قصتان
إحداهما لموليير، والأخرى لجيرودو، وموضوعهما واحد، أو يوشك أن يكون واحدًا، وعنوانهما واحد على كل حال، ومذهب الكاتبين فيهما واحد، وقد أراد الكاتب المعاصر جيرودو أن يقلِّد الكاتب القديم والشاعر العظيم موليير، وأن يجدِّد قصته، كما صنع بقصص يونانية قديمة، فجدَّدها وأحيا أبطالها القدماء، وأحيا ما كان يلم بهم من أحداث، وأجرى الحوار بينهم في هذه الأحداث نفسها، ولكنه أجراه على نحوٍ لا يصور به الأحداث القديمة، والعقل القديم، والشعور القديم فحسب؛ وإنما يصور به الحياة الحديثة، والعقل الحديث، والشعور الحديث أيضًا، ولعله على تصوير الحياة المعاصرة وأحداثها أحرص منه على أن يصور الحياة القديمة وما كان فيها من الخطوب، أو لعله أحرص على أن يحقِّق غايته الفنية الخالصة غير حافل بالحياة القديمة ولا بالحياة الحديثة، إلا بمقدار ما تقدِّمان له من المادة لتحقيق هذه الغاية الفنية، وهي مجرد إمتاع العقل والشعور بلون من الأحداث والحوار يلائم ميله إلى الدعابة والفكاهة والعبث بكل شيء، والسخر من كل شيء، واستخلاص العظة والعبرة من هذا السخر وذاك العبث دائمًا.
وقد وُفِّقَ جيرودو في هذا النحو من تجديد القديم إلى آيات فنية رائعة بارعة حقًّا، يقف منها القرَّاء والنظَّارة موقف الدهش والحيرة والإعجاب، ولستُ أنسى تجديده لقصة ألكترا، وعرضه أحداث هذه القصة على طريقته هذه الغريبة، التي تملؤها المفاجآت، ويكثر فيها التنقل بين النقائض، والوثوب من طور إلى طور آخَر لا يلائمه ولا يشاكله، وإنطاق القدماء بما لا يمكن أن ينطق به إلا المحدثون، والانتهاء بعد ذلك إلى تصوير ما يمتاز به هذا العصر الحديث من اضطراب الخواطر والآراء، واختلاط الأمر على أهله، حتى يُخيَّل إليهم، أو إلى أصحاب السذاجة منهم، أن أمور الناس كلها سائرة إلى الفساد، ولكن حكيمهم — وهو شخص تظهر عليه أمارات البله والغفلة، وآيات الفقر والإعدام، حتى يراه بعضهم بائسًا سؤلة، ويراه بعضهم الآخَر إلهًا عابثًا — هذا الحكيم ينبئهم بأن فساد أمورهم هذا ليس شرًّا ولا نكرًا، ولكنه فجر لعصر جديد.
وقد خطر لموليير أن يهيِّئ فرقته للإعادة في وقت قصير جدًّا قبل مقدم الملك لشهود التمثيل، وجعل أعضاء الفرقة يتعللون عليه؛ لأنهم لا يستطيعون التمثيل على غير تأهُّب ولا استظهار، وجعل هو ييسر الأمر عليهم تيسيرًا، ويشتد عليهم، ويعنف بهم أحيانًا، ويرشدهم إلى ما ينبغي أن يقولوا وإلى ما ينبغي أن يفعلوا، ويتعجلهم في ذلك، وهم يستجيبون له حينًا ويمتنعون عليه أحيانًا، ويكون من الحوار بينهم وبينه في ذلك كله إلمامٌ بما أراد أن يلم به من الرد، وهجوم على منافسيه وخصومه، واستهزاء بهم وسخرية منهم، وتصريح بهذا كله، ونقد للحياة الاجتماعية في القصر وفي باريس، وعرض لمذهبه في التمثيل المضحك، وتقرير لأنه عندما يضع قصةً مضحكةً لا يريد هذا الشخص أو ذاك، ولا هذه الطبقة أو تلك، وإنما يريد إلى الناحية التي تستحق النقد وتثير السخرية من نواحي الحياة الإنسانية، فليس عليه بأس أن يرى الناس أنفسهم في هذه القصص؛ لأنه لم يرد إلى ذلك ولم يعن به، وإنما رأى الناس أنفسهم في هذه القصص مصادفةً، وعلى غير تعمُّد من الكاتب؛ لأن قصصه كانت مرآة صادقةً صافيةً لحياة الناس، وما يكون لهم من الأخلاق، وما يصدر عنهم من الأقوال والأعمال. وإن موليير ليحاور أعضاء فرقته ويداورهم، وإذا قادِمٌ عليه ينبئه بأن مقدم الملك قريب، فيضطرب، ويستمهل، ولكن الملك لا يمهل، فهذا رسوله يلح، وهذا موليير يستمهل، ثم ينتهي الأمر إلى أن يقبل عذر الفرقة، فيمهلها ويعفيها من هذا التمثيل الذي لا يمكن أن يُرتجَل ارتجالًا.
