قرن النساء أم قرن الإسلام؟ وإجهاض ثورة الإجهاض
شوارع نيويورك تغطيها الثلوج رغم أننا أصبحنا في شهر الربيع، شهر مارس، أصبح يحمل اسم «شهر المرأة»، منذ أن أعلنت الأمم المتحدة أن ٨ مارس يوم الاحتفال بعيد المرأة العالمي، تأتيني الدعوات من القارات الخمس للمشاركة في احتفالات النساء، أو إلقاء المحاضرات، أو تلقي الجوائز تحت اسم الفينميست الكبيرة، والكاتبة والطبيبة التي ساهمت في تحرير النساء خلال نصف القرن الأخيرة، أمشي فوق الثلوج داخل معطف صوفي أسود من تحته بلوفر رمادي من صوف الغنم، من تحته بلوفر آخر من الصوف المصري لونه أبيض كالقطن، من تحته قميص من الفانلة السميكة القريبة من الصوف، من حول رأسي طاقية من الصوف السميك، من حول عنقي كوفية من فروة الثعلب أو النمر، خطواتي فوق الأسفلت قوية سريعة، تجاوزت السبعين عامًا في شهادة الميلاد فحسب، لكن جسدي كما كان في ريعان الشباب شعري أبيض بلون الثلوج، لكنه لا يزال غزيرًا كثيفًا متمردًا مثل الأسلاك الكهربية، الدقات تحت ضلوعي قوية منتظمة مع دقات حذائي المتين فوق الأسفلت، عيناي لا أراهما إلا حين أتوقف أمام مرآة في أحد المحلات، يجذبني البريق الخاطف في هاتين العينين السوداوين، كأنهما هما عينا امرأة أخرى لا أكاد أعرفها، أذناها تطربان لسماع كلمات الغزل من الرجال والنساء، قلبها يخفق حين تقع في الحب، وكم وقعت في الحب، وكم من الرجال وقعوا في حبها، مع ذلك تبدو مثل فتاة عذراء لم تعرف الحب بعد رغم بلوغها السبعين من العمر.
شوارع نيويورك في شهر مارس تغرقها الثلوج البيضاء رغم أن الشمس ساطعة تنعكس أشعتها الذهبية على الثلج الأبيض … يمتزج اللون البرتقالي القريب من اللون الأحمر بذلك البياض الناصع الشاهق، تنعكس الأشعة فوق السطح المثلج الصلب، ثم ترتد عنه بعد أن تتكسر إلى ملايين الذرات الملونة، يشتعل الكون من حولي بالألوان المضيئة وأنا أمشي نحو شارع برودواي، إنه شارعي المفضل في مدينة نيويورك، حيث الملاهي والمسارح ودور السينما، وأكشاك الصحف والمجلات، ومطاعم البيتسا والهامبيرجر والشاورمة والفلافل، تتصاعد رائحة الفلافل إلى أنفي ومعها صوت فيروز يغني يا مدينة القدس، أتذكر مدينة بيروت وأنا أمشي في الحمرا أو الروشا، ومدينة القاهرة ودمشق وبغداد وتونس والجزائر والرباط والخرطوم والمنامة وغيرها من المدن في بلادنا، إلى جواري تمشي زميلتي الأستاذة في الجامعة واسمها «الدكتورة ماريا» تدندن مع فيروز بالأغنية، تقول إن صوت فيروز يشبه قطرات الألوان المتفجرة من شعاع الشمس حين ينعكس فوق سطح جوهرة من الفيروز أو قطعة من الثلج، تقوم الدكتورة «ماريا» بتدريس «فن الدراما»؛ المسرح والسينما والأدب، وتضيف إليها فن التصوير والرسم، والموسيقى، وأيضًا فن العلاقات الإنسانية على رأسها «الحب»، تربط زميلتي «ماريا» بين نشوة الحب ونشوة الإبداع، تصغرني بعشرين عامًا، لم تتزوج ولم تنجب أطفالًا، لكنها أنجبت كثيرًا من الكتب، وكثيرًا من الطلبة والطالبات الذين تحولوا إلى مبدعين ومبدعات على يديها، تتألق عيناها الخضراوان وهي تتأمل العناوين والإعلانات فوق دور السينما والمسرح، تضحك بمرح الأطفال حين ترى الإعلان عن مسرحية «مونولوج المهبل» وتقول: لا لا يا نوال، لقد سئمت من المهبل والقضيب وكل ما يتعلق بالجنس، أريد أن أرى فيلمًا أو مسرحية رومانتيكية؟
(١) العودة إلى الرومانتيكية
الإغراق في الجنس أو في الحب العذري الرومانتيكي بدون جنس وجهان لعملة واحدة هي الرأسمالية الذكورية، المتوارثة عن النظام العبودي، منذ انفصل الجسد عن الروح والعقل، وانفصل الحب عن الجنس، وأصبحت المرأة ترمز إلى الجسد/الإثم/الشيطان، ويرمز الرجل إلى العقل/الروح/الإله.
