أبو دُلف
هو أبو دلف الخزرجي الينبوعي مسعر بن مهلهل. كان شاعرًا وأديبًا ورحالة؛ اتصل بالأمير
الساماني بن أحمد. وأوفده هذا الأمير إلى الصين حول سنة (٣٣١ﻫ/٩٤٢م) مع بعثة كان أحد
الأمراء الصينيين قد أرسلها إلى البلاط الساماني ليخطب ابنة أمير بخارى. وقد زار أبو
دلف
بلاد الهند، وآخر نقطة كانت تصل إليها السفن الإسلامية.
ولسنا نعرف عنه شيئًا كثيرًا ما عدا اتصاله بالصاحب إسماعيل بن عباد وزير بن بويه.
وهو
الذي قدم إليه أبو دلف قصيدة طويلة في حيل بني ساسان وأساليب حياتهم. والمعروف أن اسم
«بني
ساسان» أطلق على قوم من العيارين المستهترين والشطار المحتالين، كانوا يطوفون الأقاليم،
ويتفننون في اختراع الحيل للحصول على المال (راجع مادة ساسان في دائرة المعارف الإسلامية
وما ذكر فيها من مراجع).
وفي بعض أبيات هذه القصيدة الطويلة إشارة إلى الرحلات والأسفار الطويلة. ومن ذلك الأبيات
الآتية منقولة من كتاب «يتيمة الدهر» للثعالبي:
ومن كان من الأحرا
ر يسلو سلوة الحر
ولا سيما في الغربة
أودى أكثر العمر
وشاهدت أعاجيبا
وألوانًا من الدهر
فطابت بالنوى نفسي
على الإمساك والفطر
على أني من القوم الـ
ـبهاليل بني الغر
فنحن الناس كل النا
س في البر وفي البحر
أخذنا جزية الخلق
من الصين إلى مصر
إلى طنجة، بل في ﮐ
ـل أرض خيلنا تسري
إذا ضاق بنا قطر
نزل عنه إلى قطر
لنا الدنيا بما فيها
من الإسلام والكفر
فنصطاف على الثلج
ونشتو بلد التمر
وقد حفظ لنا القزويني وياقوت وابن النديم مقتطفات يظن أنها من وصف أبي دلف لرحلته
في
الصين والهند.
١ وهو وصف يشهد — على إيجازه — بأن هذا الأديب الرحالة كان دقيق الملاحظة. وحسبنا
مثلًا أنه فطن إلى أن الخزف الصيني كان يقلد في بعض البلاد الأخرى، ولا سيما في إيران
وملبار، ولكن الأواني الصينية كانت تفضل في الأسواق على كل ما يصنع تقليدًا لها. وقد
انتشر
هذا الوصف سنة (١٨٤٥) ومعه ترجمة لاتينية بعناية المستشرق فون شلوزر
Kurd vonSchloezer، ثم ترجمه المستشرق فراند
Ferrand في مجموعة الرحلات والنصوص الجغرافية التي نشرها عن
الشرق الأقصى، وخصه ماركارت
M. J. Marquart بدراسة وافية في
مجموعة المقالات التي كتبت ذكرى وتكريمًا للمستشرق ساخاو
(Festschrift
Sachau). وفضلًا عن ذلك فإن المستشرق وستنفلد
F. Wustenfeld كان قد كتب في منتصف القرن الماضي مقالًا في مجلة علم تقويم
البلدان المقارن، درس فيه ما كتبه أبو دلف عن القبائل التركية.
٢