لال … رام …!
كانت مفاجأة للشياطين مشاهدة «مالطا» فقد كانت أجمل ممَّا تصوروا بكثير … الطبيعة السخية جعلت منها غابة من الأشجار الخضراء، والشواطئ الجميلة، ومروا في منطقة «فاليتا» وهي وسط المدينة والحي التجاري قبل أن يصلوا إلى الشاطئ الغربي للجزيرة. حيث استقلوا قاربًا جميلًا نقلهم إلى جزيرة «جوزو» وركبوا سيارة صغيرة حملتهم إلى فندق «أوف شور» حيث ستكون إقامتهم.
كان الفندق صغيرًا، ولكنه في غاية النظافة، تحيط به الحدائق من كل جانب، وكانت الغرف التي اختيرت لهم بعناية تطل كلها على البحر …
ولم يكد «عثمان» يرى الشاطئ الجميل حتى صاح كالطفل: تعالوا نجرب العوم … فمنذ فترة طويلة لم ننزل إلى البحر!
أحمد: ستذهب أربعة ويبقى واحد؛ فقد تصلنا الأسلحة أو أية تعليمات إضافية.
قال «رشيد»: سأبقى أنا؛ فمعي كتاب أريد الانتهاء من قراءته.
وأسرع الشياطين الأربعة في ارتداء ملابس البحر، ثم قفزوا إلى المياه التي لم تكن تبعد عن الفندق إلا أمتارًا قليلة.
تمدد «رشيد» في شرفة الفندق، يقرأ كتابًا عن تاريخ عصابة «المافيا» وكيف نشأت … وكيف تطورت … ودق جرس التليفون في الغرفة فأسرع إليه متوقعًا أن يكون «ديبوا» عميل رقم «صفر» في «مالطا»، ولكن صوت المتحدث لم يكن غريبًا عليه … وكان يسأل: هل وصلتكم الأسلحة؟
قال «رشيد»: من أنت؟
رد الرجل: لا تخشَ شيئًا، أنت «رشيد» أليس كذلك؟
لم يُجبْ «رشيد» على الفور … وأدهشه أن يعرف أي شخص في «مالطا» اسمه دون أن يراه.
قال «رشيد» مرة أخرى: من أنت؟
رد الرجل: لست أريد التدخل في مهمتك، ولكن قل لزملائك أن يأخذوا حذرهم من رجل في سيرك متجول اسمه «لال»، وهو يقوم بلعبة قذف الخناجر في السيرك، وفي إمكانه أن يصيب أي هدف بخنجره … فهذا الرجل قد انضم مؤخرًا إلى عصابة الخمسة لتعويض الرجلين اللذين قبضتم عليهما في الفترة الأخيرة … وأرجو لكم وقتًا طيبًا.
وضع الرجل سماعة التليفون، وترك «رشيد» في حالة ارتباك شديد فهذا الصوت ليس غريبًا عنه، ولكنه لا يستطيع التأكد من صاحبه، وفي الوقت نفسه فهو يعرف كل شيء عنهم تقريبًا … أسلحتهم والمهمة التي قدموا من أجلها … بل يعرفه شخصيًّا من سماع صوته في التليفون …
ترك «رشيد» الكتاب الذي كان منهمكًا في قراءته، وأسرع إلى الشاطئ … كان الشياطين قد توغلوا بعيدًا في البحر … وأخذ يشير إليهم ليلفت نظرهم … ولكن بلا جدوى … أخذ يتجول حول الفندق، فشاهد إعلانًا عن السيرك العالمي، وأخذ يقرأ نوع الألعاب التي يقدمها … وأسماء اللاعبين … وكان بينهم اسم «لال رام» لاعب الخناجر الذي يستطيع أن يصيب ذبابة بخنجره … وحفظ رقم تليفون الحجز في السيرك …
عاد إلى الفندق، وصعد إلى غرفته، وطلب رقم السيرك، وطلب الحجز لخمسة مقاعد في الصفوف الأولى … ونظر إلى ساعته … كانت على وشك أن تصل الثانية بعد الظهر … وقرر أن ينتظر نصف ساعة أخرى، ثم يطلب الغداء، ولكن لم تمضِ إلا دقائق قليلة، وظهر الشياطين الأربعة وهم يضحكون ويمرحون …
قال «أحمد»: هل طلبت الغداء؟
رشيد: كنت على وشك أن أطلبه.
