الجبر
إذا كان هذا الأسلوب الأفريقي للضرب يبدو غامضًا لنا، فبلا شك سيبدو أسلوبنا كذلك بالنسبة لهم. فهل يمكنك شرح طريقتهم؟ وهل يمكن شرح طريقتك؟ في الحقيقة الطريقتان تعتمدان على نفس الفكرة، وهو نفس الجانب من الجبر، ويُعرف باسم: «قانون التوزيع» وهو الموضوع الرئيسي لهذا الفصل. وسوف نعود لمسألة التجار الإثيوبيين بعد قليل.
أما عند دمج هاتين العمليتين، ففي هذه الحالة تكون الأقواس ضرورية:
كلٌّ منا لديه بعض الخبرة في مسائل الجبر أو الحساب التي تحتوي على بعض الصعوبة من أيام المدرسة؛ إذ كان يجب أن تكون أكثر حذرًا عند التعامل مع المسائل التي تحتوي على علامة الطرح والأقواس. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى أن عمليات الطرح ليست تجميعية. وعند إجراء عمليتي طرح متتاليتين، فإن الأقواس تكون مهمة:
قانون التوزيع هو الأكثر خصوصية والأقل وضوحًا بين جميع قوانين الجبر. وتأتي خصوصيته من حقيقة أنه القانون الوحيد الذي يربط العمليتين الأساسيتين في الحساب وهما عمليتا الجمع والضرب؛ وهو القانون الذي يدلنا على كيفية ضرب الأقواس:
وعلى الجانب الآخر:
المهارة في قانون التوزيع تأتي من استخدامه في الاتجاه المعاكس لكتابة مجموع ما في صورة حاصل ضرب باستخراج عامل مشترك. وبدلًا من استخدام الكثير من الأقواس فإن هناك عملية ميكانيكية تمامًا موضحة أدناه، ألا وهي التحليل، وتنطوي على التفكير في تعبير ما واستخراج عامل مشترك. وهو يتطلب من الطالب حسن التقدير، فهو الذي يقرر هل هذا التحليل مناسب وسيساعد في تبسيط التعبير الجبري المُعطى. وهذا يتطلب خبرة كبيرة مناسبة، لكنه جزء لا بد منه في عملية التعليم. ويحتاج الطلاب الجادون في المواد التي تعتمد على الحساب أن يكونوا قادرين على التعامل بسهولة مع الجبر ويعرفوا كيفية استخدام قانون التوزيع في كلا الاتجاهين.
لقد استخدمنا قانون التوزيع لتجزئة عملية الضرب إلى مجموع عمليتَي ضرب أبسط. بعد ذلك نقول:
قد تشعر بشيء من الانزعاج من هذا المستوى التفصيلي للتفسير. جزء من السبب في ذلك أنني أشرح شيئًا مألوفًا تمامًا — الضرب البسيط — باستخدام أفكار قد تكون غير مألوفة، وهي قوانين الحساب. فإذا كان هذا يزعجك، فببساطة شديدة تجاهله تمامًا، ولكن لاحظ نقطة واحدة عامة: كل طريقة حسابية تعتمد في تفسيرها على مجموعة صغيرة من قوانين الحساب البسيطة جدًّا، ومن هذه القوانين قانون التوزيع. ومع ذلك، آمُل أن تساعد قوانين الحساب في توضيح الطريقة الإثيوبية للضرب لأنك، ما لم تكن إثيوبيًّا، ستشعر في الغالب بأنها تحتاج إلى التوضيح.
دعونا الآن نَعُد إلى مسألة الضرب الإثيوبية بكل ما فيها من مضاعفةٍ وتنصيف، مع إهمال الأنصاف وحذف الصفوف الزوجية، ثم جمع الباقي. قد يبدو هذا محيرًا لنا، لكن عند تحليله، سنجد أنه مدعوم بقوة بقانون التوزيع.
وفي هذه الحالة كل صف باستثناء الصف النهائي يبدأ بعدد زوجي؛ ومن ثم سيتم حذف جميع الصفوف باستثناء الصف الأخير.
ثم نستمر في ذلك فنحصل على:
مع أن هذه الطريقة قد لا تكون مريحةً بالنسبة لنا، فإن الطريقة الإثيوبية صحيحة تمامًا كما هو الحال في كثير من الطرق الأخرى المستخدمة في الضرب. وهذه نقطة نفسية مهمة. فعندما نقوم بعمليات حسابية عقلية، فإن كلًّا منا يبدو أن له طريقته الخاصة. ولا غبار على ذلك، شريطة أن يصل الجميع للنتائج نفسها. والناس غالبًا ما يخجلون من طريقة أدائهم للأشياء خوفًا من أن يقال إنهم يقومون بالعمل بأسلوب خاطئ.
