المرأة في الألفية الجديدة
(١) وجهان لنظام عالمي واحد
تتحكم القوة الدولية الرأسمالية الأبوية في حياتنا من خلال حكوماتنا المحلية؛ التي تبطش بنا في أي وقت نمثل فيه خطورة عليها أو على استقرار النظام الحاكم.
إننا نعيش في أمان نسبي أو في خطورة نسبية حسب قدرتنا على تغيير النظام الحاكم، ولا يمكن فصل النظام الدولي عن المحلي، ولا يمكن فصل ما سُمي العالم الثالث، فنحن نعيش في عالم واحد يتحكم فيه سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا ٤٤٧ رجلًا يملكون أكثر مما يملكه نص سكان العالم.
أصبحت قلة قليلة من الرجال يعيش معظمهم في الولايات المتحدة الأمريكية يملكون ويتحكمون في المال والسلاح والإعلام، هذا الثالوث القادر على قتل البشر جسديًّا وعقليًّا ونفسيًّا، ويتضاعف نصيب النساء والفقراء من هذا القتل الجماعي الذي نشهده كل يوم، خاصة في بلادنا الأفريقية والعربية.
إن القوة هي التي تحكم دوليًّا ومحليًّا وليس العدل، وليس الله — إن كان مفهوم الله هو العدل — لكن الحكام في عصر العولمة الحديث أو ما بعد الحديث لا يمكن أن يستمروا في الحكم دون الاستعانة بالله أو الأديان، حتى تظن الأغلبية من النساء والرجال المقهورين أن هذا القهر، وهذا الفقر، وهذا الموت إنما هو حكمة الله، أو إرادة الله، وليست إرادة حفنة قليلة من الملياردارات الأمريكيين والأوروبيين.
إن هذه الظاهرة الجديدة التي يسمونها التيارات الأصولية الدينية ليست جديدة، بل هي جزء من التاريخ البشري منذ نشوء النظام العبودي، أو ما يُسمى النظام الطبقي الأبوي، وهي الوجه الآخر للظاهرة التي أطلق عليها وصف العولمة.
إن هذه الظاهرة التي يسمونها العولمة، والتي توصف بأنها جديدة ليست جديدة بل هي جزء من التاريخ البشري منذ نشوء الاستعمار، أو بلغة أصح «الاستخراب»، وكلمة الاستعمار مضلِّلة؛ لأنها مشتقة من الفعل استعمر، أو ما يؤدي إلى العمار أو العمران، وفي حين أن الكلمة الملائمة هي «الاستخراب»؛ لأن الاستعمار الأوروبي والأمريكي القديم والجديد قد جلب الفقر والخراب لبلادنا الأفريقية والعربية وليس العمار.
لكنها اللغة المضلِّلة التي يستخدمها الغزاة دائمًا حتى لا يكتشف أهل البلاد الخدعة، ويتصورون أن هؤلاء الغزاة قد جاءوا لحمايتهم وليس لتدميرهم.
جاء الاحتلال البريطاني لمصر عام ١٨٨٢ باسم «الحماية»، وتضرب الصواريخ الأمريكية اليوم الشعب العراقي باسم حمايته أو حماية جيرانه من خطر الحاكم في العراق، وقد تم تدمير قوة الشعب العراقي ماديًّا ونفسيًّا منذ حرب الخليج عام ١٩٩١، وتم هذا التدمير تحت اسم تحرير الكويت، في حين أنه لم يكن هدفه سوى اغتصاب البترول، واحتلال بلاد الخليج عسكريًّا واقتصاديًّا.
هل يتغير الاستعمار الجديد (الاستخراب الجديد) في القرن الواحد والعشرين عنه في القرن العشرين؟ ربما يكتسب مهارات خداعية أكبر مع التقدم المطرد في تكنولوجيا السلاح والإعلام، ربما يحتاج أكثر إلى الله والأديان والروحانيات حتى لا يدرك النساء والرجال ما يحدث لهم من كوارث اقتصادية وعسكرية.
لهذا لا أتوقع شيئًا إيجابيًّا من القوى الاستعمارية في العالم ومؤسساتها الاقتصادية مثل الشركات المتعددة الجنسيات أو البنك الدولي أو صندوق النقد، أو تلك الاتفاقات الدولية التي تتم تحت أسماء خادعة مثل التنمية أو التعاون أو الإصلاح الاقتصادي أو الإصلاح الهيكلي، بل أتوقع مزيدًا من الكوارث والحروب الاقتصادية والعسكرية، ومزيدًا من الدمار الشامل والإبادة الجماعية للفقراء والضعفاء من النساء والأطفال والعجائز في بلادنا خاصة.