كذلك صنع موليير في القرن السابع عشر. فأما جيرودو فقد سلك هذه الطريقة نفسها في القرن العشرين، ولكنه لم يقصد إلى الرد على خصومه ومنافسيه، ولا إلى النيل من نقَّاده وعائبيه، أو هو قد قصد إلى ذلك في شيء من التلميح والإشارة. فأما قصده الصريح فكان إلى الدفاع عن التمثيل، والذياد عن هذا الفن الذي يخضع في هذه الأيام لأزمة عنيفة توشك أن تعرِّضه لخطر شديد.
وقد كان ظريفًا أن يرى النظَّارة في ديسمبر من سنة ١٩٣٧ أعضاء فرقة التمثيل في ملعب الاتينيه بباريس يتحدثون بأسمائهم وبأشخاصهم، لا يمثلون أشخاصًا غيرهم، ولا يتسمون بهذه الأسماء التي يضعها الكتَّاب لأبطال القصة وأشخاصها، ولا يتحدثون في غير شئونهم الخاصة التي تمس فنهم الذي يعيشون به ويعيشون له، وكان مصدر هذا الظرف قبل كل شيء أن الكاتب خدع النظَّارة عن أنفسهم وعن الممثلين، فخيل إليهم أنهم يرون هؤلاء الممثلين وهم يضطربون في حياتهم الفنية اليومية، وخيل إليهم بذلك أنه يُظهِرهم على دخائل التمثيل والممثلين، مع أنه في حقيقة الأمر لم يظهرهم إلا على ما أراد أن يظهرهم عليه من تكلُّف الفن وتصنُّعه، فهؤلاء الممثلون الذين كانوا يضطربون ويتحاورون أمام النظَّارة لم يكونوا أنفسهم إنْ صحَّ هذا التعبير، وإنما كانوا أشخاصًا يمثلون أنفسهم تمثيلًا، ويمثلون أنفسهم كما أراد الكاتب أن يمثلوها لا كما أرادوا هم أن يمثلوها، فهذه هي الخدعة الأولى. والخدعة الثانية أن هذا الحوار الذي كان يدور بين الممثلين لم يكن هو الحوار الطبيعي الذي يدور بينهم في حياتهم الفنية اليومية إذا خلوا إلى أنفسهم، وتحدَّث بعضهم إلى بعض، وإنما كان حوارًا صنعه لهم الكاتب، وأخذهم بإدارته بينهم، وإجرائه على ألسنتهم، وقد أخذ الممثلون حين رُفِع الستار يتهيَّئون لتمثيل القصة القديمة التي كتبها موليير، وتحدَّثت عنها آنفًا، وأخذوا يتعللون بما كان يتعلَّل به أصحاب موليير من أنهم لم يستعدوا، ويتعلَّلون بأشياء أخرى حديثة أقحمها الكاتب إقحامًا في القصة؛ ليخرج البيئة عن طورها القديم، ويلائم بينها وبين العصر الحديث. فهذه أدوات تُطلَب هنا وهناك، وهذه ممثلة مريضة يريد رئيس الفرقة أن يطب لحلقها فيمسه ببعض الدواء قبل أن تبدأ بالتمثيل، وهؤلاء الممثلون يداعب بعضهم بعضًا، ويتندر بعضهم على بعض بأحاديث وفكاهات مشتقة من حياتهم وصلاتهم الخاصة، وهم في ذلك وإذا قادِمٌ يُقبِل عليهم فيتنكرون له ويتبرمون به كما فعل موليير في قصته، ويريدون أن يردوه عن ملعبهم؛ لأنهم يعيدون، ولا ينبغي أن يشهد الإعادة أجنبي، ولكنه يلح ويفرض نفسه عليهم فرضًا كما فعل القادم على موليير في قصته مع شيء خطير من الفرق، وهو أن موليير قد نجح في التخلص من الطارئ عليه، فأما جوفيه رئيس الفرقة المعاصرة فقد انتهى إلى أن يرغب إلى الطارئ عليه في أن يقيم، وفي أن يلقي عليه ما أراد من سؤال.
