ابن وهب القرشي
كان ابن وهب من ذوي الثروة والجاه في العراق ومن ولد هبار بن الأسود. وتَذْكُرُ بعض
المصادر التاريخية أنه قام برحلة إلى الصين نحو سنة (٢٥٦ﻫ/٨٧٠م)، فترك مدينة البصرة عندما
خربها الزنج وخرج من ميناء سيراف على بعض مراكب هندية. وساح طويلًا في ممالك الهند، إلى
أن
انتهى إلى مدينة خانفو (كنتون) بمملكة الصين. ثم تقدم إلى مدينة خمدان عاصمة تلك المملكة،
وتقع هذه المدينة على مقدار شهرين من خانفو. والتمس ابن وهب مواجهة الإمبراطور؛ ولكنه
لم
يفلح إلا بعد انتظار طويل، وبعد أن أرسل الإمبراطور إلى حاكم خانفو يأمره بالبحث عن حقيقة
ابن وهب، والاستفسار من التجار العرب عما يدعيه من قرابته لنبي المسلمين. فلما كتب الحاكم
بصحة نسبه أكرم الإمبراطور مثواه وأذن له في الوصول إليه وناقشه في الدين والسياسة؛ ثم
عرض
عليه صور بعض الأنبياء، مثل نوح في السفينة، وموسى وبني إسرائيل، وعيسى على حماره
والحواريون معه، ثم محمد على جمل وأصحابه محدقون به.١ وأمر له بعد ذلك بالهدايا النفيسة. وأوصى به حاكم خانفو.
ولا نعرف أن ابن وهب دون ما شاهده في رحلته، ولكن لا شك في أنه تحدث عنها. وقد أفاد
من
هذا الحديث مؤلف اسمه أبو زيد حسن، سوف يأتي الكلام عليه. كما أشار المسعودي إلى هذه
الرحلة
في كتابه «مروج الذهب»، في الفصل الذي عقده للحديث عن ملوك الصين. وقد رجح المستشرق
رينو Reinaud أن أبا زيد حسن لقي المسعودي وتبادلا ما
كانا يعرفانه عن الهند والصين والبحار الشرقية.
١
انظر مقالنا «السيرة في الفن الإسلامي» في عدد مايو سنة ١٩٤٠ من مجلة المقتطف،
وراجع كتابنا «الصين وفنون الإسلام» ص١٢ و٣٩.