الغرباء
عرفنا ذلك في وقت مبكر من صبيحة اليوم الرابع عشر. قالت له فلوباندو، تتكئ بظهرها على جذع دليبة عملاقة بعيدًا عن الكهف: أخبرنا بشأنهما المحاربون الذين كتموا الأمر كما يجب عليهم أن يفعلوا عندما يكون الأمر مهمًّا وخطيرًا، لأسبوعين كاملين كانوا يرقبون سلوك الغرباء، أصحاب الحمار الكبير، البرص. عندما جاء البناءون أخذوا في تشييد البيت الكبير، كان المحاربون أيضًا هناك خلف الأشجار في جحر الذئاب والحلاليف، على قمم الدليب والتبلدي الحبب يراقبون في صمت، ينقلون ملحوظاتهم في إشارات صغيرة إلى بعضهم البعض، اجتمع مجلس المحاربين مرارًا وتكرارًا متباحثًا في شأن الغرباء؛ هل نجبرهم على مغادرة الأرض؟ هل نسمح لهم بالبقاء؟ هل نقتلهم؟ هل نسجنهم بالكهف إلى أن نستبين مقصدهم؟
لكن الكواكيرو ومعظم نوابه يرون أن قدوم الأبرص إلى أرضهم لا يعني دائمًا الصيد، الكنائس، الرقيق، الحروب، ربما يعني حياة جديدة متحضرة كالتي في الشرق، أليست من صنع الأبرص المصانع، المواصلات الحديثة، المزارع الكبيرة، الآلة الحربية، الطعام، الشراب، اللباس؟ أليس كل ذلك من صنع الرجل الأبيض في الشرق؟ مضى عهد الاستعمار ولا عودة، ومضى قبله الاتجار بالرقيق ولا عودة، مضت عهود مشابهة كالعهدين، عهود كثيرة متباينة. نعم، ورثنا من تلك العهود الحذر والخوف، لكن ما يميزنا نحن في قبيلة «لالا»، ولو أننا لا نزال في وحل التخلف/الفقر/العوز، إلا أننا نسعى بكل جد أن نصبح قبيلة ذات شأن ولو مقارنة مع قبائل الدغل الأوسط والشمالي، لن نكون كذلك إلا عن طريق العلم والمعرفة، بدا ذلك واضحًا عندما ابتعثت القبيلة عشرة من أبنائها للشرق لاكتساب المهارات العلمية/الحديثة، أنفقت عليهم من ذهبها الكثير، لكن هل عاد الأبناء؟ هل تخلت القبيلة عن مشروعها الحضري؟ لكن هذه هي فرصة أخرى، قدم الأبرصان إلى ديارنا، أتصبح ضربة الحظ التاريخية؟
بعد مداولات كثيرة قرر مجلس الكواكيرو إمهال الأبرصين زمنًا قبل الحكم عليهما قمرين كاملين. وعلق بندو مندو، أحد المحاربين، صاحب كلمة مقدرة: علينا أن نتفاءل، إذا كانوا غير ما نشاء — كانوا قتلة — قتلناهم.
في اليوم الرابع عشر عند الفجر أُعلمنا بوجود أبرصين بشرق أرض «لالا»، بين خور السلاحف ووادي الأناناس، وانطلقنا نحوهما أطفالًا ونساء وبعض المحاربين الذين ربما كانوا ينشدون الفتيات وهن ينشدن فتيانهن. كنت في السابعة من عمري وتبقى لي من سن الحماية عامان، لذا كان من يشغلني الأبرصين ولا شيء آخر، ولا يشغلني الشبان.
ظللت أجري بكل ما لديَّ من قوة، أقفز فوق الأعشاب الشوكية الصغيرة، أعثر بالحجارة وجذوع الأشجار، كان عليَّ أن أرى الأبرصين قبل أن يختفيا فجأة؛ يطيران في السماء، أو يغطسان في الأرض، كان عليَّ أن أراهما قبل رفاقي جميعهم لأشير إليهم انظروا.