لقد شُجِّعنا جميعًا على القيام بالعمليات الحسابية ذهنيًّا، لكن عادة لم يخبرنا أحد عن كيفية عمل ذلك، وكثيرًا ما تُركنا لأساليبنا الخاصة. الطرق القياسية للقيام بعمليات الجمع مصممة بحيث يتم استخدام القلم الرَّصاص والورقة، حيث تملك ميزة كتابة الأعداد (عمليات الترحيل مثلًا) وتخزينها دون حاجة لتذكرها عند الانتقال إلى الخطوة التالية من الحسابات. ولذلك فإن هذه الطرق غير مناسبة للحساب الذهني؛ إذ إن من الصعب الاحتفاظ ببعض الأعداد في الذهن، وفي الوقت نفسه التعامل مع أخرى. عندما نتكلم عن الحساب العقلي، فأنت حر في أن تفعل أي شيء ما دام يؤدي للنتيجة. وإذا حاولت ذات مرة كتابة طريقتك لإقناع نفسك بأنها صحيحة، فإنك سترى في النهاية أن طريقتك تتم بنفس قوانين الحساب التي يستخدمها سائر الناس.
(١) من الحساب للجبر
ينطوي الجبر على إجراء الحسابات دون تعيين للأعداد، ويرمز لها برموز، بدلًا من تعيينها. وهذا يسمح لنا بوصف طريقة عامة ببساطة. من ناحية، يحتاج هذا إلى وقت للتعود عليه، ولكن من ناحية أخرى، بما أن قوانين الجبر يجب أن تكون مطابقةً لقوانين الحساب، فإن طريقة استخدامها لا تحوي الجديد. وذلك هو السبب في أن إجادة الحساب تؤدي إلى الكفاءة في الجبر.
وللتأكيد نكتب مرة أخرى:
بعبارة أخرى، ما أوضحناه هو أن الجذر التربيعي لحاصل الضرب هو حاصل ضرب الجذور التربيعية، وأن الجذر التربيعي لخارج القسمة هو خارج قسمة الجذور التربيعية؛ وهو ما يعني أن عمليات الضرب واستخراج الجذور التربيعية يمكن تنفيذها بأي ترتيب لتعطي نفس النتيجة. وهذه الحقيقة تُستخدم دائمًا لتبسيط الجذور التربيعية للأعداد الكبيرة:
إلا أنه ليس صحيحًا على الإطلاق أن نتمكن من تبديل ترتيب الجمع وأخذ الجذر التربيعي، كما يتضح من المثال التالي:
لدينا الآن ما يكفي من قواعد الجبر لاستخلاص الصيغة الشهيرة لحل المعادلات التربيعية، التي تتطلب منا تقنية عامة تسمى: «استكمال المربع». فلنبدأ بمثال. حل المعادلة:
من أجل استعمال الجبر بكفاءة نحتاج أن نتمكن من التعامل مع الأعداد الموجبة والسالبة على حدٍّ سواء. والسبب هو أنه حتى عند التعامل مع المسائل التي تحوي كميات موجبة، وحلولًا موجبة فقط، فإن العمليات الجبرية قد تُخرجنا من نطاق الأعداد الموجبة إلى نطاق الأعداد السالبة، على الرغم من أننا قد نعود في النهاية إلى نطاق الأعداد الموجبة. إذا كنا نريد أن نُجريَ عمليات القسمة بحُرية فإننا نحتاج إلى الكسور، وإذا أردنا أن نُجري عمليات الطرح بحُرية فنحن نحتاج للأعداد السالبة كما نحتاج للأعداد الموجبة.
ومع ذلك، كان يوجد دائمًا انحياز للأعداد الموجبة. فالبابليون عرفوا كيفية حل المعادلات التربيعية ولكنهم لم يقبلوا سوى الحلول الموجبة. ولهذا السبب قد تبدو طريقتهم في تمثيل المعادلات التربيعية غريبة بالنسبة لنا. وكان النهج المفضل هو أن يطلب أبعاد المستطيل بمعلومية محيطه ومساحته. وهذا أدى إلى إتاحة الحلول الموجبة بشكل دائم.