لكني أدرك أيضًا أن العنف يولد العنف، وأن ليس من السهل قتل البشر دون أن يهبوا للدفاع عن أنفسهم، وقد أدرك الناس في بلادنا أن العدو أصبح عالميًّا ومحليًّا، وأن النضال لا بد وأن يكون عالميًّا ومحليًّا أيضًا.
لم يعد العالمي منفصلًا عن المحلي، وهذه واحدة من الإيجابيات، أصبحنا نعيش في عالم واحد، بل في قرية واحدة بفضل التطور التكنولوجي الهائل لوسائل الاتصال، ويمكن لسكان هذه القرية في الشمال والجنوب والشرق والغرب أن يتواصلوا ويتجمعوا وينظموا صفوفهم من أجل النضال ضد الظلم والجوع والموت.
ربما لهذا السبب أشعر بالتفاؤل رغم الردة التي نعيشها في كافة مجالات الحياة، رغم هذا الفقر الذي يصيب النساء أكثر من الرجال، حتى أصبح اصطلاح «تأنيث الفقر» كأنما هو سمة عصر العولمة ما بعد الحديث.
مع ازدياد نسبة البطالة تُطرد النساء من سوق العمل قبل الرجال، خاصة مجالات العمل ذات الأجور المرتفعة، والتي تتطلب مهارات خاصة، أما الأعمال الدنيا ذات الأجور المنخفضة، والتي لا تتوافر فيها أية ضمانات نقابية أو صحية أو قانونية فإن أعداد النساء تزداد فيها عن الرجال، كذلك الأعمال التي بلا أجر على الإطلاق؛ مثل الأعمال المنزلية فتقوم بها النساء اللائي يحملن لقب زوجة أو ربة بيت أو أم، هذه الفئة من النساء يتعرضن لاضطهاد اقتصادي أكثر من خدم وخادمات البيوت الذين يتقاضون أجورًا على أعمالهم.
في مصر أصبحت أجور الخدم في البيوت أعلى من الأجور التي يحصل عليها خريجو الجامعات والمعاهد العليا، لقد زادت البطالة بين حاملي الشهادات العليا، وفقد التعليم الجامعي قيمته في ظل قيم السوق والتجارة والمكسب المالي السريع أو تراكم رأس المال، ولأن السوق هي عصب النظام الرأسمالي أو عصر العولمة فإن تشجيع الاستهلاك مطلوب لتصريف البضائع، ويلعب الإعلام دوره التضليلي لتصبح النساء أدوات استهلاكية لشراء منتجات لا يحتجن إليها، منها أدوات الزينة والتجميل والزخرفة، ويتزايد الفهم المفرط بين الطبقات الوسطى والعليا في الأكل واللبس والجنس والمكيفات والسجائر والخمور والمخدرات والمنبهات.
لم ينتبه علماء الاقتصاد، ومنهم الماركسيون أو الاشتراكيون إلى دور النساء في الأعمال خارج نطاق العمل الرسمي، مثل الفلاحات وربات البيوت، ولم يكن كافيًا إضافة هؤلاء النساء إلى قوة العمل المنتج؛ بل لا بد من تغيير مفهوم العمل، وإلغاء فكرة تقسيم العمل على أساس الجنس.
إن التقدم التكنولوجي قد ساعد على خلق أنواع جديدة من العمل الإنتاجي الذي يتم داخل البيوت، أصبحت المرأة ربة البيت قادرة على كسب بعض المال من عملها الإنتاجي دون أن تخرج من بيتها، وسوف يساعد هذا التغيير على تسهيل الحياة نسبيًّا، خاصة للأسر المهاجرة والطبقات الفقيرة.
إلا أن الهوة بين الطبقات تزداد بمثل ما تزداد التفرقة بين الجنسين، ومع ازدياد الفقر وازدياد تصاعد التيارات الدينية المحافظة أصبحت المرأة ضحية التمزق بين تيارين متضادين في الظاهر فقط؛ لكنهما وجهان لنظام واحد، التيار الديني الذي يدفعها إلى التحجب والعزلة في البيت، والتيار الاستهلاكي الانفتاحي الذي يدفعها إلى الشراء والمتعة والجنس والتزين، بل والدعارة أيضًا.