ذلك أن هذا الذي طرأ على الفرقة المعاصرة لم يكن ثقيلًا ولا طلعةً، وإنما هو عضو من أعضاء مجلس النوَّاب الفرنسي، ومن أعضاء اللجنة المالية في هذا المجلس، قد أقبل يحمل إليهم مالًا، أو يحمل إليهم الأمل في المال. ظهر للجنة المالية أنَّ دَخْل الدولة قد أربى على خرجها، بمقدار لا بأس به من الملايين، فرأت أن تهدي هذا المال إلى الفرق التمثيلية، وكلَّفت هذا العضو من أعضائها أن يضع تقريرًا عن هذه المنحة التي ستنزل عنها الدولة تشجيعًا للتمثيل، ورأى هذا العضو ألَّا يكتب تقريره حتى يتحدث إلى الممثلين أنفسهم عن هذا الفن وحاجاته، واختار رئيس هذه الفرقة لمكانته الممتازة بين الممثلين والمخرجين، وأصحاب الرأي في شئون التمثيل بوجه عام.
ولا يكاد رئيس الفرقة يسمع منه هذا، حتى يطمئن إليه، ويُظهِر حسن الاستعداد للإجابة عمَّا سيلقي عليه من سؤال، والحوار الذي يدور بين هذا النائب وبين رئيس الفرقة وأصحابه هو الغرض الذي قصد إليه الكاتب حين وضع قصته، وهو حوار لذيذ قوي حقًّا، وألذ منه وأقوى أن الكاتب قد استطاع أن يجريه على ألسنة الممثلين، وأن يجريه على ألسنتهم في الملعب، وأمام النظَّارة، وبين أيدي الجمهور. وموضوع هذا الحوار خليق أن يكون موضوعًا لمقالة تنشرها الصحف، أو لكتاب عن فن التمثيل، وهو على كل حال من الموضوعات التي يحسن أن يخلو إليها القارئ فيقرؤها بينه وبين نفسه، ثم يتحدث فيها إلى أصحابه وأصدقائه. فأما أن يعرض هذا الموضوع على جمهور النظَّارة الذين يكتظ بهم ملعب التمثيل، فهذا هو الشيء الطريف؛ لأن الكاتب قد حوَّل الممثلين إلى محاضرين، يحاور بعضهم بعضًا في النقد الأدبي الخالص الرفيع.
وهذا يعجبني ويلذني، ويصور ما انتهت إليه بعض البيئات الأوروبية أو الباريسية من الرقيِّ الأدبي الممتاز الذي يمكِّن جمهورًا غير متخير ولا منتخب، من أن يذهب إلى الملعب، وينفق في ذلك الوقت والمال، ليسمع الممثلين يحاور بعضهم بعضًا في هذا النقد الممتاز الرفيع.
وقد كنت خليقًا أن أترجم لك هذا الحوار ترجمةً، فذلك أمثل طريق لإظهارك على ما فيه من قوة وجمال، ولكن صفحات «الثقافة» لا تتسع لهذه الإطالة، فحسبي أن ألخص لك الأصول التي دار عليها هذا الحوار.
