٢١ ديسمبر
بعد كل ذلك البحث والتنقيب في غرفة السطح، أحضرت — أخيرًا — «المذود» وقالب الكعك، الذي كنا قد أنقذناه من الحريق.
أفهم أنك ستقولين: «المذود» لأن الكريسماس على الأبواب، ولكن لماذا قالب الكعك؟ قالب الكعك هذا كان لجدتي، جدتك الكبيرة، وهو الشيء الوحيد المتبقي من تاريخ عائلتنا من جهة الأم. بعد وجوده، لفترة طويلة في غرفة السطح، غطَّاه الصدأ، ولذا حملته مباشرة إلى المطبخ، ووضعته في الحوض، وحاولت تنظيفه ببعض السوائل ومواد التنظيف. فكري … كم مرة دخل وخرج من الفرن! وفي أنواع الأفران التي دخلها، وكان كل منها أحدث من السابق، وكم عدد الأيادي المختلفة، رغم أن كلها أيادٍ، التي قد ملأته بالعجين.
أحضرته من غرفة السطح إلى أسفل … إلى المنزل، لكي أحييه مرة أخرى، لكي تستخدميه … وربما تورِّثينه لبناتك، لأنه، على طريقته المفيدة، يلخص قصة الأجيال.
بمجرد أن وقعت عليه عيني في قاع الحقيبة، تذكرت آخر مناسبة عندما كنا سعداء برفقة كلينا، متى كان ذلك؟ منذ عام … وربما أكثر.
بعد الغداء مباشرة، جئت أنتِ إلى غرفتي دون أن تطرقي الباب، ووجدتني مستلقية على السرير، ويداي مشبوكتان على صدري، وبمجرد رؤيتي انفجرتِ في موجة من البكاء، أيقظني نحيبك. جلستُ وأنا أتساءل: «ما بك؟ ماذا حدث؟»، قلتِ: «لأنك ستموتين قريبًا» … وبكيتِ أكثر. قلتُ: «ليس قريبًا جدًّا يا حبيبتي … أتمنى!»، وضحكتُ، وقلتُ لك بعد ذلك: «هل تعرفين ماذا سنفعل؟ سأريك كيفية صنع شيء أستطيعه، وأنت لا تستطيعين، حتى يمكنك عمله عندما لا أكون موجودة؛ وتتذكرينني». وقُمتِ وطوقتِ رقبتي بذراعيكِ. ثم قلت أيضًا لكي أفرغ الشحنة العاطفية التي في داخلي: «هيا! ماذا سأعلمك؟» جففت دموعك، وقلت: «نصنع كعكة!»، فذهبنا إلى المطبخ، وبدأنا معركة طويلة. في البداية رفضت ارتداء مريلة المطبخ، وقلتِ: «إذا لبست هذا الشيء، فلا بد أن ألفَّ شعري بشيء، وأضع في قدمي شبشبًا من القماش!»، وعندما جاء وقت خفق بياض البيض شكوتِ من ألم في رسغك، وغضبت لأن الزبد لم يختلط بصفار البيض، ولأن الفرن لم يكن ساخنًا بدرجة كافية. وعندما كنت ألحس الملعقة الخشبية بعد ضرب الشوكولاتة، تركت الشوكولاتة أثرًا على أنفي، وعندما رأيت ذلك انفجرتِ ضاحكة: «في مثل عمرك … أليس ذلك أمرًا مضحكًا؟ أنفك بني مثل أنف الكلب.»
لكي نصنع كعكة واحدة أمضينا المساء كله، وانتهى الأمر بالمطبخ وكأنه كان تحت القصف بالقنابل. كان بيننا جو من الأنس والوداعة، ومرح ناشئ عن تواطؤ. وبعد أن أصبحت الكعكة في الفرن، وأنت تشاهدينها، ولونها يغمق — شيئًا فشيئًا — خلف الغطاء الزجاجي، تذكرتِ فجأة لماذا صنعناها، وانفجرتِ في البكاء ثانية.
في المطبخ حاولت تهدئتك: «لا تبكي، أنا سأموت بالطبع قبلك، ورغم أنني لن أكون موجودة، إلا أنني سأكون هنا … سأعيش في ذكرياتك السعيدة. ستنظرين إلى الأشجار، إلى أحواض الخضراوات والزهور، وتتذكرين كل الأوقات الجميلة التي قضيناها معًا. سيحدث ذلك أيضًا عندما تجلسين في مقعدي، أو تخبزين الكعكة التي علَّمتك صُنعها اليوم، وسوف تجدينني أمامك بأنف بُنيٍّ عليه آثار الشوكولاتة.»