نَسَقُ التَّمثِيلِ
الفصل الأول
يمثِّل هذا الفصل في مَشْهَدِهِ الشُّرْفَة الكبرى للقصر الملكي بمدينة (تدمر) وقد جلست (الزَّبَّاء) على مسمع مِنْ مرور بعض الجند العائدين من (مصر)، بعد أن أتمَّتْ فَتْحَها بدون مقاومةٍ بجيْشها العظيم الذي بلغ سبعين ألفًا، وحولها معظم وزرائها وحاشيتها. ويبدأ الفصل بنشيد الجند الفاتحين، ثم يحدثها مهنئًا صديقها الفيلسوف الإسكندري (لونجينوس) فيذكِّرها بأن الشعب المصريَّ ذاته رحَّب بجيشها نظرًا للمودة التي بين المصريين والتدمريين، وهي حبيبةٌ إليهم؛ لأنها قريبة (كليوبطرة). ثم يجيء الوزير الأعظم (لورنتياس) مبلغًا إياها إجلال الجيش ومحبته وفرحه بالنصر ويستأذن في مثول القائد الأعظم (پيلنيوس) بين يديها، ويجيء هذا فتضع الملكة إكليل الغار المنمَّق بالغسول على رأسه، ثم تدعوه لأخذ مجلس الشرف بجانب وزيرها الأعظم، ويتبادلون التهاني والتقدير ثم تطلب الملكة من (مِرَنْدَا) — ابنة كبير الكهنة (ثاديوس) والتي كانت معروفة بأنها تشاطر (پيلنيوس) الحُبَّ — بأن تقدِّم إلى القائد الأعظم (پيلنيوس) رمزًا آخر للفخر والمجد هديتها الملكية: وهي سيفٌ مُرَصعٌ بالجواهر، فتقدِّمه (مِرَنْدَا) إلى القائد الأعظم الذي يركع احترامًا لتناوله، ثم يقبِّله ويفيض بنشيد الشكر إلى الملكة، وتحيِّيها الحاشيةُ جميعها أجملَ تحيةٍ في فرحٍ عظيم، ثم يحين دورُ حامل العَلَم فتكرِّمه الملكة وجميعُ مَنْ معها. وهكذا يمثِّل هذا الفصل الأول استقبالًا فخمًا، وعَرْضًا للفتح، وتقديرًا للجيش المنتصر، وترديدًا لأماني (تدمر).
الفصل الثاني
يمثل هذا الفصل بمنظره الفخم «مَعْبَد الشمس» بمدينة (تدمر) وقد مرَّ عَهْدٌ طويلٌ على وقوع حوادث الفصل الأول، وأخذ الرومانيون يحاربون التدمريين بعد أن خافوا من امتداد نفوذهم وأوشكوا أن يشتبكوا معهم في معركةٍ خطيرةٍ حول (أنطاكية). ويبدأ الفصلُ بصلاة كبرى في المعبد استنجادًا على الأعداء، وقد حضرت الملكة وكبار حاشيتها وسراة المدينة وذوو الحيثيات المختلفة فيها نساءً ورجالًا. وبعد انتهاء الصلاة تعلن الملكة رغبتها في أن تكون بخلوة مع رجال عرشها للمشورة، فيخرج الحاضرون ما عدا كبير الكهنة والوزير الأعظم والقائد الأعظم والفيلسوف لونجينوس، فتسأل الملكة قائدها الأعظم عما اعتزم أن يفعله إزاء هُجُوم الرومانيين الخطر، فيُجيبها مبالغًا في تقدير الخطر مشيرًا إلى أسر وليِّ العهد، ولكنه يعدها ببذل كلِّ قواه لصيانة المملكة ما دامت تمنحه رضاءها، ثم يلمِّح إلى طمعه في أن يشاركها العرشَ وأن يغدو زوجها وملك (تدمر) … ولكنها تتجاهل هذا التلميح وتدعوه إلى الالتحاق بالجيش فورًا واستئناف الإشراف على هذا القتال، فيخرج مودِّعًا. ويُخْطِئُ الفيلسوف (لونجينوس) في تصوُّره أنَّ القائد الأعظم (پيلنيوس) مخلصٌ أمينٌ، فيقترح أن يُعْطَى يد (مِرَندا) بعد عودته ظافرًا، حاسبًا أنه يسرُّ والدها كبير الكهنة (ثاديوس) بهذا الرأي … ولكن ثاديوس يقاطعه غاضبًا ويرفض هذه المشورة، ثم يفضي بخشيته من (پيلنيوس) وأطماعه، ولكن الملكة في شجاعةٍ وشَمَمٍ تعلن أنَّ عرشها لشعبها، وأن نفسها ملك نفسها، ويخفف الوزير الأعظم من روعهم، ويتعاهد الجميع على نصرة الوطن.
