ويقدم قربانًا من الخلف أمام الملك الذي يُرى جالسًا ومعه
الملكة
والأميرات وفي يد كل واحدة منهن صَنَّاجة.
٣٦
وعلى الجدار الخلفي نشاهد تماثيل «أوزير» و«إزيس» و«نفتيس» وسفينة «رع» وفوق هؤلاء
يُشاهَد
الملك والآلهة في الصف الأعلى، كما نشاهد جنيات في الصف الأسفل على كلٍّ من الجانبين.
٣٧
حجرة الدفن: يُشاهَد في حجرة الدفن في نهاية الجدار الشرقي تابوت المتوفَّى في صورة
مومياء
برأس صقرٍ موضوعة على أريكة، وعند رأس المومياء تقف «إزيس» رافعة إحدى يديها، وعند قدمي
المومياء
تقف «نفتيس» رافعة كلتا يديها، وخلف كلٍّ منهما نشاهد خمسة آلهة؛ يرفع كلُّ واحد منهم
يديه إلى أعلى.
٣٨
هذا، وقد تحدثنا فيما سبق عن أعمال الملك «أرجامنز» في بلاد النوبة، وبخاصة في معبد
«الدكة»،
وما كان له من اتصال بملوك البطالمة، بخاصة في عهد كلٍّ من «بطليموس الثاني» و«بطليموس
الرابع»
اللذَين عاصرهما على أرجح الأقوال.
وإلى اللقاء في الجزء السادس عشر إن شاء الله.