إن انتشار الدعارة والتجارة بالجنس والنساء (خاصة الفتيات والشابات الصغيرات) قد أصبحت ظاهرة عالمية وعملية، واضحة وسافرة، أو مستترة تحت أنواع جديدة من الزواج، التي انتشرت في بلادنا في السنين الأخيرة، مثل الزواج العرفي وزواج المسيار وغيرهما.
ترتكز العولمة والسوق الدولية في مكاسبهما على التجارة في السلاح والدعارة والمخدرات وأدوات الزينة ووسائل الترفيه والإعلام والأفلام القائمة على الجنس والجريمة، كما ترتكز على الازدواجية والكيل بمكيالين في كل شيء، سواء كان في السياسة الدولية أو في الحياة الجنسية الخاصة داخل الأسرة؛ لهذا السبب يحتاج نظام العولمة ما بعد الحديث إلى الأديان؛ إذ ترتكز الأديان على الازدواجية نفسها التي ترتكز عليها العولمة، فهناك مقاييس أخلاقية واجتماعية واقتصادية وقانونية خاصة بالرجال، ومقاييس أخرى خاصة للنساء، وهناك تفرقة بين الناس على أساس الطبقة، وتأكيد على أن الله خلق الناس درجات وطبقات بعضها فوق بعض، وجعل الرجال قوَّامين على النساء.
تتغلغل القيم الطبقية الأبوية في صلب الأديان وفي صلب النظام العالمي والمحلي، وليس هناك ما يدل على حدوث تغيير كبير في القرن القادم، ما لم تنهض النساء للدفاع عن حقوقهن وتنظيم أنفسهن محليًّا ودوليًّا.
لقد خُربت حركات تحرير المرأة في بلادنا وفي معظم بلاد العالم؛ بسبب ما حدث من ردة اقتصادية وثقافية وإعلامية، ولم تعد الأغلال والقيود مرئية، بل أصبحت داخل عقل الإنسان — المرأة أو الرجل — بسبب عمليات تزييف الوعي المستمرة من خلال أجهزة التعليم والإعلام.
(٢) مشكلة الإعلام والتعليم
في مصر تمتلك الحكومة أجهزة الإعلام بالكامل، خاصة الراديو والتلفزيون، معظم الصحف الكبرى تملكها الحكومة أيضًا، هناك بعض صحف معارضة إلا أنها معارضة في نطاق محدود إن خرجت عنها فهي مهددة بالإغلاق، كما حدث عند معارضتنا لحرب الخليج، ولأننا انتهجنا سياسة نسائية تحريرية تختلف عن سياسة الحكومة.
لقد سيطر الإعلام الأمريكي على كثير من بلاد العالم، منها بلادنا العربية والأفريقية، يلعب الإعلام الرسمي في بلادنا الدور نفسه في تلهية الناس عن مشاكلهم الحقيقية.
وكم ينشغل الناس في بلادنا بالحكايات الجنسية التافهة للرؤساء والأميرات والأمراء، لقد طغت أخبار الأميرة ديانا والحكايات عن كلينتون ومونيكا على أخبار الشعوب التي تقتل بالآلاف في بلادنا بسبب الحروب العسكرية والاقتصادية المستمرة.
وقد أصبح الإعلام الرسمي في بلادنا يشجع الفكر الديني المحافظ منذ السبعينيات وحتى اليوم، أصبح نجوم التلفزيون من رجال الدين، والمشايخ الذين يروجون الدعوة إلى تحجب النساء، رغم إغراق الناس بالإعلانات الجنسية الفاضحة لترويج البضائع الأجنبية أو المنتجة محليًّا تحت سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات.
ويلعب الإعلام الأمريكي والدولي دوره لمساندة الردة الدينية والسياسية التي تخدم مصالح السوق والعولمة، وتضر بمصالح النساء ورجال من الشعوب خاصة في بلاد الجنوب أو بلادنا.
هكذا تحدث الردة التعليمية وتكريس فكرة تقسيم العمل على أساس الجنس تحت اسم «الأمومة».
