من هو «الخرتيت»؟
في منتصف الليل كانت سيارتان تتحركان من آخر الجزيرة «جوزو» في اتجاه السيرك … لقد غيَّر الشياطين مكانهم ونوع السيارتين ووضعوا بعض الماكياج استعدادًا لمراقبة «لال» وأين يذهب في رحلته الليلة …
وعندما وصل الشياطين إلى مكان السيرك وجدوا «إلهام» تقف في مكان مظلم، وفوجئوا بها تتقدم مسرعة وتقول: أتوقع أن يكون «لال» ذاهب بطريق البحر إلى مكان ما …
وتذكر «أحمد» الجرسون الذي قال إن جزيرة «صقلية» مهد عصابة المافيا تبعد عنهم بأقل من ١٠٠ كيلومتر … فهل يذهب «لال» إلى هناك؟
اختفت «إلهام» وقال «أحمد» و«رشيد» ﻟ «عثمان» اذهب بالسيارة الأخرى إلى الشاطئ فورًا … حاول أن تستأجر قاربًا في الميناء.
وأسرع «عثمان» ومعه «رشيد» لأداء المهمة … بينما انتظر «أحمد» و«زبيدة» حتى ظهر «لال» … كان يرتدي ملابس عادية، وقفز إلى سيارة — سبور — من طراز «لامبورجيني» السريع وأطلق لها العنان.
تبعه «أحمد» على مبعدة … واستطاع ببراعته في القيادة أن يظل خلفه دون أن يراه «لال» حتى وصلوا إلى الميناء الصغير … وترجل «لال» من السيارة وأسرع إلى لنش صغير كان في انتظاره، فأبحر على الفور أيضًا.
نزل «أحمد» و«زبيدة» ووجدا «رشيد» و«عثمان» في انتظارهما في قارب بديع قوي يقوده بحَّار عجوز محنك، وطلب منه «أحمد» متابعة لنش «لال» الذي كانت أنواره تلمع في الظلام …
قال «أحمد»: هل سيذهب حقًّا إلى صقلية؟
عثمان: لننتظر ونرَ.
وبعد ساعة تقريبًا، ظهرت أنوار يخت ضخم يقف خارج الميناء واتجه زورق «لال» إليه وتوقف عنده. وسأل «أحمد» البحَّار العجوز: هل عندك ملابس للغوص؟
الرجل: واحدة فقط.
أحمد: إنها تكفي.
وأسرع «أحمد» يلبس ملابس الغوص وألقى بنفسه في المياه حتى وصل إلى اليخت الضخم، وصعد على سلسلة الهلب الملقاة في أعماق المياه … إلى سطح اليخت بعد أن تخلص من جهاز الأكسجين … ثم تقدم بهدوء حتى وجد حارسًا يقف وبيده رشاش … ودار أحمد حول الرجل ثم احتضنه فجأة من الخلف ممسكًا بالمدفع الرشاش ضاغطًا به على الرجل، فسقط الرجل على الأرض وضربه «أحمد» ضربة جعلته غير قادر على الحركة … ثم نزل بسرعة السلالم الداخلية …
كان الرجال الثلاثة «كلينت جونسون» «كوتشن مارفن» «روكي ماكلين» الباقين من عصابة الخمسة … وكان «لال» يتحدث إليهم، وكان كل واحد منهم يضع مسدسًا ضخمًا أمامه. وفكر «أحمد» لحظات ثم عاد إلى السطح، وألقى بنفسه في الماء … ووصل إلى زورق الشياطين وقال ﻟ «عثمان»: هل عندك ديناميت؟
عثمان: نعم.
أحمد: ناولني إياه.
حمل «أحمد» شحنة الديناميت وعاد إلى اليخت، وألصق الديناميت بأربعة أماكن في مقدمة اليخت ومؤخرته، ثم عاد سريعًا إلى الزورق وصعد إليه، وأعد جهاز التفجير … ولكنه شاهد «لال» يغادر اليخت مسرعًا، ويقفز إلى الزورق، وينطلق به …
استخدم «أحمد» جهاز التفجير بعد أن ابتعد عن اليخت بمسافة كافية، ثم ضغط على الزر، وسمعوا صوت الانفجارات المتتالية … واشتعلت النيران في اليخت … وأسرع الشياطين بزورقهم خلف زورق «لال» الذي سمع الانفجارات وشاهد ما حدث …
واستنتج «لال» على الفور أن ثمة خيانة … وأن شخصًا ما قد نقل تحركاته إلى المنظمة المعادية … ولم يعد عنده أدنى شك في أنها «إلهام».
