موعد عند منتصف الليل!
انتقلت «إلهام» إلى السيرك في «فالينا» وهي وسط المدينة. وبدأت عملها مع «لال» وبدأت الإعلانات تتحدث عنها:
الفتاة المعجزة …
فتاة من المتفرجين تتحول إلى نجمة في السيرك … وتشترك في لعبة الخناجر … وفي ألعاب «الترابيز» … و«الترابيز» من أصعب الألعاب في السيرك … حيث يتأرجح اللاعبون على أقصى ارتفاع في السيرك ثم يقذفون بأنفسهم من هذه الارتفاعات الشاهقة ليتعلقوا بالحبال والحلقات وأيدي الزملاء والزميلات …
واجتمع الشياطين في اليوم الثالث لوصولهم … وقال «أحمد»: لقد أصبحت «إلهام» حديث المدينة.
زبيدة: وقد أجرت معها «مالطا نيوز» حديثًا كما ظهرت في برنامج «عالم السيرك».
عثمان: إن هذا يمثل خطرًا شديدًا عليها وعلينا.
أحمد: لا تنسَ أنها معروفة باسم «ميشكا» فقد قدمت نفسها على أنها فتاة روسية، ﻓ «إلهام» كما تعرفون تجيد الروسية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية أيضًا.
عثمان: ولكن، هل انضمامها إلى السيرك يفيدنا بنفس القدر الذي يعرضنا فيه للمخاطر؟
أحمد: ماذا جرى لك يا «عثمان»؟ أية مخاطر تقصد؟
عثمان: لقد اشتركت «إلهام» من قبل ذلك في الصراع مع عصابة «الخمسة» وربما يعرفونها.
أحمد: إذا تذكرت نهاية المغامرتين السابقتين … فستعرف أن «إلهام» لم يرها سوى الرجلين اللذين قُبض على أحدهما، ومات الآخر.
زبيدة: إن المشكلة لم تعد في «إلهام»، ولكن في موضوعين آخرين … أولًا أننا لم نخطط حتى الآن لموعد بدء العمل … والثاني أن الأسلحة لم تصل بعد.
أحمد: معك حق … لهذا قررت الليلة أن تذهبي مع «رشيد» إلى الفندق الذي ينزل فيه «الخرتيت» وربما عثرتما على شيء.
عثمان: ولكن تعليمات رقم «صفر» كانت تحتم الانتظار دون القيام بأية محاولة!
ساد الصمت بين الشياطين … وبدا واضحًا أنهم لن يستقروا على رأي في الخطوة القادمة …
ولكن هذه الحيرة لم تستمر طويلًا … فقد دق جرس التليفون، وكان المتحدث هو «ديبوا» عميل رقم «صفر» في «مالطا» … تحدث إلى «أحمد» قائلًا: لقد وصلت الأمانة اليوم (يقصد الأسلحة)، وستكون عندكم في أي وقت تحددونه.
أحمد: فلتكن هذه الليلة … فقد نحتاج إليها في أي وقت.
دبيوا: إذن موعدنا منتصف الليل عند شاطئ جزيرة «جوزو» الجنوبي … هناك قلعة قديمة سأنتظركم عند جانبها الأيسر.
أحمد: ما هي بقية الأخبار؟
ديبوا: لا شيء … لا أحد ممن نعرف ظهر حتى الآن.
أحمد: شيء غريب؛ لقد مضى ثلاثة أيام دون أن نفعل شيئًا.
ديبوا: قد يحدث كل شيء فجأة.
وضع «أحمد» السماعة ثم التفت إلى «رشيد» و«زبيدة» وقال: إن الأمور لا تتحرك.
رشيد: لا تنسَ أن عملية الاغتيال ليس لها وقت محدد … لقد قال رقم «صفر» إنها ستتم بين السادس والسادس والعشرين من هذا الشهر … ونحن في اليوم السابع منه … أي إن بداية العملية لم يمضِ عليها سوى يوم واحد.
أحمد: ذلك شيء لا يطاق … فهذا يعني أنه من الممكن أن ننتظر تسعة عشر يومًا … ثم يحدث كل شيء في اليوم العشرين.
رشيد: وأنا أرجح ذلك … إن العصابة سوف تنتظر حتى ينفد صبرنا ثم تقوم بضربتها.
زبيدة: إن الصبر مهم جدًّا في عملنا هذا وعلينا أن نروِّض أنفسنا على الصبر.