فالكاتب يدرس في هذا الحوار ما يكون من صلة بين النقَّاد والممثِّلين، وبين النقَّاد والنظَّارة، ويدرس ما يكون من صلة بين النظَّارة والممثِّلين، وبين الملعب نفسه والممثلين، ويدرس آخِر الأمر ما يكون من صلة بين التمثيل والدولة، وبين الدولة والنظَّارة التي تختلف إلى ملاعب التمثيل، وكل موضوع من هذه الموضوعات خليق أن يطول عنه البحث، ويكثر فيه الكلام، ولكن الكاتب يلمُّ به إلمامًا رفيقًا سريعًا فيه مع ذلك الغناء كل الغناء. فأما الصلة بين النقَّاد والممثِّلين، وبين النقَّاد والنظَّارة، فيراها الكاتب رديئةً إلى أقصى حدود الرداءة؛ ذلك لأن النقاد لا يحبون الفن ولا يحبون النظَّارة، وإنما يحبون أنفسهم، وما يكون لنقدهم من صوت بعيد، وقد صنعوا لأنفسهم من الفن صورةً مشوهةً ليست صحيحةً ولا صادقةً، وقد أذاعوا هذه الصورة، وأسرفوا في إذاعتها حتى فرضوها على الناس فرضًا، وحتى أفسدوا رأي الناس في التمثيل وذوقهم له، فهم قد أهملوا في هذه الصورة التي صنعوها لأنفسهم وأفسدوا بها ذوق الناس، ما ينبغي أن يكون للُّغَة والأسلوب وحسن النطق من مكانة في التمثيل، حتى انحَطَّ الفن وسفلت لغته وأسلوبه، وأهمل الممثلون تجويد النطق، وأصبح التمثيل فنًّا مبتذلًا من فنون الشوارع، بعد أن كان فنًّا من فنون الأدب الرفيع. ومن إساءة النقاد إلى التمثيل والممثلين والنظَّارة جميعًا، أنهم أقروا في نفوس الناس أن القصة التمثيلية إنما تقاس جودتها بحظها من الوضوح، وقربها من الفهم، بحيث لا يُغتفَر فيها الغموض، ولا يُقبَل من كتَّابها الالتواء؛ وبهذا ابتذل التمثيل، وأصبح شيئًا كغيره من الأشياء، يسيرًا سهلًا لا مشقة فيه ولا جهد، وأمكن الاستغناء عن شهود الملعب بقراءة القصة، مع أن التمثيل ليس القصد به إلى الفهم والإفهام، وإنما هو متعة فنية خالصة، يشترك فيها العقل والقلب، والعين والأذن، والذوق والمزاج كله، هو أشبه الأشياء بالموسيقى، ليس من الضروري، وقد لا يكون من الممكن، وقد لا يكون من الخير أن تفهم، وإنما غايتها أن تثير اللذة، وتُحدِث هذا المتاع الفني الممتاز.
والقياس الذي يجب أن تقاس به جودة القصة في رأي جيرودو، هو الأثر الذي تتركه، أو قُلِ الذي تُحدِثه في نفوس النظَّارة، لا أثناء شهودهم للتمثيل، بل بعد أن تنقضي الليلة الكاملة بينهم وبين شهود التمثيل. فإذا أصبح أحدهم نشيطًا سعيدًا، مغتبطًا مبتسمًا للحياة، مستقبلًا عمله في جدٍّ وحُسْن استعداد، فقد شهد قصةً تمثيليةً جيدة، وإلا فقد شهد قصةً تمثيليةً رديئةً.
وكذلك يسيء النقاد إلى الممثلين وإلى التمثيل وإلى النظَّارة، حين يبتذلون التمثيل ويغضون من شأنه، ويكلفونه ما لا ينبغي أن يتكلف، والصلة بين النظَّارة وبين التمثيل والممثلين نتيجة لموقف النقَّاد، فهم ينقادون لما يقرءون، ويأتمرون بأمر هؤلاء السادة الذين يوجهونهم في الصحف إذا أصبحوا وإذا أمسوا، وكان الحق أن يكون النقاد مرآة للنظارة لا قادةً لهم ولا مؤثرين فيهم.
