الغزو
في صباح يوم الاثنين، شعرَ كيسي أنه غير راغب في الذهاب إلى العمل، وعرفَ أن لذلك علاقة بزيارة جيه تي هاريسون. ولذا، لم يكن مسرورًا عندما رأى ضيفه جالسًا في مكتبه عندما وصلَ إلى الشركة في الساعة العاشرة إلا عشر دقائق.
راحَ جيه تي ينظر إلى الساحل عبر النافذة. ثم قال: «يبدو المنظر جميلًا جدًّا من هنا.»
شعرَ كيسي كما لو كان يستضيف غازيًا أجنبيًّا، لكنه ظلَّ لطيفًا. وقال: «يجب أن تكثر من زيارتنا هنا؛ إنه تغيير رائع للمناظر.» أحسَّ كيسي أن تعليقه كان لطيفًا أكثر مما ينبغي.
فردَّ هاريسون قائلًا: «ليتني كنت أملك الوقت الكافي لذلك.» وبعد محادثة قصيرة وسطحية عن مشاغل كلٍّ منهما، كان الوقتُ قد حان للذهاب إلى اجتماع الفريق.
وفي العاشرة كان نصفُ الفريق فقط موجودًا في قاعة الاجتماعات، ولم يكن ذلك أمرًا نادرًا، إلا أنه جعل كيسي يشعر ببعض العصبية بسبب وجود زائره المهم. ولكن في غضون خمس دقائق تقريبًا حضر جميع مَن كان عليهم حضور الاجتماع وكانوا مستعدين للبدء. وكان هناك عضوان في الفريق، هما مات وميشيل، لديهما التزامات أخرى يقومان بها.
بدأ كيسي الاجتماع كما كان يبدؤه عادةً، وذلك بالتحقُّق من أنهم جميعًا تلقوا نسخًا من محضر الاجتماع السابق، ثم وجَّه إليهم اللوم بأسلوب مرح لعدم إرسال أي منهم اقتراحات لتوضع على جدول أعمال الاجتماع الحالي. ثم وزَّع جدول الأعمال الذي أعدَّه بنفسه، وكان يشمل خمسة بنود: سياسة الإنفاق، والتخطيط الاستراتيجي، وبرامج تدريب الإدارة، والتقارير الخاصة بالأسهم، والتقارير التي تحوي أحدث البيانات عن المنافسين.
مهَّد كيسي للموضوع الأول قائلًا: «هناك مسألتان متصلتان بالنفقات يجب أن نناقشهما.» ثم التفت إلى مديره المالي وقال: «تفضَّل يا تيم.»
فبدأ تيم حديثه قائلًا: «أولًا، علينا أن نضع النفقات المتغيرة تحت السيطرة. وعلينا أيضًا أن ننتهي من حساب النفقات في أقرب وقت، وأن نغيِّر النماذج التي نستخدمها لتتوافق على نحو أفضل مع تلك المستخدمة في شركة بلاي سوفت.» ونظر تيم إلى زائرهم الذي يمثِّل الشركة الأم.
وعلى مدى الساعة التالية، ناقش الفريقُ تقارير وسياسات الإنفاق وكلَّ ما له علاقة بإدارة النفقات بصبر وبحياد. كان جيه تي يبدو غافلًا تمامًا عمَّا يجري، مما أشعر كيسي ببعض الارتياح.
أخيرًا، وبعد أن فقدَ الجميع الرغبة في الحوار، قرَّر كيسي الانتقال إلى البند التالي في جدول الأعمال قائلًا: «حسنًا، يكفي هذا فيما يخص النفقات.» ونظر إلى جدول الأعمال ثم قال: «لنتحدَّث عن التخطيط الاستراتيجي.»
بدا جيه تي وكأنه أفاق من غشيته فجأة متحفِّزًا على أمل أن تصبح المناقشة أكثر إثارة.