هذه واحدة من أفكار الفكر النسائي الحديث وما بعد الحديث، والتي لعبت دورًا في مقاومة الفكر العبودي الرأسمالي خلال القرن العشرين، وترتكز القدرة الإبداعية على القدرة على إلغاء الفصل بين الذكر والأنثى، وبين الإله والشيطان، وبين الجسد والروح والعقل.
كيف يتحول الذكر إلى إنسان؟ كان هذا السؤال يدور برأسي دائمًا على مدى عمري من أول الصبا والشباب حتى اليوم، ولم يكن لي أبدًا أن أقع في حب رجل لا يرى فيَّ إلا الأنثى.
ودار السؤال في رأسي وأنا جالسة إلى جوار صديقتي «ماريا» نشهد معًا مسرحية بعنوان «الصبي الذهبي» في شارع برودواي، يتمشى البطل فوق خشبة المسرح بقامته الطويلة وعضلاته القوية الذكورية، يزيدها قوة وذكورة بالرياضة العنيفة «المصارعة»، يرتدي قفازه ويصارع الذكور الأشداء متغلبًا عليهم، مصممًا على أن ينتصر على مدينة نيويورك الكبرى، أن يشق طريقه من الأزقة الفقيرة في مانهاتن السفلى إلى حيث الطبقة العليا ذات المال والمجد، إنه يؤمن بالفلسفة الأمريكية البراجماتية، التي تقول: كن عمليًّا ولا تفكر في المبادئ، فالوسيلة تبرر الغاية.
هذه الفلسفة الرؤية غير الإنسانية هي الصالحة تمامًا للمجتمع الرأسمالي الذكوري الفاسد، ويدرك «ألفونسو» بطل المسرحية أن الفساد لا يقهره إلا الفساد، إلا أنه يلتقي بامرأة اسمها «لورنا» يقع في حبها، تتغلب في الحب طبيعته الإنسانية الأولى، فهو في الأصل إنسان رقيق الطبع حساس يمتلئ قلبه بالحنان والحب والعدل والجمال، لكن الحبيبة «لورنا» كانت على علاقة حب برجل آخر اسمه «توم»، وهي تعشق شرب الخمر، وحين يتهمها «توم» بالإدمان تقول له: «في حلقي يا حبيبي غصة أريد إزالتها بالخمر!»
وتتصاعد الموسيقى الغاضبة مع غضب الفتى المصارع ألفونسو حين يكتشف أن المرأة التي يحبها مشغولة بغيره، يرتدي قفازه ليبارز الذكور المنافسين له في مجال الحب أو المال أو الشهرة، تلعب الموسيقى في المسرحية دورًا رئيسيًّا للتعبير عن الغضب والغيرة والتمرد والثورة، تتنافس الآلات باختلاف أنواعها الحديثة والقديمة، مع الطبول وأناشيد الثورة الزنجية التحررية ضد السيد الأبيض، وألحان الكنائس المصاحبة لتراتيل الإنجيل.