رغم هذا التمجيد الخادع للأمومة فإن حقوق الأم أصبحت تتناقص حتى في وزارة التعليم ذاتها، وفي مايو ١٩٩٨ أصدرت هذه الوزارة قرارها رقم ٢٤٢ بحرمان الأمهات من حق عضوية الجمعية العمومية لأولياء أمور التلاميذ والتلميذات في المدارس القومية، وأصبح هذا الحق قاصرًا فقط على الآباء بعد أن كان يشمل الآباء والأمهات معًا.
إلا أن الجريدة الأمريكية لم تذكر شيئًا عن هذا، بل راحت تمجد فكرة تدريس مواد خاصة للبنات تحت اسم «الأمومة»، وتؤيد فكرة إنشاء مدارس خاصة للتلميذات بحجة أن الآباء يرفضون إرسال بناتهم إلى المدارس العادية خوفًا من الاختلاط.
لكن حسن الإحصاءات الرسمية في مصر فإن نسبة البنات في المدارس الحكومية المختلطة تزيد عن ٤٦٪ من جملة عدد التلاميذ والتلميذات، ومن المعروف أن الاختلاط داخل المدارس لا يشكل خطورة على البنات بسبب الرقابة المدرسية المستمرة، كما أن الاختلاط يحدث في الشوارع والمواصلات العامة والمحلات والأسواق، وكل مكان إلا أن الأفكار المحافظة التي تشجع التفرقة بين الجنسين قد انتشرت منذ السبعينيات، في ظل حكم السادات، الذي شجع تصاعد القوى الدينية والسياسية المحافظة لضرب القوى الناصرية والاشتراكية، وبدأت ظاهرة الحجاب تنتشر بين تلميذات المدارس والجامعات.
حين كنت تلميذة بالمدرسة الثانوية منذ نصف قرن (١٩٤٨) لم يكن في مدرستي تلميذة واحدة ترتدي الحجاب أو تلف شعرها بإيشارب.
اليوم (في فبراير ١٩٩٩) إن تصادف مروري بمدرسة ثانوية للبنات أثناء خروج التلميذات فإني أرى مشهدًا غريبًا، مئات أو آلاف التلميذات مرتديات الحجاب أو الإيشارب حول رءوسهن.
تخدم العولمة والقوى الاستعمارية الجديدة هذا الاتجاه المعادي لتحرير نصف المجتمع من النساء، والمعادي أيضًا لتحرير النصف الآخر من الرجال، إلا أن القيود على الرجال ليست مرئية مثل حجاب الرأس للنساء، ذلك أن «حجاب العقل» أشد خطورة ولا يرى بالعين، كما أن تغير السياسة الاقتصادية في البلاد وإخضاع الاقتصاد المحلي لمصالح الاقتصاد العالمي، وتعرض النساء لهذا الاستغلال أيضًا مثل الرجال، بالإضافة إلى الاستغلال الخاص الواقع على المرأة لمجرد أنها امرأة.
(٣) ضرب حركات النساء والفكر النسائي المتقدم
لقد ضربت حركات النساء التحريرية في العالم، ومنها الحركة النسائية الأمريكية، خرجت أجيال جديدة من النساء يتنكرن لحركة أمهاتهن وجداتهن، صدرت كتب بأقلام نساء يمجدون الأمومة والعودة إلى دور المرأة الطبيعي لخدمة الأطفال والأسرة، وقد ترجمت بعض هذه الكتب إلى اللغة العربية في السنين الأخيرة، رحَّب بها الرجال في بلادنا من العلماء وأطباء النفس، وما يطلق عليهم المثقفون أشادوا بهؤلاء الكاتبات الأمريكيات الجديدات اللائي عدن إلى الله والطبيعة الأنثوية بعد الانحراف عنها في الحركات النسوية المتطرفة الشاذة التي انتشرت خلال القرن العشرين.
وفي مصر فإن ٢٠٪ على الأقل من العائلات تعولها نساء؛ أي أن المرأة تقوم بالدورين معًا: الأمومة والأبوة، ولا أحد يعترض على ذلك، بل تشجع المرأة على الإنفاق على الأسرة والعمل خارج البيت بأجر، وبشرط ألا تقصر في واجباتها المنزلية.
أكثر القوانين ظلمًا للمرأة في بلادنا هو قانون الزواج، تتحول الزوجة في ظل هذا القانون إلى قاصر، يملك زوجها حق الولاية عليها حسب مبدأ الاحتباس؛ أي للزوج الحق في حبس زوجته بالمنزل، وعدم التصريح لها بالخروج إلى عملها، أو السفر خارج البلاد، أو استخراج جواز سفر.