كان كيسي يحب أن يُشرك فريقه في هذه الاجتماعات قدر الإمكان، فقال: «لِمَ لا تخبرنا كيف تسير الأمور الآن فيما يتعلق بعملية التخطيط يا كونر؟»
استغرقَ كونر عشر دقائق لتقديم آخر البيانات عمَّا جرى إنجازه فيما يتعلق بجمع البيانات والأبحاث التمهيدية. ثم استخدم بعض الشرائح الملوَّنة المصحوبة بمؤثراتٍ صوتية لعرض المخطَّط الزمني لتطوير خطة الشركة الاستراتيجية للعام المقبل.
وفي خلال حديثه، طلبت صوفيا من كونر وكيسي أن يعرضا أفكارهما حول الاتجاه العام للخطة. وأضافت: «أو ربما يمكنكما أن تخبرانا عن القضايا الرئيسية التي سنحتاج إلى مناقشتها.»
ودارت مناقشة استغرقت أربعين دقيقة حول الضغوط التنافسية واتجاهات السوق، وكانت بالتأكيد أكثر تشويقًا من المناقشة السابقة. ولم يكن هناك شك أن كيسي وفريقه ملمون بالقضايا التي يناقشونها، ولكن جيه تي رأى أن شيئًا ما ينقصهم. إنه الحماس. والشعور بأهمية ما يفعلونه. وكأنَّ لسان حاله يقول: «يبدو هؤلاء الأشخاص وكأنهم يجرون دراسة عن أوضاع شركة تخص أناسًا آخرين، وليس عن مستقبل شركتهم.»
كانت هناك عشر دقائق متبقية قبل أن ينتهي الاجتماع ومدته ساعتان عندما حاول كيسي أن يوقف هذه المناقشة. وعندها قال: «حسنًا، سيكون لدينا الكثير من الوقت للتحدث عن الخطة الاستراتيجية في الشهور المقبلة، وهناك بعض القضايا الأخرى التي علينا أن نتناولها اليوم.»
وبينما كان يلقي نظرة على القائمة التي لديه، تحدَّثت صوفيا. وقالت: «كنت آمل أن نستطيع التحدُّث عن زيادة الإعلانات في المجلات في الرُبع القادم من العام الحالي.»
فردَّ كونر قبل أن يتمكَّن كيسي من ذلك: «أعتقد أننا اتفقنا على هذه الترتيبات الأسبوع الماضي.»
قالت صوفيا: «أعتقد ذلك أيضًا، ولكني لم أكن مرتاحة حقيقةً لما اتفقنا عليه. وعندما تحدَّثتُ مع فريقي عن ذلك، قالوا إننا بحاجة إلى أن نزيد بسرعة من نشر إعلاناتنا في مجلات التجارة إذا كنا نريد أن نعطي دفعة لمنتجاتنا قبل عيد الميلاد.»
تنهَّد كيسي ونظرَ إلى تيم وقال: «هل هناك أيُّ شيءٍ يمكننا القيام به بخصوص الميزانية لترحيل التكاليف إلى الرُبع الثاني من العام؟»
ردَّ تيم قائلًا: «سأنظر في الأمر، ولكن أريد أن أتأكَّد في البداية من أننا بحاجة إلى ذلك حقًّا. فأنا لا أريدُ أن نواجه عجزًا في الميزانية في شهر نوفمبر.»
وافقَ كيسي، وقال: «أعتقدُ أن منافسينا سوف يدخلون بكل ثقلهم في موسم الإجازات هذا، ولا نريد أن ننفق أموالنا مبكرًا جدًّا.»
تدخَّل كونر بقوة وهو مُحبَط ولكن ليس بسبب رئيس المبيعات. فعقَّبَ قائلًا: «هذا صحيح، ولكن ربما تكون صوفيا على حق. فإذا استطعنا أن نعطي دفعة لمنتجاتنا قبل منافسينا، فسنكون قد انتفعنا بما أنفقناه في عيد الميلاد. وربما لا يعود ما أنفقوه بفائدة عليهم. ليتنا فكَّرنا في هذا الأمر منذ شهر، أو حتى قبل أسبوع.»
