من وحي صحف ٥ يونيو ٢٠٠١
الذكرى الرابعة والثلاثين للهزيمة
توقفت عيناي على صورتها المنشورة؛
السيدة الرقيقة ذات العقل والجمال والفضيلة،
ترتدي التيجان الثلاثة فوق شعرها المصفوف بعناية فائقة،
والمكياج المتقن إلى حد الشفافية.
جالسة في وقار مضمومة الركبتين في الصف الأول
بين أصحاب السمو أمراء النفط ورجال الأعمال والمال والعولمة،
وهي المرأة الوحيدة بينهم
تحمل لقب الأميرة والعبقرية الفريدة،
الحاصلة على كل الجوائز في الشعر والأدب والعلم،
ورثت عن أبيها أو زوجها رصيدها في البنك،
والخدم والحشم وقصر الشتاء والصيف،
تنتقل بطائرتها الخاصة ما بين الخليج والمحيط،
ليس لديها عمل داخل البيت أو خارجه
إلا الاستهلاك والصرف على أدوات الزينة المستوردة،
والكحل واليشمك أو الحجاب الشفاف لإثبات الهوية
والخصوصية الثقافية واحترام التراث والقيم،
وكل هذا جائز ومشروع
طالما العقل العربي مقموع.
ثم قلبت الصفحة إلى صفحة أخرى في الجريدة،
توقفت عيناي على صورة امرأة في صفحة الحوادث،
محكوم عليها بالكفر والفسق والرذيلة
تحمل الأحكام الثلاثة فوق رأسها ثقيلة،
أثقل من براميل النفط والخطيئة الأنثوية الأولى
واقفة وراء التخشيبة بين أصحاب السوابق وجرائم الرأي،
والشباب العاطلين بلا عمل ولا أمل،
تنتقل من سجن إلى سجن مكتوفة اليدين مكتومة الصوت،
يتبارى الرجال في قذفها بالحجارة،
وأصحاب الأقلام المدفوعة الأجر
في الصحف الصفراء والخضراء والزرقاء والحمراء،
يأكلون لحمها أو يشاركون في الصمت،
ثم يهرولون إلى حيث السلطة تكون،
يجلسون في الصفوف الأولى يبربشون،
وبالقضايا الوطنية يجعجعون،
أو قضايا أخرى في الصين واليابان،
والدماء أمام عيونهم تسيل
في الشوارع والأزقة والبيوت المهدومة،
شباب ونساء وأطفال بلا مأوى يموتون،
وهم عن الجعجعة لا يكفون،
والطنطنة والنميمة وتبادل السباب وإصدار الأحكام
ضد كل من خالفهم الرأي.
وفي الصفحة الأخيرة كان الإعلان عن الغسول الأمريكي الجديد منعًا لسقوط الشعر، والحجاب المستورد الأنيق درءًا للفتنة، ثم الإعلان عن تأسيس المؤسسة الكبرى للفكر العربي الأصيل برأسمال عشرين مليون دولار.