وقد أجاز القانون المصري للمرأة أن تعمل خارج البيت بإذن زوجها، وبشرط ألا يؤدي عملها إلى تقصيرها في أداء واجباتها المنزلية، ومنها رعاية شئون الزوج والبيت والأطفال.
- (١)
أن يسمح زوجها بذلك.
- (٢)
أن تجمع بين عملها خارج البيت وعملها داخل البيت.
إلا أن الزوجة المصرية التي تعمل بأجر يمكنها أن تتحرر من قانون الاحتباس بالإنفاق على نفسها وأطفالها والاستغناء عن نفقة الزوج؛ لأن القانون يعطي الرجال حق الاحتباس مقابل النفقة، كما يمكن للزوجة أن تطلق زوجها عن طريق مبدأ الخلع في القانون إن تنازلت عن حقها في النفقة ومؤخر الصداق، المشكلة التي يصعب حلها إذن تتعلق بالنساء اللائي يعملن بدون أجر واللائي يعشن عالة على أزواجهن وفي حاجة إلى نفقتهم، وبالتالي يشكل الطلاق بالنسبة لهن مشكلة اقتصادية واجتماعية؛ ولهذا تعيش معظم النساء الفقيرات خاصة المسلمات منهن في خوف دائم من الطلاق.
لا يزال الطلاق بالنسبة للزوج المسلم أمرًا سهلًا يكفي أن يقول لزوجته أنت طالق، فإن طلاقه يقع، سواء جاءت عبارة الطلاق عبر أسلاك التليفون أو أرسلها الزوج إلى زوجته في شريط كاسيت أو شريط فيديو، وبغض النظر عما إذا كان الزوج جادًّا في إيقاع الطلاق أم هازلًا، وذلك حسب الحديث النبوي: «ثلاث جدُّهنَّ جدٌّ وهزلهنَّ جدٌّ النكاح والطلاق والعتاق.»
نشرت هذه المعلومات في أكبر جريدة مصرية رسمية (الأهرام في ٢٠ نوفمبر ١٩٩٨) وبلسان المستشار نائب رئيس هيئة قضايا الدولة.
إلا أن نضال النساء المصريات ضد هذه القوانين لا يزال مستمرًّا حتى اليوم — رغم العقبات التي توضع في طريقهن — وهناك مكاسب حققتها النساء عبر السنين، وقد استطاعت قوة النساء الواعيات أن تخفف من وطأة الظلم الواقع على النساء خاصة الفقيرات منهن، اللائي يتعرضن لمخاطر متعددة منها الاغتصاب الجنسي، وكانت الفتاة ضحية الاغتصاب هي التي تُعاقب لأنها هي التي تفقد غشاء البكارة أو الشرف، أما الرجل فهو لا يفقد شيئًا لأن ليس له غشاء بكارة.
بعد نضال طويل ضد هذا المفهوم القاصر للشرف بدأت السلطة السياسية والدينية في مصر تغير موقفها لتحمي هؤلاء الضحايا من الفتيات، خاصة بعد أن تزايد عددهن في السنين الأخيرة مع تزايد الفقر والبطالة وعدم قدرة أغلب الشباب على الزواج أو تأسيس أسرة وبيت.
لقد أصدر مفتي الديار المصرية مؤخرًا بعض الفتاوى لصالح ضحايا الاغتصاب، منها حق الفتاة الحامل منهن في الإجهاض (قبل أن يكمل الجنين ١٢٠ يومًا داخل الرحم)، وإلغاء المادة ٢٩١ من قانون العقوبات التي كانت تطلق سراح المغتصب وتسقط عنه التهمة نهائيًّا إذا تزوَّج من الضحية.
ولا تزال الضغوط النسائية مستمرة لانتزاع الحقوق المسلوبة منهن، ومنها عدم حق الأم المصرية في إعطاء اسمها أو جنسيتها لأطفالها، وعدم أحقية المرأة في تولي منصب القاضي، وولاية الزوج على زوجته وغير ذلك من الأمور.
إلا أن القوى السياسية والدينية المسيطرة تضع العقبات أمام حركات تحرير المرأة في بلادنا، وتوجه إليها الضربات الواضحة أو المستترة.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية أصابت الردة النساء أيضًا؛ بسبب تصاعد القوى المسيحية المحافظة.