لم يكن جيه تي يعرف الكثير عن عمل شركة «يب». ولكنه كان متأكدًا أن هذه المحادثة الصغيرة كانت المحادثة الوحيدة المُفعَمة بالحيوية التي دارت في الساعتَين الماضيتَين. ولكن للأسف كانت هذه المحادثة على وشك أن تنتهي.
تدخَّل كيسي. فقال: «حسنًا، تبقَّى لدينا خمس دقائق، ولم نتحدث بعد عن برامج تدريب الإدارة أو التقارير الخاصة بالأسهم أو تحليل أوضاع المنافسين.» صمتَ للحظة، ثم تابعَ: «تيم، هلا أعطيتنا فكرة عامة عن وضع الأسهم في ثلاثين ثانية.»
ردَّ تيم: «حسنًا، نحن المسئولين في الشركة لا يمكننا أن نبيع أسهمنا في هذا الوقت، وليس هذا ما نريده في الوقت الحاضر، فعلينا الانتظار حتى تُغلَق دفاتر «بلاي سوفت» وتصدر الأرقام. ويسري هذا على أي موظف لديه علم بإيراداتنا. ولذا، فلتخبروني عن أي فرد في أقسامكم يمكن اعتباره من المطلعين على الأسرار الداخلية للشركة. ولستم بحاجة إلى أن أذكركم بعواقب هذا الأمر إذا لم نقم به على وجه صحيح. فلن تسمح لجنة تداول الأوراق المالية بأي خطأ.»
كان أكثر من فرد بين الجالسين حول مائدة الاجتماع يودُّ أن يوجِّه سؤالًا إلى تيم، ولكن أحدًا لم يجرؤ على طرح هذه الأسئلة، لا سيَّما أن الاجتماع كان على وشك أن ينتهي.
كان كيسي يعلم أن أفراد الفريق متلهفون للخروج من الاجتماع. ولكنه استطرد قائلًا: «لم تستطع ميشيل أن تأتي اليوم، إلا أنها طلبت مني أن أخبركم جميعًا أنها تخطط لإجراء تدريب الإدارة في الأسبوع الأول من أكتوبر. ونتوقع أن يحضر أي فرد يدير قسمًا أو فريقًا هذه الدورة التدريبية التي ستستغرق ثلاثة أيام كاملة.»
وللمرة الثانية، مع أن معظمهم كان لديه أسئلة واعتراضات، لم يكلِّف أحد نفسه عناء قول أي شيء، وبقي على انتهاء الاجتماع الآن دقيقتان ونصف.
أخيرًا، قال كيسي موجِّهًا حديثه إلى كونر وصوفيا: «حسنًا، كيف تبدو التقارير الخاصة بالمنافسين؟» نظر كلٌّ من رئيسَي قسمَي التسويق والمبيعات أحدهما إلى الآخر ولسان حالهما يقول: «من أين نبدأ؟» بدأت صوفيا.
«لقد سمعنا للتو من البعض أن شركتي «جو بوكس» و«جيم ستار» ستطرحان ألعاب جولف جديدة قبل نهاية هذا العام.»
وأضافَ كونر: «يحاولون أن يضعوا أقدامهم في منطقتنا في السوق بجرأة. يريدون أن يصوِّرونا وكأننا تقليديون ونستهدف الجمهور الأكبر سنًّا، حتى يتسنى لهم الاستفادة من جميع الأطفال الذين يحبون الجولف بسبب حبهم للاعب تيجر وودز.»
سألَ تيم: «إذن ماذا نفعل؟»
نظرَ كيسي إلى ساعته، وقال: «فلنتحدَّث عن هذا الأمر المرة القادمة، إنه وقت الظهر الآن وعلينا أنا وصوفيا أن نتصل بشركة «وول مارت» في الساعة الثانية إذا كنت أتذكَّر جيدًا.» فأومأت صوفيا برأسها إيجابًا. وانتهى الاجتماع على هذا الوضع وغادر الحضور كما لو كانوا طلبةً في الصف الرابع يغادرون حجرة الدراسة في وقت الفُسحة.
نظرَ إليهم جيه تي بذهول وهم يغادرون.