عندما أشرفنا على خور السلاحف سمعنا نباح آلتهم، فزعنا في بادئ الأمر وتجافلنا كسرب الغِزلان الذي فوجئ بالنمر، تجافلنا في كل صوب وجِهَة أيضًا بعدما يتجمع السرب بعد مخافة، تجمعنا ضحكنا على بعضنا، تشجعنا ببعضنا ومضينا نحو البرص، سأكون صريحًا وواضحًا مع فلوباندو. قال لنفسه أيضًا: أقول لها أنا أحب سنيلا البرصاء. وعندما استمعت لمقاله لم تندهش ولم يبدُ على وجهها أي انطباع يستطيع قراءته، عيناها عاديَّتان باردتان. عندما تفوهت قالت: كل الناس يشفقون عليها مثلك!
قال في انفعال ظاهر: لا، ليس شفقة، ولكني أُحبها.
قالت ببرودة وهدوء: نعم كلنا نحبها، جميع القرية، وليس لها ذنب أن تصبح برصاء.
لكن هل يريد سلطان تيه حقًّا أن يفعل ذلك، ولو أن حبه لها يقود إلى ذلك؟ ألا يحتاج الأمر لشيء من التكتيك والدبلوماسية؟ بائس متشائم، يغسل على حجر بالشاطئ ملابسه الداخلية، كان محبطًا، لا يدري كم مضى عليه وهو بالكهف، لا يدري كم تبقى له من سجن ولحم ذئب، تفوح منه رائحة الذئب، من جلده، من أنفاسه، عرقه وصنان إبطيه، بوله. توقفت فلوباندو عن زيارته، لا يدري سببًا لذلك، كانت تؤنس وحدته بحديثها الذي لا ينقطع عن مستر ومسز جين، عن تاريخ الدغل، حروبه القديمة، أساطيره، نشأة سكانه، روابط الدم بينهم، قبائل الدغل الأخرى، خصومتها مع سكان الدغل الشرقي المتحضر، عن برم بجيل.
أهلي كثيرًا ما يرسلونني مع المتسوقين إلى المدن المجاورة كمترجمة، سافرت كذلك إلى كل دول الجوار على حمير الوحش لتسويق الذهب أو شراء بعض الأبقار أو جلب البترول لعربة الجيب. إذن هل سافرت فلوباندو في رحلة طويلة إلى مكان ما؟
حتمًا ستأتي وإن طالت وحدتي.
هكذا أصدر قرارًا نهائيًّا لنفسه بالأمل، وتخيل مجرد تخيل أنها عادت ومعها الجميلة، جنة روحه، سنيلا، كأجمل ما تكون، بشرتها تشع نورًا، نورًا أزرق، فمها يرتجف في انفعال وهي تقول له: أنا هي سنيلا، هل تريدني؟ إذن أنا بين يديك، أمرك يا سيدي!
– أريدك، أريدك أن ترقصي.
– هذا أقل ما يمكن فعله من أجلك، لكن أين البحيرة؟ الرمل؟ أين أطيار الكرووو كروووو؟ أين عيد مابندوتييرا؟
ثم ضحكت وتلاشت، إنها خدعتني …
لاحظ سلطان تيه أنه ليس بالبحيرة أسماك، ماؤها نقي صافٍ تتغلغل بينها خيوط الصابون الرمادية مكونة جزيرة صغيرة من التلوث الكيميائي الذي يبدو غريبًا. ليس من اهتماماته الفعلية صحة البيئة، ولو أن الدراسة التي يجب أن ينال بواسطتها شهادة الدكتوراه تدعمها منظمة السلام الأخضر العالمية، لكنه باحث أكاديمي ذكي فحسب، ليس له انتباهات لغير آلية العمل الأكاديمي، ليست روحه، يعرف في قرارة نفسه أنه كالكمبيوتر، يعمل بصمت/جدية وإتقان، لكن بغير عاطفة، يستعجب لذلك!