ويمكننا الآن تطبيق نفس الخطوات كما سبق وإكمال المربع، شريطة أن نعلم أنه بشكل عام:
وفيما يلي مثال آخر يكشف فيه الجبر عن حقيقة مهمة خاصة بالمقادير الموجبة. ولكن، مرة أخرى، سوف نسمح لأنفسنا بالتعامل مع الأعداد السالبة ونستخدم حقيقة أن حاصل ضرب عددين سالبين هو عدد موجب (وهي نقطة يتردد بعض الناس في قَبولها).
وهذا ما يسمى المتوسط الحسابي. ومن ناحية أخرى فإن المتوسط الهندسي لعددين موجبين هو العدد:
ومن ثم:
بأخذ الجذر التربيعي الموجب للطرفين فإن:
وهو المطلوب إثباته: أي إن المتوسط الحسابي أكبر من أو يساوي المتوسط الهندسي.
وإذا كنا غير مُقيَّدين في تعاملنا مع الجبر، ونستخدم الأعداد السالبة بحرية، فإننا نستطيع حل أي معادلةٍ تربيعيةٍ بإكمال المربع في الحالة العامة. في المعادلة التربيعية العامة مثل:
يؤدي إكمال المربع إلى الصيغة التربيعية الشهيرة:
ومع أن الطُّرق الجبرية المستخدمة للحصول على هذه النتيجة صعبة بعض الشيء بالمعايير المدرسية، إلا أنها لا يوجد بها شيء جديد. فالفكرة الجديدة في حل المعادلات التربيعية هي فقط إكمال المربع. وبمجرد استيعاب ذلك، تكون الصيغة العامة بسيطة ومباشرة. إلا أنها تتطلب من الطالب أن يستطيع الاستجابة جبريًّا بشكل سليم ليتمكن من التعامل مع هذا المستوى من العمل. على سبيل المثال، أثناء الاستنتاج يطلب منا في إحدى الخطوات وضع تعبير جبري مُعقَّد على مقام موحد. ما تفسير هذا؟
كل ما يحدث هو جمع الكسور. قد تكون التعبيرات معقدة، ولكن البسط والمقام لا يزالان يرمزان لأعداد (غير محددة) ومن ثم يتبعان نفس قوانين الجبر. ما القوانين ذات الصلة بذلك؟ للإجابة عن هذا السؤال، دعونا ننظر إلى جمع الكسرين:
والآن هذان الكسران لهما مقام مشترك فيمكن جمع البسطين معًا لنحصل على:
هذه الخطوة الأخيرة تستخدم قانون التوزيع. لرؤية ذلك اسأل نفسك ماذا يقال عند كتابة شيءٍ مثل:
وهو مثال على قانون التوزيع في حالة الكسور.
وباستخدام قانون التوزيع يمكننا فك الأقواس بضرب كل حد من القوس الأول في كل حد من القوس الثاني، ثم جمعها كلها فنحصل على أربعة حدود. ويستمر الحساب:
ومن ثم نحصل على:
وكل ما عدا ذلك سيؤدي إلى إجابة خاطئة. ومع ذلك فعندما يقول أي مدرس إن حاصل ضرب عددين سالبين هو عدد موجب، فإنه عرضة لتلقي بعض الملاحظات على غرار «لا يمكنك ضرب كميتين سالبتين من المال للحصول على كمية موجبة!». وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو اعتراضًا مقنعًا، فإنه هراء؛ إذ لا معنًى لضرب كميةٍ من المال في كميةٍ أخرى من المال في المقام الأول، سواء اعتبرت الكميات ائتمانات أو ديونًا. ما تقوله الرياضيات هو أنه عندما يتم ضرب عددَين سالبَين، فإن النتيجة ستكون موجبة.
فمثلًا:
بطريقة مماثلة نستنتج التعبير الخاص بالفرق بين مربعين:
مرة أخرى، فإن عكس هذا الاتجاه هو الأكثر استخدامًا. ويمكن كتابة الفرق بين مربعين كحاصل ضرب. مثل:
الذي قد تتذكر أنه ظهر في المسألة الرابعة في الفصل الأول.
(٢) عودة إلى الكسور المصرية
بأخذ المعكوس (وهو يؤدي إلى أن تغير المتباينتان اتجاههما):
ومن ثَم:
وهذه المتباينة الكسرية الأخيرة من السهل إثباتها لأن قاعدة الضرب التبادلي (ضرب الوسطين في الطرفين) التي ذكرناها في الفصل الثاني تقول إنها تساوي: