خطة محكمة!
فتح «أحمد» نافذة غرفة «زبيدة» وجذب هو و«عثمان» الرجل إلى الداخل … كان رجلًا نحيفًا. ولكنه قوي العضلات، يرتدي ثيابًا سوداء وحذاءً أسود كأنه قطعة من الظلام … وفي حمالة من الجلد يحمل مسدسًا ضخمًا من طراز «لوجر»، وفي جيب السترة ماسورة كاتمة للصوت … وفي محفظته وجدوا مجموعة من الأوراق، وكمية من النقود … وكان يحمل جواز سفر «يوغسلافي» باسم «كلود ماركوفيتش» عليه مجموعة من تأشيرات دخول مختلف دول العالم، من بينها تأشيرة إلى مصر.
وبينما كان «أحمد» يفحص الأوراق، كان «عثمان» قد عثر مع الرجل على سلسلة من المفاتيح … بينما قامت «زبيدة» بتفريغ المسدس من رصاصاته ووجدت إحدى الرصاصات ناقصة … فقالت: أظن أنها ربما كانت الرصاصة التي قضت على «ديبوا».
أحمد: ليس هذا بمستبعد.
عثمان: إنه رجل نشيط هذا اﻟ «ماركوفيتش» … لقد قتل «ديبوا»، ولعله أوقف سيارته في مكان يستطيع معه مراقبة المكان حتى يرى من الذي سيأتي للبحث عنه.
أحمد: هذا معقول جدًّا … لقد رآنا ونحن نفتش السيارة، ثم تبعنا من بعيد حتى عرف الفندق.
زبيدة: ولكن لماذا اختار غرفتي بالذات … أو كيف عرف أنني في هذه الغرفة؟
أحمد: إن ذلك سهل جدًّا من استعلامات الفندق، سيسأل عن ثلاثة شبان وفتاة، ويسأل عن أين ينزلون.
عثمان: ماذا سنفعل به؟
أحمد: سنتخلص منه بحيث يعثر عليه رجال البوليس ومعه المسدس الذي قتل به «ديبوا».
عثمان: ولكننا في أشد الحاجة إلى هذا المسدس!
أحمد: سوف نجد أسلحتنا.
عثمان: أين؟
أحمد: في سيارته … إنه بعد أن قتل «ديبوا» أخذ الأسلحة إلى سيارته، وأعتقد أن الوقت لم يتسع له لكي يضعها في مكان آخر.
عثمان: علينا أن ننزل ونرى.
أحمد: عليك بإيقاظ «رشيد» ليأتي معنا.
وارتدى الأربعة ثيابهم مرة أخرى، وخرجوا إلى دهليز الفندق، كان كل شيء هادئًا بعد أن تجاوزت الساعة الثالثة صباحًا … نزلت «زبيدة» قبلهم تستطلع مدخل الفندق … كان كل من في الفندق الصغير قد ناموا في هذه الليلة العاصفة التي اشتدت فيها الرياح … وحتى موظف الاستقبال كان يضع ساقيه على مكتبه مضطجعًا على كرسيه، وقد استغرق في النوم … أشارت لهم «زبيدة» فنزلوا بهدوء وهم يحملون الرجل، ففتحت لهم باب الفندق … وخرجوا بحمولتهم إلى الظلام والرياح.
قال «عثمان»: «رشيد» … ابحث عن سيارة من طراز «أودي» فقد عرفت الماركة من المفاتيح.
تسلل «رشيد» يبحث عن السيارة … لم تكن هناك إلا بضع سيارات قليلة، ولكن اﻟ «أودي» لم تكن بينهم … ولكن «رشيد» لم ييأس … ودار حول الفندق؛ ووجد السيارة التي كانت تقف تحت نافذة غرفة «زبيدة» مباشرة، وشاهد سلمًا من الحبال مشدودًا بين سقف السيارة والشرفة، وعرف كيف استطاع «ماركوفيتش» الوصول إلى الدور الثالث.