أحمد: اطلب الغداء فورًا … إنني أكاد أموت من الجوع.
وأسرع الأربعة لأخذ الحمام. وارتداء ثيابهم، بينما قام «رشيد» بطلب الغداء من السمك المشوي.
وعندما اكتمل شمل الخمسة قال «رشيد»: لقد انضم إلى قائمة أعدائنا عدو خطير.
التفت إليه الأربعة بكل الانتباه، فعاد إلى الحديث قائلًا: اتصل بي شخص مجهول اليوم صوته ليس غريبًا عني، ولكنني لم أستطع تحديد شخصيته … إنه يعرف كل شيء تقريبًا عنَّا، بما في ذلك الأسلحة التي ننتظرها … بل إنه عرف صوتي وناداني باسمي.
كان الأربعة ينظرون إليه باندهاش شديد، وقال «أحمد»: هل قال لك من هو؟
رشيد: لقد قلت في بداية حديثي إنه شخص مجهول … إنه لم يفصح عن شخصيته.
عثمان: هل هو العدو الذي انضم إلى القائمة.
رشيد لا.
زبيدة: من هو العدو إذن؟
رشيد: إنه رجل يدعى «لال رام»، وكما هو واضح من اسمه فهو هندي.
أحمد: إنه يعمل في السيرك العالمي.
رشيد: كيف عرفت؟
أحمد: لقد قرأت إعلانًا قريبًا من الفندق عن هذا السيرك، ولاحظت اسمه الغريب.
رشيد: إنك ولد رائع!
أحمد: وكيف انضم إلى قائمة أعدائنا؟
رشيد: قال لي الرجل المجهول إن «لال رام» قد انضم إلى عصابة الخمسة بعد أن تعرضت الأفراد لخسائر … وإنه عدو شديد البأس … ومن أكبر الناس براعة في قذف الخناجر.
صمت الجميع بعد هذا الحوار … كان كل منهم يفكر في شيء واحد … ولكنه شديد الأهمية، هل الرجل المجهول صديق أم عدو؟
ولم يكن في استطاعة أحد أن يحدد الحقيقة إلا «رشيد» الذي أجاب عن السؤال قائلًا: إنني أميل إلى اعتبار الرجل المجهول صديقًا، فهو يعرف كل شيء عنَّا، وهو ثانيًا حذَّرنا من عدو انضم إلى قائمة الأعداء الذين حضرنا إلى «مالطا» للقضاء عليهم.
قالت «إلهام»: إنني أوافق على أن الرجل المجهول صديق.
زبيدة: وأنا أيضًا.
عثمان: وأنا.
تردد «أحمد» قليلًا ثم قال: وأنا.
ثم أضاف على الفور: ولهذا فأنا أرجح أن اغتيال «الخرتيت» لن يتم بالرصاص … ولكن بالخنجر.
رشيد: هذا ما فكرت فيه.
أحمد: لا بد أن نرى هذا اﻟ «لال رام».
رشيد: وهذا ما فكرت فيه … لقد حجزت خمسة مقاعد في عرض الليلة السيرك العالمي.
أحمد: عظيم.
ووصل الطعام في هذه اللحظة، وانهمك الجميع في تناول الأسماك اللذيذة …
وفجأة دق جرس التليفون … وكانت «زبيدة» الأقرب إليه فقامت مسرعة، وكان المتحدث هو الرجل المجهول مرة أخرى، واستمعت «زبيدة» إليه وهو يقول: «لال رام» لا يستخدم خناجر عادية، إنه يستخدم خناجر مسمومة، وأية إصابة مهما كانت بسيطة تكفي للقضاء على من يصاب بها … خذوا حذركم.
ثم وضع السماعة دون كلمة أخرى.