ويختفي وجه مؤلف المسرحية وملحنها ومخرجها تحت وجه الممثل «ألفونسو ريبيرو»، ذي الحضور القوي الذي يخطف البصر، بقامته الطويلة الممشوقة، وقوته الهائلة مع الرقة الشديدة والعذاب في الحب حتى الموت، ومنذ عام ١٩٨٣ اشتهر اسم ألفونسو في مسارح برودواي تحت اسم «الطفل النجم»، إلا أنه اليوم أصبح رجلًا في الثلاثين من العمر، ممتلئ الصوت، يخترق صوته الرجولي قلوب النساء، مثل السهم ينفد به «المصارع» إلى عين غريمه «الثور».
تعبر الموسيقى بدرجاتها وأصواتها المتعددة عن صوت واحد هو صوت المقاومة العنيفة لآخر معاقل العبودية والعنصرية، ذلك أن البطل «ألفونسو» أسمر البشرة من أصل فقير مثل غيره من السود في حي «هارلم»، وهو ينافس الرجل الأبيض لامتلاك امرأة بيضاء.
تجتمع القوة الذكورية مع الرقة والحنان، تمتزج الرومانتيكية مع المثالية والبراجماتية والثورية والإقدام والإحجام في تآلف موسيقي شفاف يهز القلب والجسد والروح والوجدان.
وتهتز إلى جواري صديقتي «ماريا» وهي تغني مع البطل: «أريدك معي يا حبي»، يسري اللحن في دماغي أيضًا يدغدغها، وأتذكر أنني في مدينة نيويورك، والمدينة كلها نائمة في الليل إلا شارع برودواي، ويدب ألفونسو بقدميه فوق خشبة المسرح وهو يرقص، وصوته يردد مع الإيقاع: «لا تنسوا الشارع ١٢٧، أحد شوارع هارلم.»
وتظل الموسيقى في أذني حتى أعود إلى غرفة نومي في بيتي على الضفة الأخرى من نهر هدسون، موسيقى الفنان «شتراوس» مع صوت «ألفونسو ربيرو»، وألحان الجاز الزنجية تنطلق من شوارع هارلم عام ١٩٦٥ حين كنت طالبة شابة في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.
(٢) زيارة امرأة ترتدي الحجاب
إحدى الدعوات النسائية في شهر مارس جاءتني من جماعة من المسلمين يعيشون في نيويورك ونيوجرسي، يزيد عدد المسلمين فيهما عن مليون ونصف شخص، حملت الدعوة إلى بيتي شابة سوداء تلف رأسها بحجاب تقول عنه «الحجاب الإسلامي»، وحين نظرت إلى شعري غير المغطى بحجاب قلت لها: اسمعي يا عزيزة (اسمها عزيزة أيضًا) لقد تخرَّج المرحوم والدي من الأزهر ودار العلوم، وكان له ستة من البنات لم يطلب من واحدة منهن ارتداء الحجاب، وأرسلنا جميعًا إلى الجامعات حيث جلسنا إلى جوار الرجال نتلقى العلم والطب والفن والأدب.
هذه الشابة في الخامسة والعشرين من عمرها، طالبة بجامعة نيويورك تعد لنيل درجة الدكتوراه في الدين الإسلامي، وُلدت في حي هارلم حيث هاجر جدودها السود من الجنوب طلبًا للرزق، اعتنقوا الإسلام حين انتشر الإسلام بين المهاجرين في هارلم وبروكلين وغيرهما من أحياء نيويورك الفقيرة، شابة طويلة القامة نحيلة الجسم، شاحبة اللون قليلًا، لكنْ عيناها السوداوان الواسعتان تشعان بضوء الحماس النابع من الإيمان بقوة في السماء.