أخذ ينشر ملابسه على أشواك الأشجار والأحجار على الشاطئ، رائحة الذئب تزكم أنفه، سيبقى اليوم بطوله في الماء، سيدلك جسده بالرمل والطين والصابون.
لكن أنفاسه رائحة الذئب.
ويل لمن يقتل الذئب! وويل لمن يأكل الذئب! وويلات لمن أكله الذئب!
تخيل سنيلا تقول له: سأحبك كثيرًا لأنك الآن ذئب مقدس، آه يا ذئبي المسكين الأكثر قدسية! …
صعد جذع شجرة ضخمًا ملقى على الشاطئ، قفز نحو الماء الساكن الهادئ، تشظَّى الماء مندفعًا في كل الاتجاهات قبل أن يبتلعه لثوانٍ ثم يلفظه للسطح فيسبح متوغلًا في عرض البحيرة، كان العالم حوله ساكنًا، الصوت الوحيد هو طجطجة كفيه على سطح الماء ودفدفة رجليه دافعة الماء للخلف، إلى الأمام.
ماذا لو جاءتا الآن فجأة، سبحتا قربي كما تسبح الجنيات في أنهار الأحاجي القمرية؟! أنت لا تعرف شيئًا عن مستر ومسز جين.
أنا أعرف كل شيء عنهما، أريدك أنت أن تعرف ما أعرف، وأنت فقط تهتم بسنيلا تلك البرصاء، لكن في هذا الدغل ما هو أهم منها.
أول ذلك مسز ومستر جين.
أول ذلك الكواكيرو.
أول ذلك «لالا»، «فترا»، «سارا»، «شاري».
أول ذلك الدغل نفسه.
أصبحت حكاية الأبرصين همًّا يوميًّا لنا، عندما رأيناها أول مرة كانت بيضاء وشاحبة كأنها حجر طباشير، ليست بها قطرة دم، جسدها صغير هزيل، ولو أن عمري لم يتجاوز الثامنة إلا أنني كنت أفوقها حجمًا وعافية، كنا نسمعها تسعل بين الفينة والأخرى، عندما تخرج إلينا نهرب نحن بدورنا نحتمي بالقش والشجيرات، كانت تبتسم لنا تلك الابتسامة الهزيلة التي عرفت بها فيما بعد. ذات خروج أشارت لنا أن نقترب منها، فرطن لنا الكبار محذرين أن نفعل، لكنها كانت تصر على ذلك، أحسست في عمق نفسي أنها كانت تطلبني أنا بالذات، لِمَ لا أذهب إليها؟ إنها تحتاجني، فلمَ لا؟ وأمام دهشة الجميع تقدمت نحوها.
تدور، تندوم، تررم!
لكني ذهبت، في الحق لا أدري هل هي التي أتت إليَّ أم أنا التي ذهبت إليها، المهم وجدت نفسي في حِضنها، كان حضنها دافئًا مثله مثل حضن أمي، إذا تهامسنا به في شأن رائحتها، محض افتراء، ليست بجسدها رائحة الثعبان، ولا حتى شمام عرق الكلب، بل العكس كانت تفوح منها رائحة الياسمين البري بعد هطول أوائل أمطار الشتاء، فقط كلامها يشبه نُباح السمع مرة، وأخرى يبدو كأنه زقزقة الطيور، وهو نتاج لعدم معرفة البرص للكلام مثلنا. أجلستني قربها، كنت ثقيلة على رجليها الهشَّتين، بأناملها البيضاء الناعمة تتخلل شعري، أسمع خشخشة شعري الجاف محتدمًا بأظافرها، يبدو أنها تستلذ فك انكماشاته، كلمتني كلامًا فهمته ولو أنني لا أعرف رطانتها، كانت تقول لي: ابقي معنا في هذا المنزل.
