لحظة الكَشْف
كان الأسبوع التالي أسوأ أسبوع واجهه ويل منذ أن التحقَ بشركة «يب»، والأهم من ذلك أنه كان الأسبوع الأسوأ لكيسي نفسه منذ أن أسَّس الشركة.
فللمرة الأولى منذ أحد عشر عامًا، وجدَ كيسي نفسه مرغمًا على التفكير فيما سيفعل إذا اضطر للعمل في مكان آخر غير شركة «يب». لم يكن مستعدًّا سواء نفسيًّا أو ماليًّا للتقاعد. ومثل غيره من الموظفين العاملين في الشركة، كانت فرصُه ضعيفة في الحصول على عمل مناسب في هذه المنطقة الساحلية دون أن يكون لديه درجة الماجستير في علم المحيطات. وتساءلَ: «هل سأضطر لترك هذا المكان؟»
استشعرَ ويل إحساسَ رئيسه بالإحباط، بل شاركه إياه أيضًا. وفي مساء يوم الأحد، وجدَ ويل نفسه مرةً أخرى في حاجة إلى بعض التسلية. ومن ثَم، ذهبَ إلى منزل والدَيه، ولكنه لن يدع والده يُثنيه عن مشاهدة فيلم مثير هذه المرة.
اختار ويل فيلمًا إيطاليًّا مترجمًا بعنوان «سينما بارديسو». وكانت النسخة التي شاهدوها هي النسخة المعدَّلة من الفيلم، وهذا يعني أن صانعي الفيلم قد أضافوا في هذه النسخة بعض المشاهد التي حُذفت من النسخة الأولى للفيلم.
عندما انتهى الفيلم وجفَّفت والدة ويل دموعها، لاحظَ ويل الدموع في عينَي والده أيضًا، لكنه لم يرِدْ إحراجه. وقد اتفقَ الجميع على أن الفيلم كان رائعًا. وبينما هم جالسون، قال والده الذي تقمَّص فجأة شخصية المثقَّف: «أنا لم أتابع الترجمة بعد مرور الدقائق العشر الأولى من الفيلم، وهذا أمرٌ له مغزاه.»
نظرَ ويل إلى غلاف الفيلم لمعرفة مدة العرض، وكان يعرف أنَّ الفيلم طويل، ولكنه ذُهِل لما وجده.
«مدة الفيلم هي مائة وسبعون دقيقة.»
استغربَ ويل. لقد جلسَ والِده، مدرِّب كرة السلة، لمدة ثلاث ساعاتٍ كاملة تقريبًا ليشاهد فيلمًا أجنبيًّا يدور حول فتى صغير ورجل ودار عرض سينمائي.
وفجأة، بدأ ويل يفكِّر في بعض أفلامه المفضَّلة الأخرى. كان من بين هذه الأفلام فيلم بعنوان «إنها حياة رائعة». وكانت مدتُه أكثر من ساعتَيْن. وفيلم «القلب الشجاع». وكانت مدتُه ثلاث ساعات تقريبًا. وفيلم «الهروب الكبير». وكانت مدة عرضه أطول من الفيلمَين السابقَين.
ومن ثمَّ، أدركَ ويل حقيقة مهمة. أدركَ أن طول مدة الاجتماعات ليس له علاقة بمدى فعاليتها. أليس كذلك؟
عادَ ويل إلى منزله في كارمل منشغلًا تمامًا واستعد لليلة الأولى التي يبقى فيها ساهرًا طوال الليل منذ تخرجه في الجامعة. جلسَ ويل أمام جهاز الكمبيوتر وجمعَ بعض الكتب الدراسية التي درسها في الجامعة ووضعها قريبًا منه، وكان أهم هذه الكتب واحدًا يحمل عنوان «مدخل إلى صناعة السينما» وكتاب «دليل كاتب السيناريو». وأمضى ويل الساعات الخمس التالية منهمكًا في مواجهة تحدي إيجاد حل لمشكلة رئيسه.
ومع شروق الشمس، كان ويل مندهشًا لأنه شعرَ بالحيوية والانتعاش مع أنه كان مُتعَبًا جدًّا. ولكن إحساسه هذا كان مفهومًا. فمن ناحية، قد أقنعَ نفسه أخيرًا بأنه ربما يستطيع مساعدة كيسي في الاحتفاظ بوظيفته. ومن ناحية أخرى، كان متلهفًا جدًّا للذهاب إلى عمله حتى يتمكَّن من البدء في اختبار صحة نظرياته على أرض الواقع.