فأما الصلة بين الدولة وبين التمثيل والممثلين وبين النظَّارة، فليست أقل رداءةً من الصلات التي صورتها آنفًا، ومصدر ذلك أن الدولة لا تفهم نفسها، ولا تفهم واجبها لنفسها ولفرنسا؛ فالدولة الفرنسية قد أعرضت في هذه الأيام عمَّا ألفت من السنن والتقاليد، وسلكت في حياتها مسلكًا يغض من مكانها في الخارج؛ فهي تؤثر العافية، وتميل إلى الملاينة، وتحرص على أن تحسن صلاتها مع أمم الأرض جميعًا، وهي بذلك تقصر في مهمتها التاريخية الخطيرة، ومهمتها التاريخية الخطيرة هذه هي أن تنغص على العالم حياته؛ فقد خُلِقت فرنسا لتراقب وتنقد وتنكر الظلم والطغيان، وترد الظالمين والطغاة إلى العدل والقصد، بحيث يشعر كل ظالم وكل طاغية أن أموره تستقيم له لو لم توجد هذه الدولة المنغصة التي تُسمَّى فرنسا. وينشأ عن تقصير فرنسا في فهم مهمتها، وعن إيثارها العافية في حياتها الخارجية، أن يسلك الأفراد والجماعات مسلك الدولة؛ فيكون اللين، ويكون التهاون، ويكون التقصير في الواجبات، والإخلاد إلى حب الأمن والدعة، وإيثار النفس باللذة والخير.
ويذهب التمثيل هذا المذهب، فيخرج للناس قصصًا يصور هذه الحياة الفاترة الخاملة، ولو قد مضت فرنسا في سننها وتقاليدها لذهب أبناؤها في ذلك مذهبها، ولكان بعضهم على بعض رقيبًا، ولكان التمثيل منغصًا لحياة الأفراد والجماعات، بما يكون من مراقبته لها ونقده إياها وإنكاره عليها كلَّ إسرافٍ وكلَّ تقصيرٍ؛ إذًا لقال كل مسرف وكل مقصِّر لنفسه إذا خلا إليها إن أموري لتستطيع أن تستقيم لي وأن تجري على ما أحب لولا هذا المنغص الذي يُسمَّى ملعب التمثيل.
وإذًا فمن الحق على الدولة أن تفهم نفسها، وتصحِّح سيرتها، وتؤدي مهمتها أولًا، ليذهب الأفراد مذهبها في ذلك، وليؤدي التمثيل مهمته، فيصبح الرقيب الناقد الذي يوجِّه الناس إلى الخير وإلى الجمال، ويردهم عن الشر والقبح. وإذا كانت فرنسا تريد من أبنائها أن يعملوا وأن ينتجوا وأن يجدوا وأن ينشطوا، فينبغي أن تهيِّئ لهم وسائلَ هذا كله، والتمثيل من أهم هذه الوسائل وأقواها؛ لأنه يغسل نفوس النظَّارة من أوضار الحياة اليومية، ويهيِّئها للعمل جديدةً نقيةً عظيمة الحظ من النشاط والإقدام.
وكذلك يتم العهد والاتفاق بين رئيس الفرقة ومندوب الدولة على أن تتجدَّد عناية البرلمان بهذا الفن؛ ليجدد الفن عنايته بنفسه وبالناس.
ولم ألخص لك من موضوعات هذا الحوار إلا أظهرها وأيسرها وأقربها منالًا، وأظنك توافقني على أن الكاتب كان جريئًا بارعًا حين استطاع أن يعرضها على النظَّارة في هذه الصورة التمثيلية الجميلة.
وأنا على كل حال أرجو أن يثير تلخيص هذه القصة في نفوس القرَّاء المصريين، ما أثارت القصة نفسها في نفوس القرَّاء والنظَّارة الفرنسيين من ألوان الملاحظة والنقد والتفكير.