قلت لها: سأبقى.
لم أعد للمنزل، في ذلك الحين كانت بأسرتنا مشاكل خطيرة أساسها انشغال أبي وانسحاره بواسطة تيري زوجته العجيبة التي تسببت في اختفائه إلى الآن، أمي مشغولة أيضًا بشأن تيري وأبي، المهم في الأمر أن لا أحد يهتم بأحد في المنزل.
نعم، كانت والدتي تصنع الطعام بصورة منتظمة، تطعمنا جميعًا، أنا وندى ونيرو وأبي وزوجته تيري، لكن يتم ذلك تحت عاصفة من الشجار المستمر واللعنات، تحت عاصفة من التهديد والوعيد، وأنها سوف لا تصنع الطعام وسوف لا تصنع الجِعَة، وسوف لا تجلب الماء من البئر، سوف لا تحتطب مع الحاطبات، وسوف تذهب لوالدها تاركة أبينا، ولترضعكم تيري من ثديها الكبير جميعكم، ولترضع نفسها أيضًا، وهكذا تفعل التيرا.
أمي تهتم بإدارة الشجار اليومي أكثر من الاهتمام بنا، رغم ذلك عندما أخبرها العائدون إلى القرية بأنني بقيت مع البرص في بيتهم ذي السقف المسطح ذُعرت، جرت نحو قطية أبي وأخذت تضرب على باب الخشب بكل قوتها طالبة من أبي أن يعيدني للمنزل، لكنها كانت تعرف مثل القرية كلها إذا اختلى أبي بها جامعها، إذا جامعها يستحيل عليه الفكاك منها، يقولون إنها مثل الكلبة لها ما تقبض به شيء الرجل إلى ما تشاء، وهكذا تفعل نساء قبيلة الكا. حملت أمي حربتها، جاءت إلى بيت البرص، أخذت تدور حول المنزل إلى ما بعد منتصف الليل، حيث عرفت ذلك من خلال صوت الليل قرب النافذة، عندما خرج مستر جين وجدها تقف بعيدًا متكئة على حربتها، سلَّط عليها ضوءًا قويًّا من بطارية متحركة، هربت في عمق الدغل.
مثلي مثل كل أطفال القرية عارية حافية، ليست بجسدي غير قلادة من الخرز حول خصري وتميمة معلقة على عنقي مدلاة على صدري لتحميني من الأرواح الشريرة، لا أدري هل كان جسدي نظيفًا أم تفوح منه رائحة نتنة، لم أذهب للاستحمام في البحيرة منذ أسبوع مضى.
أدخلتني مسز جين الحمام، ولأول مرة أرى الماء يهبط من السقف كالمطر، كان دافئًا لذيذًا، لكني افتقدت فيه انطلاقة البحيرة واللعب الذي عادة يصاحب الاستحمام، عطرتني بعطر له رائحة مسك الغزال، كانت سعيدة جدًّا ومثلها زوجها؛ يتحدثان، يضحكان، يقولان لي كلمات ما كنت أفهم منها شيئًا غير أنني كنت أرد دائمًا بابتسامة تدل على أنني: أبادلكم شعورًا جميلًا جدًّا.
ألبستني فستانًا جميلًا أبيض اللون، ناصع البياض، هذا أول شيء ألبسه في حياتي بعد بطن أمي، كنت أحس به يضغط على جسدي، ولو أنه كان فضفاضًا إلا أنه لا يحتمل، غريب مدهش في آن واحد، حاولت نزعه والتخلص منه، لكنهما أجبراني على إبقائه بجسدي، كان يخزُّني كأنما به أشواك التين، وخزٌ حلوٌ مدهش، عندما أتخيل كيف سيصيح أهلي عندما يرونني في هذا الملبس الذي ليس بإمكان طفلات الكواكيرو نفسه، كيف ستهتف أمي.
