الفصل الأول
(مشهد الشرفة الكبرى للقصر الملكي في مدينة تدمر وقد جلست الزباء على مسمع من مرور
بعض
الجند العائدين من مصر، بعد أن أتمت فتحها بدون مقاومة بجيشها العظيم الذي بلغ سبعين
ألفًا،
وحولها معظم وزرائها وحاشيتها. ويبدأ الفصل بنشيد الجند الفاتحين، ويراعى تمثيل العمد
الضخمة الكثيرة واتساع الشرفة، بينما الجند لا يظهرون، وإن سُمع صوت مشيهم ونشيدهم في
أقصى
خلف المسرح.)
الجند
(ينشدون في مشيهم العسكري)
:
احْكُمي! احْكُمي!
والبْثي فاتحهْ
واغْنمي واسْلمي
للمُنَى الصادحهْ
للعُلَى والحضارَهْ
للهُدَى يا مَنَارَه!
وانْهَضي بالشُّعُوبْ
يا مَلَاذَ الدُّوَلْ
فالشَّقاءُ يَذوبْ
إنْ بذلتِ الأَمَلْ!
للجنودِ البواسلْ
للكماةِ الأماثلْ!
وقد ظفرنا (بمصر)
مثلما قد أردْتِ
فَخْرُنا أيُّ فَخْرِ
طالما قد وَدَدْتِ
فانظُري باسمهْ
والبثي حاكِمهْ!
الزبَّاء
(ملكة تدمر)
:
يا وزيري الأجلَّ بلِّغْ جُنُودي
كُلَّ شكري مِنْ صَفْوِ قَلْبٍ وَدُودِ
إنَّ فَخْري بهمْ عظيمٌ، ولكنْ
هُوَ في الحقِّ بَعْضُ فَخْرِ الجُدُودِ
وادْعُ لي القائدَ الجليلَ ليحظَى
بِمثُولِ المُبَجَّلِ المحْسُودِ
لورنتياس
(الوزير الأعظم)
:
إنَّ هذا ليَوْمُ عيدٍ وأُنْسِ
فاقْبَلي التَّهنآتِ من كلِّ نَفْسِ
(ينحني احترامًا ويخرج.)
حاشية الملكة
:
يا لَنَصْرٍ حُزْتِهِ
في جلَالْ
في وَفَاءْ
في كَرَامَهْ!
إنَّ شَعْبًا سُسْتِهِ
لن يُذَالْ
أو يُسَاءْ
في زَعَامَهْ!
طالما أرْشَدْتِهِ
المُحالْ
للعَلَاءْ
للإِمامَهْ!
لونجينوس
(الفيلسوف الإسكندري)
:
ما فَتَحْتِ (مِصْرَ) فَتْحًا
كَعَدُوٍّ أو خصيمْ
بل جعلتِ الفتْحَ مَنْحًا
مِنْ نَدَى شَعْبٍ كريمْ
لِمُنى شَعْبٍ كريمْ
فيكِ ذِكْرَى (كيلُبَطْرَهْ)
في جَلَالٍ وقرَابَهْ
فامْنَحي (للنيل) قَطْرَه
مِنْ رضًى تُفْنِي اكتئابَهْ
واقْبَلي الحُبَّ الصَّميمْ
الملكة
:
خَيْرُ شُكْرٍ يا صديقي
نُصْحُكَ الوافي ثمينْ
أهلُ (مِصْرَ) مِثلُ قومي
ولهم حُبِّي الأمينْ
ولهم شكري العظيمْ!
(يدخل الوزير الأعظم ويحيي الملكة.)
الوزير الأعظم
:
الجَيْشُ في فَرَحٍ عظيـ
ـمٍ بابتهاجِكِ يا مليكَهْ
والقائدُ البَطَلُ المُجيـ
ـزُ لكِ الخُضُوعَ بلا شريكهْ
يُهْدِي إليكِ تجلَّةً
حتى يُشَرَّفَ بالمُثُولْ
وينالَ إكليلًا من الـ
ـغارِ المُنَمَّقِ بالغَسُولْ
١
وينالَ نَظْرَتكِ السَّعيـ
ـدَةَ والكفيلَةَ بالسَّعَادَه
فَينالَ مِنْ شَرَفِ الرعا
يةِ فوقَ إجلالِ القيادَهْ
(يقعد في مجلسه بعد إبداء الاحترام للملكة.)