الفصل الثالث
يمثل المنظر الأول لهذا الفصل «حصن تدمر» قُبَيْل الغروب في مشهدٍ رائع والشمس باعثة بأشعتها الأرجوانية بين صفوف النخيل على الرمال الذهبية والحجارة التاريخية العتيقة، ويبدو رجال الحامية في مواضع متفرقة ومعهم سيوفهم وسهامهم ودروعهم، وتبدو المنجنيقات في مواضع مختلفة من الحصن، وقد زارته (الزَّبَّاء) على موعد من القائد الأعظم الذي جاء من ميدان القتال بحجة تقوية الدفاع، ولكنه جاء في الواقع ليساوم (الزَّبَّاء) على الزواج منه حتى يصبح ملك (تدمر) وذلك ثمنًا لإنقاذه المملكة من خطر الرومانيين الزاحفين على (تدمر) بعد أن هزموا التدمريين أخيرًا في موقعة (حمص) وأخذوا يجتازون القفار والاستحكامات إلى العاصمة. فتعنِّف الملكة (پيلنيوس) وتذكره بفضل رعايتها وتعتبر مساومته إيَّاها في ساعة الشدة إهانة لها بل خيانة لعرشها، فيحاول تبريرَ موقفه والدفاع عن نفسه وذكر مآثره على المملكة، ولكن هذا الدفاع يزيدها مقتًا له وغضبًا عليه، فتطلب منه أن يتركها على أي حال وتُعْلنهُ بأنه إذا خانها فستقود بنفسها الجيش، ولن تلقي السلاح حتى تحرر وطنها من غارة المغيرين … فيتركها قائدها محتجًّا. ثم تدعو الحامية وتخاطبهم بحماسةٍ وطنيةٍ، فيقسمون بالإخلاص لها والتفاني في الدفاع عن (تدمر)!
ويمثل المنظر الثاني من هذا الفصل مَشهدًا ريفيًّا وشاطئ نهر (الفرات) في خلف المسرح وأشعة القمر مرْسَلة ما بين النخيل وتألُّق النجوم واضحًا في السماء، ويقع هذا المنظر بعد المنظر الأول بأسابيع قليلة، وقد تمكَّن الرومانيون بقيادة قائدهم (مارسيوس) وبفضل خيانة (پيلنيوس) من اجتياز القفار والاستحكامات المنيعة — بعد موقعة (حمص) — ومن محاصرة (تدمر)، ولكن بعد أن هرب وليُّ العهد (هبة الله) من الأسر والتحق بجيش العاصمة. وفي هذا المنظر تُمثل محاولةُ (الزَّبَّاء) الهرب مع وليِّ عهدها، حيث آنستْ من الجيش الروماني المحاصَر غفلةً في إحدى الليالي فهربت ومعها طائفة من خاصتها على خيولهم ومعهم بعض الجند لتدبير الفرار لها ولولي العهد، قاصدة ملك الفرس للالتجاء إليه والاستنجاد به على أعدائها بعد أن كادت المدينة تسقط في أيدي الرومانيين. وفي أول المَنْظَر تبدو الملكة تحت ظلال النخيل في جانب من المسرح ومعها مِنْ حاشيتها كبير الكهنة (ثاديوس) والوزير الأعظم (لورنتياس) والفيلسوف (لونجينوس) و(مرندا) ابنة (ثاديوس) وقد آثروا جميعًا صحبتها وتوديعها رغم مخاطر الطريق ضمانة