بتاتا، تلو، تلو وا.
وهي تضرب كفًّا بكفٍّ.
لا أدري متى نمت.
غير أني عندما استيقظت في الصباح الباكر وجدت نفسي على لحاف ناعم لم أرَ مثله في حياتي، إنه لا يشبه لحاف أوراق الموز الذي نلتحف، وهو أيضًا أنعم من لحاف الريش الذي صنعه أبي لزوجته الجديدة تيري.
استيقظت على خجخجة أهلي.
باندو.
باندو.
باندو شواتينق.
كانت فلوباندو تحكي له عن الأحداث التي مضى عليها قرابة العقدين كأنها حدثت بالأمس، بصوتها سخونة الطهو، وبأنفاسها أبخرته، وفي مخيلتها الأحداث تنضج الآن، قالت له يريدها أن تتحدث عن سنيلا، برصائي الفاتنة، سنيلا، قالت: القرية كلها كانت هنالك، المحاربون يمتشقون آلياتهم، الكواكيرو على ظهر حمار وحشه القوي، هنالك أعيان كثر، آباء، أمهات، أطفال، كلاب وأطيار.
هل أنت على قيد الحياة؟
عندما أخذت مسز جين في خلع ملابسي الجميلة البيضاء التي بدت ناصعة ومبتهجة في ذلك الصباح، حزنت وأحسست بموت الدهشة باردًا فيَّ، قاومت، فعلًا بدأت في الصراخ لولا أنها أسعفتني بثوب آخر جديد، أجمل ثوب في الدنيا كلها مرسومة عليه ورود، به ألوان جميلة متنوعة، عليه أيضًا عصافير ذات أرياش زاهية رقيقة، وبه شجر وسماء وبه سحر غريب، عرفت فيما بعد أن مستر جين قضى ليله كله في حياكته وإعداده من أجلي. حينما خرجت وأنا في ذلك الثوب إلى قومي وعشيرتي، مسز جين ترتدي طِبْقَه، حتى صرخت العشيرة كلها بنفس واحد: نبتاتا، تلو تلو، يا سيد الغابة!
تعجبًا، دهشةً، انفعالًا، بدلًا من البحث عن بقايا عظامي وترتيب الأمر والأخذ بثأري من آل جين، ها هم يشتعلون فخرًا واعتزازًا، ها هي أمي تجري نحوي بعد أن ألقت بالفأس على الأرض، تضمني على صدرها وهي تشم ثيابي وتضحك في ابتهاج، تتمتم: وآآآآآنا برم بجيل وآ آنا سيسي.
محوِّطة إياي من العين الساحرة، القلب الحاسد، النفس الحارق، سادة الظلام، من دون أية اتفاق سابق أو تفكير أسماني أهلي منذ ذلك اليوم «فلوباندو»، حيث كان اسمي «باندو»، يعني المطر، وهو اسم جدتي التي ولدت ذات خريف تاريخي، ولو أن ميلادي أنا في سنة عادية بل جافة بعض الشيء، إلا أن جدتي جاءت في النوم لأبي وطلبت منه أن أُسمَّى عليها «باندو»، وبإضافة كلمة «فلو» هذه أصبح اسمي ما يمكن ترجمته ﺑ «زهور المطر الكثيرة».
سلم عليَّ يدًا بيد كل أطفال القرية، أصدقاء العُري القديم، ضمتني إلى صدورهن الأمهات والجدات، حيَّاني باحترام وإعجاب المحاربون الأكارم، أجلسني على بغلته الكواكيرو، همس في أذني: تعلمي ابنتي كلامهم، في كلام البرص سر تقدمهم، تعلمي كلامهم يا فلوباندو.
وهم يودعون قالت لي امرأة صديقة لأمي عجوز: إذا أحسست أنهم بصدد أن يأكلوكِ فما عليك إلا الهرب، إنهم طيبون، إنهم طيبون.