الملكة
:
مَرْحبا! ومَرْحَبا!
ولْيَزِدْنَا طَرَبا!
قائدٌ بحذْقِهِ
نال فَتْحًا عَجبَا
قد حَبَانَا للعُلى
سبَبًا وسَبَبَا
الحاشية
(مرددة)
:
قد حَبَانَا للعُلى
سبَبًا وسَبَبَا
(يدخل القائد الأعظم لجيش الملكة فيقبل طيلسانها في خضوع ثم
ينشد.)
پيلنيوس
(القائد الأعظم)
:
لكِ الجلالُ وفَضْلُ الفَتْحِ مولاتي!
(تضع الملكة إكليل الغار المنمق بالغسول على رأسه ثم تدعوه لأخذ
مجلس الشرف بجانب وزيرها الأعظم.)
الملكة
:
خُذْ مجلسَ الشَّرَفِ العَلي
فقدْ سَمَوْتَ بمجدِ (تَدْمُرْ)
(يجلس القائد شاكرًا.)
القائد الأعظم
:
عَفْوًا! فَوَحْيُكِ كان يَهـْ
ـدِينَا الطريقَ إلى الفَخَارِ
ومِن التَّفاني في الولا
ء إليكِ أُلْهِمْتُ انتصاري
و(لمصر) فضْلُ العَطْفِ عَطـْ
ـفِ الأهل قَبْلَ شُعورِ جارِ
فاسْتَقْبَلتْنَا في وَفَا
ء وافترارٍ وافتخارِ
الحاشية
:
أَشْرِقي يا طلعةَ الشمس البهيَّهْ
إنما تُحبين آمالَ البريَّهْ
كلُّ ما أَلْهَمْتِ منْ نَصْرٍ عظيمْ
كلُّ ما أَنْعَشْتِ مِنْ حُبٍّ مُقيمِ
إنما الدُّنْيَا مُحَيَّاكِ الوسيمْ
فاهْنئي بالنَّصْرِ يا نُورَ الرَّعيَّهْ
واقْبَلي منَّا التحيَّاتِ العَليَّه!
الملكة
:
يا قائدَ الجيشِ الرفيعِ السَّنا
قد أُنْصِفَ الجيشُ فقَرَّ السَّلَامْ
هنَّأتُكَ الآنَ ولكنَّما
هُنِّئْتَ مِنْ قَبْلِي بلَمْع الحُسَامْ
مَنْ حَازَ ما حُزْتَ فقد فاتَهُ
الهِمَّةُ الكُبْرَى فكُنْتَ الهمامْ
يا بانيَ التاريخِ في مُلْكِنَا
قد نِلْتَ في الأمَّةِ أسْمَى مَقَامْ!
القائد الأعظم
:
عَفْوًا فحُكْمُك في النُّهى
يَبْقَى كما يَبْقَى البَهَا
ما كُنْتُ إلا عَبْدَك الـ
ـوافي ولو بلغ السُّهَى
وقد ابتدا بأبيكِ فخـْ
ـري فاتحًا وبكِ انتَهَى
فمُرِي فحَسْبِي خِدْمةٌ
لكِ دائمًا أحيا لهَا
فأعيشُ مَحْسُودًا لها
وأدومُ مفتونًا بِهَا!
الملكة
:
قَدِّمي السَّيْفَ حَاليًا يا (مِرَنْدَا)
رَمْزَ مَجْدٍ لِمنْ حَبَا المُلْكَ مَجْدَا
إنْ تَزِنْهُ الحُليُّ فالفَخْرُ مِنْ شَعـْ
ـبي ومنِّي به سنِيًّا تَبَدَّى
وجَمَالٌ لديكِ يُكسِبُهُ حُسـْ
ـنًا جديدًا، ويُكسِبُ الحسنَ حَمْدَا
ويَدَاكِ اللَّتَانِ أوْلى بتَقْبيـ
ـلٍ تبثَّانِ قُبْلةَ الشكرِ رَدَّا
هكذا تُشْكَرُ الشَّجَاعَةُ والإخـ
ـلَاصُ للموطنِ العزيزِ المُفَدَّى!