وصل الزورقان إلى الشاطئ، وقفز «لال» إلى سيارته، وانطلق بها كالمجنون تجاه السيرك … وعندما وصل كانت الأضواء قد أطفئت وأسرع إلى غرفة «إلهام» التي كانت تقع في آخر مقطورة من مقطورات السيرك …
كانت «إلهام» مستيقظة … فقد كانت تريد أن تعرف ماذا سيفعل الشياطين … وفجأة في صمت الليل سمعت صوت السيارة المسرعة … وتوقفها قرب المقطورة، نظرت من خلف الستائر وشاهدت «لال» المرعب وقد أمسك بأحد خناجره الشهيرة وهو يقدم مسرعًا.
كان بابها مغلقًا … وسمعت الطرق على الباب … وسمعت «لال» وهو يناديها في هدوء طالبًا أن تفتح الباب لأنه يريد أن يحدثها عن عقد عمل جديد.
قالت له أن ينتظر إلى الصباح.
ولكنه عاد يقول: إن الأمر هام جدًّا … وإنه لا يستطيع الانتظار …
كانت «إلهام» تريد كسب الوقت فقد يصل الشياطين … وفعلًا سمعت صوت أول سيارة، وكان بها «أحمد» و«رشيد»، ولكنهما لم يكونا يعرفان أين غرفة «إلهام»، وعندما شاهدا سيارة «لال» نزلا من سيارتهما واقتربا.
وفجأة مرق بجوار أذن «أحمد» خنجر لامع أطلقه «لال» في الظلام، ثم أسرع يجري إلى مقصورته، حدث كان يحتفظ بمجموعة خناجره …
أشار «أحمد» إلى «رشيد» أن يذهب للبحث عن «إلهام» وتقدم هو من المقصورة التي دخلها «لال» … ووصلت السيارة التي يقودها «عثمان» ومعه «زبيدة»، وانشغل «أحمد» بهما لحظات كانت كافية ليقفز «لال» من نافذة مقصورته بمجموعة من خناجره في اتجاه «أحمد» و«رشيد»، ولكنهما ألقيا بنفسيهما على الأرض …
أسرع «لال» إلى أقفاص النمور … وأسرع «أحمد» و«رشيد» خلفه … وكانت لحظة نادرة في حياة الشياطين عندما قرر «أحمد» التخلص من «لال» بطريقة مبتكرة … فقد أطلق مجموعة من الطلقات على أقفال أقفاص النمور.
كانت طلقات صامتة لم يدرك «لال» معناها إلا عندما انطلقت خمسة نمور ضخمة من أقفاصها حتى حاصرت «لال» … واستمع الشياطين إلى صرخاته وهم يستقلون السيارتين في طريق العودة إلى الفندق.
وعندما وصلوا إلى الفندق، بدا الأمر كأنه حلم … لقد قضوا على العصابة كلها في دقائق … ودون صدام، ولم يكد «أحمد» يدخل غرفته حتى دق جرس التليفون، وسمع صوت «الخرتيت» يتحدث، كان يسأل: هل قمتم بمراقبة «لال»؟
أحمد: نعم يا سيدي.
الخرتيت: عن أي شيء أسفرت هذه المراقبة؟
أحمد: أسفرت عن نهاية عصابة الخمسة؛ ثلاثة غرقى، وواحد افترسته النمور.
سكت «الخرتيت» لحظات ثم قال: لقد حققتم نصرًا عظيمًا، ولكن أضعتم عليَّ فرصة العمر.
أحمد: ما هي يا سيدي؟
الخرتيت: أن يتم اغتيالي …
وضحك … وضحك «أحمد».
ثم قال «أحمد»: إنني أعرفك يا سيدي رغم تغيير صوتك.
صمت «الخرتيت» لحظات ثم قال: أرجو أن يبقي هذا سرًّا بيننا.
أحمد: بالطبع يا سيدي.
الخرتيت: شكرًا لك … سأطلب لكم من رقم «صفر»: إجازة هادئة في «مالطا».
قال «أحمد»: تقصد تطلب من نفسك.
«الخرتيت» ضاحكًا: يا لك من شيطان خبيث … لم يكن «الخرتيت» إلا رقم «صفر».