عن الخوف
الخوف يجعلنا نموت في كل لحظة
إن نسينا واحد من الأحباء،
أو هجرنا واحد من الأزواج،
وإن عارضنا السلطة وهددتنا بالحبس أو النفي،
وإن لم نعارضها أصبحنا من المنافقين الموتى.
نموت من الحب ومن الكره،
ونموت إن غاب الحب وإن غاب الكره.
نموت بسبب العيال والولادة وحمى النفاس،
ونموت لأننا بلا عيال.
نموت من الخوف من العقاب في الدنيا،
ونار جهنم الحمراء بعد الموت.
نموت من الخوف آلاف المرات، ملايين المرات؛
لكن الشجاعة وحدها تجعلنا نموت مرة واحدة.
قالت رابعة العدوية: أنا لا أخاف نار جهنم الحمراء، ولا أطمع في جنة عدن الخضراء.
وسألوها: الجنة والنار وردتا في القرآن والإنجيل والتوراة، ألا تؤمنين بالكتب السماوية؟!
قالت: أنا لا أقرأ ولا أكتب، وإذا سعيت إلى الله فلأنه العدل وليس كتابًا.
(١) من وحي مذبحة سبتمبر ١٩٨١
المكان الأمين
في الظلمة جاءوا وأخذوني،
سألت أين تأخذوني؟
قالوا نأخذك إلى مكان أمين.
قلت مَن أعطاكم الأمر؟
قالوا صاحب الجلالة رئيس البلاد.
قلت إذا كذب صاحب الجلالة،
فمن يقول الصدق؟
وذهبت معهم إلى المكان الأمين،
فإذا بي داخل السجن.
قلت لهم رئيسكم كذب عليكم؟
قالوا نعم.
ثم سكتوا إلى الأبد.
(٢) من وحي الحراسة
إنقاذ النفس من براثن الحب والحماية
في ظلمة الليل جاءوا حاملين البنادق.
قلت لهم من أنتم؟
قالوا الحراس.
سألتهم وماذا تحرسون؟
قالوا حياتك.
قلت حياتي في خطر؟
قالوا نعم.
سألت مَن يهدد حياتي؟
قالوا لا نعلم.
عرفت من عيونهم أنهم يكذبون.
أصبحت أصحو حين ينامون،
وأنام حين يصحون.
أحرس حياتي من رصاص حراسي،
وأنقذ نفسي من براثن الحب والحماية.
القاهرة يونيو ١٩٩٢