ولكن في هذه اللحظة دق جرس التليفون مرة أخرى. هذه المرة كانت المتحدثة هي «إلهام»، وفرح الشياطين بسماع صوتها … وبعد تبادل السلام قالت «زبيدة» ﻟ «إلهام»: لقد أصبحت شخصية شهيرة جدًّا، لم تعودي في حاجة إلى العمل مع الشياطين.
ضحكت «إلهام» وهي تقول ﻟ «إلهام»: لماذا لا تنضمين إلى السيرك أنت أيضًا؟
ضحكت «زبيدة» وهي تقول: ونسميه سيرك الشياطين.
خفضت «إلهام» من صوتها وهي تقول: «لال» يخرج بعد العرض ليلًا، يختفي ولا يعود إلا في الفجر … وينام أغلب النهار تقريبًا … إنني أريدكم أن تراقبوه.
زبيدة: متى يخرج بالضبط؟
إلهام: إن لعبته تنتهي في الحادية عشرة ليلًا … وهو يذهب إلى الفندق ليغيِّر ثيابه يخرج مرة أخرى في منتصف الليل.
زبيدة: عندنا موعد الليلة مع «ديبوا» لاستلام الأسلحة عند منتصف الليل … سنبدأ المراقبة غدًا.
والتفتت «زبيدة» إلى «عثمان» وقالت: لقد كنت متشائمة من وجود «إلهام» في السيرك … لكن النتائج ممتازة فإن «لال» يغيب كل الليل خارج السيرك، ولو راقبنا أين يذهب فربما حصلنا على معلومات ثمينة.
أحمد: لقد تحركت الأحداث بأسرع مما توقعت.
في الساعة الحادية عشرة والنصف كان الشياطين يستقلون سيارتين … «رشيد» و«أحمد» في سيارة، و«عثمان» و«زبيدة» في سيارة، وكان على السيارة الأولى أن تتسلم الأسلحة … والسيارة الثانية للرقابة في حالة حدوث أي شيء غير عادي.
وتحركت السيارتان في اتجاه جنوب الجزيرة … كان الجو رائعًا، وإن كانت رياح «المسترال» التي تهب على الجزيرة في مثل هذا الوقت من السنة قد أخذت تهب من الاتجاه الشمالي فتحرك رءوس الأشجار … وتهز الأزهار في الحدائق الجميلة الممتدة من وسط الجزيرة إلى أطرافها …
وصل الشياطين إلى القلعة قبل الموعد بنحو ربع ساعة … فتوقفت السيارتان متباعدتين … وكانت القلعة السوداء الضخمة بقية من احتلال العرب ﻟ «مالطا» … وأثر من أبرز آثارهم هناك.
قال «عثمان»: تصوري أن العرب حكموا هذه الجزيرة مئات السنين.
زبيدة: لقد حكموا العالم كله لأكثر من ٥٠٠ سنة …
ولكن تنهدت «زبيدة» في أسًى وقالت: ولكنهم بعد أن فرقوا الإمبراطورية الإسلامية إلى دويلات كان من السهل التغلب على كل دويلة على انفراد …
واشتدت رياح «المسترال» وأعلنت الساعة منتصف الليل دون أن يظهر «ديبوا»، وأحس الشياطين بالقلق … فمثل هذه المواعيد إذا اختلفت فمعناها أن هناك إشكالًا خطيرًا قد حدث.
مرت خمس دقائق … ثم عشر دقائق … ثم ربع ساعة … ثم نصف ساعة، وأدرك الشياطين أن «ديبوا» قد وقع في مأزِق خطير … وأحسوا بالقلق، وأدار «أحمد» محرك سيارته، وكذلك فعل «عثمان» ثم دارت السيارتان في طريقهما إلى الفندق … ولكن بعد دقائق قليلة وعند حديقة كبيرة كثيفة الأشجار قرب الشاطئ … لاحظ «أحمد» وجود سيارة واقفة مضاءة الأنوار مفتوحة الأبواب … وأطفأ «أحمد» أنوار سيارته، وتوقف بعيدًا … وكذلك فعل «عثمان».
واقترب «أحمد» محاذرًا بجوار سور الحديقة، ثم نظر داخل السيارة … كان ثمة رجل ملقًى في الكرسي الأمامي، وقد اخترقت رأسه رصاصة، وأنهت حياته!