لسلامتها. فيتبادلون جميعًا العزاء والتشجيع والتأميل والتأسِّي والسخط على (پيلنيوس) الخائن، ثم التعاهد على التفاني في الدفاع حتى تصل نجدة الفرس المرجوَّة. وكان وليُّ العهد ومَنْ معه من الجند قد توجهوا إلى النهر لإعداد القاربين اللازمين للرحلة، ولكنه لا يعود ولا يبعث برسول إليها، ويطول انتظارها فتقلق، وبينما الوزير الأعظم يهدئ من روعها وهي تودِّع مَنْ معها إذ تفاجئهم عساكرُ الرومان فيُؤسَرون، وتلمح (الزَّبَّاء) قائدها الخائن (پيلنيوس) على رأس آسريها فتغضب مشمئزةً، وترمي نعلَها في وجهه صائحة: «أهذا أنت يا خائن؟!» … فتُسْدَل الستار العامة فورًا.
الفصل الرابع
يمثِّل هذا الفصل مَشْهَد جانبٍ من ساحة القصر الكبرى بمدينة (رومة) شائقةً بعُمُدِها وبناياتها الرائعة، وقد ازدحم أعيان الشعب في المكان المُعَدِّ لاستقبال الإمبراطور (أورليان) في عربته ماشيةً أمامها الملكة الأسيرة.
يتبادل الشَّعبُ والأشرافُ والجندُ هتافَ الفرح، ويبدو ركبُ الإمبراطور وفي مقدِّمته طائفة من الجند ثم القوَّاد وعلى رؤوسهم الغار وبينهم قائد تدمر الخائن (پيلينوس)، ثم الملكة (الزَّبَّاء) أسيرة، وعليها سلاسل الذهب والجواهر ماشيةً أمام عربة الإمبراطور وبجوارها حارسان يسندانها حيث يكادُ يغْمى عليها من التأثُّر بالهوان، ثم عربة الإمبراطور يجرُّها الجند ويحيطون بها، وتقف العربة بعد الظهور على المسرح. يبدي الإمبراطور إشارة التحية فيحيِّيه الجميع بإجلال، ويخاطب أشراف رومة مُشيدًا بفضل الجيش، ويتلقى باقات الزهر من الشعب تقدِّمها له نخبة حِسان الرُّمانيات. ويخاطب الإمبراطور (الزَّبَّاء) مُعيرًا مُذكِّرًا بسفاهتها التي جَنَتْ عليها، فتردُّ عليه (الزَّبَّاء) بشَمَمِ مخطِّئة رأيَه مُظْهِرةً أنَّ أصلَ الحروبِ والمتاعبِ قائدُها الخائن (پيلينوس)، الذي كان طامعًا في الزواج منها، فلمَّا رفضته عمل على الانتقام منها، وما انضمَّ إلى (رومة) محبَّةً فيها وإنما خيانة (لتدمر)، وهكذا تستثير الإمبراطور فيغضب على (پيلينوس) ويعتبره أصلَ العداء بين (رومة) و(تدمر) والمسئول عن ضياع الأرواح وخراب ما خُرِّب من بلاد وما أتلف من زرع، فيحكم عليه بالموت ويصفح عن (الزَّبَّاء) وينزلها ثانيًا منزلة المودة والإكرام والسيادة هي وأولادها في ضيافة مُلْكِهِ. وهكذا تنتصر (الزَّبَّاء) في أقسى ساعات الهزيمة وتبرُّ بقسمها — قسم الانتقام والتمسك بالشرف والكرامة — إلى أبناء وطنها.