(تنهض مرندا حاملة السيف المرصع بالجواهر بكلتا يديها لتقدمه إلى
القائد الأعظم الذي يركع احترامًا لتناوله.)
مِرَنْدَا
(ابنة كبير الكهنة)
:
رَبَّةَ التَاجِ إنَّ أمْرَكِ تَشـْ
ـرِيفي وكُلِّي ما عِشْتُ طَوْعٌ لأمْرِكْ
وأنا الآنَ في سُرُورٍ وفخْرٍ
أهِبُ السيفَ مُعْلِنًا صِدْقَ فَخْرِكْ
فتقبَّلْ يا سيِّدَ الجُنْدِ إعجا
بًا من العرشِ والرَّعايا بقَدْرِكْ
وخُذ السيفَ ظافرًا شارةَ الذِّكـ
ـرَى لنصر، ولْيبقَ مرآة نَصْرِكْ!
(يتناول القائد الأعظم السيف ويقبله، ثم ينشد هذا الشعر التالي قبل
الجلوس وتعود مرندا إلى مجلسها.)
القائد الأعظم
:
بُورِكْتِ يا مَوْلاتي
وبَقيتِ نُورَ حَيَاتي
ضَاعَفْتِ نَصْري هكذا
برِضاكِ يا مولاتي!
(تدخل ثلاث جوار حسان في ثياب راقصات من كل من جانبي المرقص ويرقصن
نحو خمس دقائق على نغم النشيد الآتي الذي تنشده الحاشية.)
الحاشية
:
أسْعَدْتِنا فدعي قلْبي
خالي الذنبِ يُبْدِي نجْوَاهْ
وزِدْتِنَا بعدَ الحربِ
بأسًا يَسْبي مَنْ لا يخشاهْ
فلكِ الحمدُ
ولكِ الحُبُّ!
المُلْكُ بالرَّأيِ السَّامي
ثم الأجْنَادْ
فَتَحْتِ مِنْ قبل حُسَامِ
بحجًى وَقَّادْ
كَوَّنتِ شَعْبًا يَهْوَاكِ
لَنْ ينساكِ
يَرْعَاكِ حُبٌّ رَعَايَاكِ
لو أرضاكِ
يا زينةَ العَرْشِ الزَّاهي
يا شبه مَلَاكْ
ذِكْراكِ رَاحُ الأفواهِ
ومُنَى الأفلاكْ
عِيشي لنا دَهْرًا حُرًّا
عَيْشَ الإحْسَانْ
واسْتَقْبلِي منَّا شُكْرًا
مِلْءَ الوِجْدَان
وَسَامحي تكرارَ هَوَى
يحلو ويطيبْ
مِنْ كلِّ قلبٍ عَرْفُ مُنَى
وَوَفاء حَبيبْ
أسْعدْتِنا فَدَعي قلبي
خالي الذنبِ يُبْدِي نجْوَاهْ
وَزِدْتِنَا بَعْدَ الحرْبِ
بأسًا يَسْبي مَنْ لا يخشاهْ
فلكِ الحمدُ
ولكِ الحُبُّ!
(تخرج الراقصات من المسرح بانتظام كما دخلن وهن يرقصن الرقصة
الأخيرة.)
ثاديوس
(رئيس الكهنة مخاطبًا الملكة)
:
أستمدُّ الثناءَ للعرشِ منكِ
حليةُ التاجِ وَحْيُ نفسِكِ تلكِ
أنتِ إلهامُ خاطري وعِبَادَا
تي إلى (الشمس) ثم نجوايَ عنكِ
سأُقيمُ الصلاةَ في المَعبَدِ الضَّا
حي، فعيشي مَنَارَ دينٍ ومُلكِ
أنتِ أهلٌ للشُّكر في منزِلِ الـ
ـدِّين، فقد دُمْتِ مِثْلَهُ فوقَ شكِّ!