أدار «رشيد» السيارة وقادها مطفأة الأنوار إلى قرب مكان «أحمد» و«عثمان» فحملوا «ماركوفيتش» إلى السيارة وأجلسوه في مقعد القيادة، ثم أمسك «عثمان» بمسدس «ماركوفيتش» ونزل به على رأسه في خبطة متوسطة تكفي لجعله ينام ١٠ ساعات على الأقل … ثم فتحوا حقيبة السيارة الخلفية، وكما توقعوا كانت حقيبة الأسلحة الخاصة بهم موجودة فيها.
قام «أحمد» بإزالة بصماتهم من على المسدس، ثم وضعه في يد «ماركوفيتش» مستخدمًا منديلًا ورقيًّا حتى لا يترك بصماته … ثم أراح صدر «ماركوفيتش» على عجلة القيادة. وأدار المحرك … فانطلق بوق السيارة يزعق في الظلام، بينما انسحب الأربعة عائدين إلى غرفهم.
في الصباح استيقظوا على رنة تليفون «الخرتيت» … وسألهم عن أخبارهم، فروى له «أحمد» ما حدث في الليل … وقال «الخرتيت» مهنئًا: إن رقم «صفر» سيكون في غاية السعادة … لقد أثبتم مرة أخرى أنكم من أفضل المغامرين في هذا العالم.
أحمد: لقد كان توفيقًا من الله.
الخرتيت: الحمد لله.
أحمد: هل تحدثت مع رقم «صفر»؟
الخرتيت: نعم … ولكن طبعًا التعليمات قد تغيرت بعد كل ما حدث.
أحمد: إذن سنمضي في خطتنا بمتابعة «لال» هذه الليلة لنعرف أين يذهب.
الخرتيت: خذوا حذركم.
أحمد: وأنت يا سيدي!
وصمت «أحمد» قليلًا ثم أضاف: إننا نعرف أنك معرض للاغتيال في أية لحظة … وقد لا نصل إلى العصابة قبل أن تصل إليك … فهل اتخذت تدابير لحمايتك؟
ضحك «الخرتيت» وقال: إنني أعتمد عليكم.
أحمد: إننا ننصح ألا تغادر الفندق خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة … حتى نرى ماذا سيحدث بعد أن نتبع «لال».
عاد الرجل للضحك وقال: سأنفذ تعليماتكم.
أحمد: أرجو أن تتصل برقم «صفر» سريعًا، وتبلغه بالتطورات … فإن كانت له تعليمات أخرى فسوف نتبعها.
الخرتيت: أعتقد أنه لن يغير شيئًا … أقصد أن خطتكم معقولة جدًّا، وأتمنى لكم التوفيق.
نزل الشياطين إلى مطعم الفندق لتناول إفطارهم، وفي نفس الوقت لمشاهدة ما يحدث … فوجدوا حلقة من الناس تحيط بالسيارة اﻟ «أودي»، وثلاث سيارات من سيارات البوليس!
تظاهر «أحمد» طبعًا أنه لا يعرف شيئًا وسأل الجرسون: ما هذه المظاهرة؟
رد الرجل: إنها ليست مظاهرة يا سيدي … لقد عثروا على رجل مصاب في سيارته بالقرب من الفندق … وبيده مسدس.
أحمد: هل مات؟
الرجل: لا يا سيدي … أنه مصاب بضربة قوية على رأسه، وقد أيقظنا صوت بوق السيارة، فاتصلنا بالبوليس وقد سمعنا شيئًا عجيبًا.
أحمد: ما هو؟
الرجل: إن هذا المصاب مطلوب القبض عليه في جريمة قتل تمت عند الشاطئ الجنوبي قرب القلعة.
أحمد: وهل عرفوا شخصية القاتل والمقتول؟
الرجل: عرفوا شخصية القاتل … فهو يوغسلافي يدعى «وانكوفيتش» … أو «ماركوفيتش»، أو شيء من هذا القبيل … ولكن الرجل القتيل لا أحد يعرفه.
هز «أحمد» رأسه وقال: شيء غريب أن تحدث مثل هذه الجرائم في هذا المكان الهادئ.
الرجل: فعلًا يا سيدي … ولكن لا تنسَ أن جزيرة «صقلية» معقل المافيا لا تبعد عنا بأكثر من ١٠٠ كيلومتر بحرًا …