جاءت عزيزة تدعوني لإلقاء كلمة في عيد المرأة العالمي ٨ مارس، وقالت لي إنها «فيمنيست مسلمة»، تؤمن بتحرير المرأة حسب الشريعة الإسلامية، وطلبت منها أن توضح لي علاقة الإسلام بحجاب المرأة، إلا أنها عجزت عن ذلك تمامًا، ثم قالت: أنا أرتدي الحجاب لتأكيد الهوية أكثر من تأكيد الدين، ودار الحوار بيننا عن معنى «الهوية»، وأخيرًا سألتني عزيزة: «وما هي هويتك يا دكتر الساداوي؟» قلت لها: هويتي ليست أحادية؛ بل هي متعددة الجوانب، إذ تجري في عروقي دماء مصرية وأفريقية وآسيوية وتركية وقبطية وحبشية وإسلامية وبوذية من أجدادي الهنود، إن دمائي مختلطة يا ابنتي عزيزة، وأنا لا أؤمن بالدماء النقية على غرار الفلسفة النازية حيث آمن هتلر بنقاء الدم الألماني، وهي فكرة عنصرية تسري على نقاء الدم بمثل ما تسري على نقاء الحضارة، فلا توجد حضارة نقية لم تخصبها حضارات أخرى من الشرق والغرب والشمال والجنوب والسود والبيض والصفر والحمر، وكل الأشكال والألوان والأديان، المفروض يا عزيزتي عزيزة ألا نبالغ من الفروق بين البشر على أساس الدين أو الجنس أو الجنسية أو العرق أو اللون تحت أي اسم أو شعار وإن كان «الهوية».
إلا أن الشابة الأمريكية المسلمة «عزيزة» لم تستوعب كلامي، كانت ترمقني باتساع الدهشة في عينيها وتهز رأسها في عجب، لقد نشأت «عزيزة» في أسرة أمريكية لا تعرف اللغة العربية ولا تفهم الإسلام كما فهمه أبي الأزهري الدرعمي (نسبة إلى دار العلوم)، وهي تنتفض حماسًا وهي تقول لي: «سوف يكون القرن الواحد والعشرون هو قرن الإسلام رغم أنف جورج بوش، الذي يصور الإسلام على أنه دين الإرهاب، ويحاول القضاء على ديننا الحنيف لتنتصر المسيحية.» قلت لها: لا يا ابنتي عزيزة، إن جورج بوش (الابن) لا يحاول القضاء على الإسلام؛ بل إنه يدعم كثيرًا من الحكومات الإسلامية التي تقف معه في حربه ضد الإرهاب، وهو يشجع النعرات المسيحية والإسلامية واليهودية أيضًا، ويزيد من الأموال الممنوحة للمدارس الدينية في أمريكا، سواء كانت مسيحية أو إسلامية أو يهودية.
وملأت عينيها الدهشة أكثر وأكثر، وقالت: كيف هذا؟ ولماذا يدعم جورج بوش الإسلام؟ من مصلحة جورج بوش أن يقضي على الإسلام، أليس كذلك يا دكتر الساداوي؟! قلت لها: ليس من مصلحة جورج بوش أن يقضي على الإسلام، أو حتى إضعافه، أو التشكيك فيه؛ لأن التشكيك في دين واحد يتبعه التشكيك في الأديان الأخرى، خاصة المسيحية التي يدعمها جورج بوش، ويستخدمها كأداة للسيطرة على الشعب الأمريكي، خاصة بعد أحداث ١١ سبتمبر وضرب مركز التجارة الدولي في نيويورك والبنتاجون في واشنطن.