لونجينوس
(الفيلسوف الإسكندري)
:
بعد هذا الفتْحِ مِنْ حَقِّ العَلَمْ
أن يُحَيَّا منكِ محسودَ الجَلَالْ
فانظري للجيشِ يا شمسَ العُيُونْ
نظرةً تَجزيه كالكنزِ المَصُون
نظرةً تُعْطِيه ما تُعْطي الفُنونْ
مِنْ خُلُودٍ بعد أنْ لاقَى المَنُونْ
بتفانٍ في قِتَالٍ وشَمَمْ
أو تفانٍ في اكتسابٍ للرجالْ
فاغتَدَتْ (مِصْرُ) لنا كَالجوْهَرَهْ
والتقينا والأماني النَّيِّرَهْ
واعْتَلَيْنَا للمعالي لا الشَّرَهْ
وغَدَوْنَا أُمةً مُنْتَصِرَهْ
تنظُرُ الدُّنيا إليها والأمَمْ
نظرَةَ الإعجابِ حَقًّا بالفعالْ!
الملكة
:
فليجئ إذَنْ
حاملُ العَلَمْ
إنَّ رمْزَهُ
سيِّدُ القَسَمْ
وَحيُهُ لنا
طالما ابتَسَمْ
وهو دائمًا
بالعُلَى اتَّسَمْ
الحاشية
(مرددة)
:
فليجئ إذَنْ
حاملُ العَلَمْ
(يدخل حامل علم الدولة وقد رفعه قريبًا من الملكة، فتقف الملكة
إجلالًا له وكذلك جميع الجالسين من حاشيتها.)
حامل العلم
(راكعًا على ركبته اليمنى وماسكًا العلم)
:
وديعتي الشَّرَفُ المسْتَوْدِعُ العَلَمَا
ذِكْرًا يدوم، وتشجيعًا لمَنْ عَلِمَا
وديعتي مَثَّلتْ عَرْشًا وَرَبَّتهُ
وأُمَّةً أدهشتْ في فتحها الأُمَمَا
فاستقبليهِ وَفيًّا عادَ مُبْتَسِمًا
بالنَّصْرِ حُرًّا كما قد راحَ مبتسمَا
الملكة
:
هكذا هكذا تُصَانُ الأمَانَهْ
يخدمُ الجُنْدُ هكذا أوطَانَهْ!
القائد الأعظم
:
باسمِ جَيْشِ المليكةِ الشُّكرَ أُهديـ
ـهِ قرينًا لمُستَحَبِّ الخُضُوعِ
كلُّنَا في الوَغَى يمثِّلُ أعلَا
مًا تناجيكِ دائمًا في خُشُوعِ!
كلُّنا كانَ حامِلَ الشَّرَفِ العا
لي بذكراكِ والمُنَى والرُّبُوعِ
فاملكي فَخْرَ عسكَرٍ (تدمريٍّ)
مستعِزٍّ بحبكِ المطبوعِ
(تقبِّل الملكة العلم ثم تجلس فيجلس من قام معها من الحاشية، بينما
يرتل تبعها النشيد الآتي وتدخل الراقصات على النظام السابق من جانبي المسرح متابعات
النشيد يرقصن نحو خمس دقائق.)
الحاشية
:
الحُسْنُ في الدُّنيا سُلْطَانْ
والعَقْلُ سُلْطانٌ ثانِ
وأنْتِ يا زَيْنَ التِّيجَانْ
لديكِ عُزِّز الاثنانِ
عقلٌ وحُسْنٌ رُوحاني!
النَّاسُ قد وُلِدُوا أحْرَارْ
فِيمَ الخُضُوعُ لحُكمِ مُلوكْ
أمَّا احتكامُكِ فهو فَخَارْ
فَخْرُ العدالةِ دونَ شُكوكْ
نورٌ وإصلاحٌ بانِ!
فاستقبلي منَّا حُبًّا
والحُبُّ دُرَّةُ كلِّ حَبيبْ
في الجِسم يُودِعُها قَلْبًا
في النشر مثلَ العَرْفِ تطيبْ
رُوحًا ولذَّةَ وِجْدَانِ!
عِيشي و(تَدْمُرَ) في تكريمْ
عَيْشَ العُلَى والحُريَّهْ
وأحْيي مَفاَخِرَ كلِّ عظيمْ
وابْني صُرُوحَ المَدَنِيَّهْ
وابني رجاءَ الإنسان!
وسامحي طَرَبًا جَما
في حَضْرة الحُسنِ الفتَّان
فالزَّهْرُ يُسْكرُنَا شَما
حِينًا ويَفْتنُنَا أحْيَانْ
وما عُرِفْتِ بحِرْمَانِ!
(تسدل الستارة العامة في ختام النشيد.)