دار الحوار طويلًا، ثم أخرجت عزيزة من حقيبتها دعوة لي لأتحدث في ٨ مارس عن المرأة والإسلام، لكني كنت قد ارتبطت قبل ذلك بدعوى أخرى للتحدث في البرلمان الأوروبي في بروكسل عن «مستقبل النساء في القرن الواحد والعشرين»، وقد دُعيت للحديث معي نساء من أفغانستان وفلسطين وتونس وغيرها من البلاد، سررت لأن هؤلاء النساء خاصة المرأة الفلسطينية، استطعن الربط بين قضية تحرير النساء وقضية تحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي، وهل يمكن أن يتحرر نصف المجتمع (من النساء أو الرجال) في بلد محتل بالجيوش الأجنبية الإسرائيلية أو الأمريكية أو غيرها؟
أما المرأة الأفغانية فقد كشفت عن الترابط بين الاحتلال العسكري الأمريكي لبلدها والاحتلال الثقافي والفكري والتعليمي، لقد صرفت الولايات المتحدة (تحت اسم المعونة التعليمية لأفغانستان) ٥١ مليون دولار من عام ١٩٨٤ حتى عام ١٩٩٤، ووزعت أكثر من أربعة ملايين كتاب مدرسي على التلاميذ، وملايين من الكتب الأخرى المليئة بالآيات القرآنية والتفسيرات الخاطئة لهذه الآيات، من أجل تشجيع الأطفال والشباب الأفغاني على قتل الكفار (الاتحاد السوفياتي) وغيرهم من الشيوعيين الملاحدة، لقد سعت الحكومة الأمريكية عن طريق هذه المعونات الثقافية لتشجيع القتل والتعصب على حساب الدين الإسلامي، واليوم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانتصار الجيش الأمريكي في أفغانستان على نظام الطالبان وخلايا القاعدة والمجاهدين الإسلاميين بقيادة أسامة بن لادن، بدأت حكومة الولايات المتحدة نفسها تمسح من الكتب ذاتها التي شحنتها إلى كابول، بدأت تمسح منها جميع الآيات أو التفسيرات التي تحض على الحرب والجهاد في سبيل الله، وتضع مكانها آيات أخرى تحض على المحبة والسلام.
وفي جامعة نيويورك وجامعة نيوجيرسي وغيرهما من الجامعات الأمريكية ترتفع الأصوات الطلابية في المظاهرات ضد الحرب وسياسة جورج بوش (الابن): «إن الحكومة في واشنطن تبدد الأموال التي تجمعها من الضرائب، والتي ندفعها من عرقنا ودمنا في تشجيع الفتن الدينية، خلقت في أفغانستان خلال عشرة أعوام أجيالًا من الشباب المتعطشين للدماء تحت ستار الإسلام.»
وتسهم الأمم المتحدة عن طريق منظماتها «اليونيسيف» في صرف هذه الكتب والمعونات التعليمية، تحت اسم المساعدات الإنسانية للشعوب الفقيرة لتقوية الروح الدينية لدى الأطفال والتلاميذ.
وقد خصصت الحكومة الأمريكية ٢٩٦ مليون دولار معونة تعليمية لإرسال كتب أخرى جديدة ومسح الكتب القديمة، وأمام موظفي اليونيسيف في أفغانستان نصف مليون كتاب يدرس العنف والإرهاب تحت اسم الجهاد الإسلامي، وأمامها أيضًا ميزانية قدرها ٢٠٠٠٠٠ دولار أمريكي لنسف هذه الكتب وتدميرها تمامًا لتختفي من الوجود، ومئات الموظفين من النساء والرجال في اليونيسيف مشغولون اليوم بمسح الصور في الكتب التي تصور البنادق يحملها المجاهدون الأفغان، والكلاشنكوفات، تستبدلها بصور الزهور والبرتقال وحمامات السلام.
لي صديقة تعمل في مكتب اليونيسيف في نيويورك عادت مؤخرًا من أفغانستان، وراحت تحكي ما يحدث اليوم في أفغانستان المحرَّرة بأيدي الأمريكان والتحالف الشمالي، تطرق صديقتي برأسها وتقول: «أشعر بالخزي والعار يا نوال، وسوف أنشر هذه الحقائق رغم أن النشر قد يحرمني من وظيفتي التي أعيش منها، إلا أن ضميري يعذبني.»
وأمشي في شهر مارس في شوارع نيويورك فوق الثلوج البيضاء أنشد رؤية شيء من الفن العميق؛ يروِّح عني ألم الغربة والبعد عن الأهل والوطن.