التدريب
كان ويل يريد أن يتوقَّف عند هذا القدر ويستمتع بهذا النصر المُؤزَر، إلا أنه كان يدرك أن هذا هو الوقت المناسب لدفع الأمور قُدمًا. فقال: «حسنًا، لقد أردتم أن تتحدَّثوا عن قضايا حقيقية. ها هي فرصتكم. فلنأخذْ قضيةً ونرَ إن كان بإمكاننا التنقيب فيها عن الصراع.»
كان كيسي مستعدًّا للبدء. ومن ثَم، وجَّه سؤالًا إلى الفريق. «في رأيكم، بماذا نبدأ؟»
فقدَّمت ميشيل الاقتراح الأول. وقالت: «النزهة.»
تعالت صيحاتُ الجميع. ما عدا ميشيل التي قالت: «أنا جادة. أعتقدُ أن هذا هو الوقت المناسب للتعامل مع هذه المشكلة والانتهاء منها.»
أخذَ كيسي على عاتقه أداءَ دوره. فقال: «حسنًا، ما هي المشكلة الحقيقية هنا؟»
ظهرَ بعضُ الاستياء على ميشيل. وقالت: «لا أحبُّ أن أتولى مسئولية هذه النزهة البغيضة …»
قاطعها تيم. فقال: «تقصدين النزهة اللعينة.»
ضحكَ الجميع للحظات، بمَن فيهم ميشيل. وقالت: «حسنًا، النزهة اللعينة. أنا لا أحبُّ أن أكون مسئولة عنها، شأني في ذلك شأن كلٌّ منكم. فأنا لست ممَّن يعملون في تنظيم المناسبات أو الإعداد للحفلات، ولكني أقوم بذلك لأنه جزءٌ من مهام عملي. المشكلة هي أنني سئمت سماع الآخرين يشكون من النزهة، ومن اضطرارهم للإسهام فيها من ميزانياتهم. أليست كلها في النهاية أموال الشركة؟»
بدا للحظة أن ميشيل كانت على وشك البكاء. كان الصمت يسود القاعة، حيث إنهم لم يألفوا هذا التعبير الصريح عن المشاعر أثناء الاجتماعات.
أرادَ كيسي أن يترك هذه المسألة تمر، لكنه نظرَ إلى ويل وقرَّر أن يضغط قليلًا. فقال: «هل يختلف أحدُكم في الرأي مع ميشيل؟»
لم يتحدَّث أحد. فنظرَ كيسي إلى مات. وقال: «ماذا عنك؟ فأنت على الأرجح أكثر مَن ينتقد النزهة عَلنًا.»
بدت الصدمة على وجوه الحاضرين في القاعة من الأسلوب المباشر الذي استخدمه كيسي.
استغلت ميشيل الفرصة لقول المزيد. فقالت: «ربما تضيف إلى ذلك برنامج تدريب الإدارة أيضًا.»
تدخَّل مات الآن. فقال: «تمهلوا قليلًا. لقد قلتُ إنني سأحضر برنامج تدريب الإدارة، ولم أشكُ قط من الاضطرار إلى دفع تكاليفه.»
اندهشت ميشيل كثيرًا من أسلوب مات، وبدا أنها لن ترد.
انتظر ويل ليرى إن كان رئيسه سيستمر في الضغط، وعندما بدا له أن كيسي لن يفعل ذلك، تدخَّل ويل بنفسه. فقال: «ما رأيكِ يا ميشيل؟»
أخذت ميشيل نفَسًا عميقًا. ثم قالت: «أعتقدُ أن الأمر لا يتعلق بالمال فقط. بل بالدعم المعنوي أيضًا. فإذا كنَّا لا نرى أن علينا تدريب مديرينا، فلا بأس. فلنقرِّر ذلك وعندئذٍ سأركِّز على جانب آخر.» وبدا عليها الارتباك الآن. فقالت: «لا أدري.»
وكان جميع مَن في القاعة الآن يشعرون بالتوتر.
تحدَّث ويل. فقال: «حسنًا، هناك ثلاث نقاط مهمة عليَّ أن أوضحها لكم. أولًا: هذا هو الأسلوب الصحيح الذي يجب أن نتبعه في مناقشاتنا.» ثم أضافَ مشيرًا إلى مات وميشيل: «فلا تحسبا أنكما تخالفان آداب الحوار.»
ثم توقَّف ليعطي الفريق فرصة كي يستوعب فكرته، وأعادت كلماته بعضًا من الهدوء إلى مات وميشيل.
ثم أضافَ: «ثانيًا: لم تكن المناقشة مملة على الإطلاق.»
فضحكَ الجميعُ من هذه الدعابة التي خفَّفت حِدَّة التوتر.
ثم أكملَ: «وثالثًا: يجب أن نسمع آراء بقية الأعضاء.» ونظرَ ويل إلى الحضور لتأكيد فكرته.
اختفى الضحك. وبعد هنيهة من الصمت، تحدَّث تيم. فقال: «حسنًا، إنني أتفهَّم موقف مات. أعني أنني لا أستطيع أن أقول إنني متلهف إلى بدء برنامج تدريب الإدارة، أو حتى النزهة أيضًا.» ثم نظرَ إلى رئيسة قسم الموارد البشرية. وتابعَ قائلًا: «ولكن ميشيل محقة. فقد كنَّا جميعًا هنا عندما اتفقنا على القيام بهذه الأمور. وما دمنا قد التزمنا بذلك، فعلينا إذن أن نتوقَّف عن الحديث عنها وأن نسعى إلى إنجازها على الوجه الأكمل.»
تحدَّثت صوفيا بعد ذلك. فقالت: «لا بأسَ من ذلك عندي. ولكني أريدُ أن نوضِّح ما الذي سيكون مختلفًا في المرة القادمة. يبدو أننا نشكو من الأشياء نفسها كلَّ سنة.»
كانت أنظارُ الجميع تتجه إلى كونر الذي لم يتحدَّث بعد. وعندما أدركَ أخيرًا أنهم في انتظاره، قال: «لا تنظروا لي. أنا أحبُّ النزهة.»
فضحكوا مجدَّدًا.
تحدَّث مات أخيرًا. فقال وهو ينظر إلى ميشيل قائلًا: «إنني حين أشكو من هذه الأمور، لا أقصد أنكِ السبب.»
أوضحت ميشيل: «ولكن الأمر بالتأكيد يبدو كذلك.»
مات: «أعلم ذلك. أظن أن ما يثير غضبي هو أن لدينا الكثير لنفعله، ولكننا نهدر الوقت في أمور غير مهمة.»
اعترضت صوفيا قائلة: «غير مهمة؟»
تراجعَ مات عن موقفه. وقال: «لم أقصد ذلك. أنا أعلم أن هذه الأشياء مهمة للموظفين. كلُّ ما في الأمر أنني أعتقد أننا بحاجة إلى التركيز على الجوانب المتعلقة بتحقيق الأرباح. وهذا كل ما في الأمر.»
كان كيسي يتوق إلى إنهاء الموضوع، ومن ثَم أوضحَ النقاط التي ناقشوها. فقال: «ولذا، فلن نضيع المزيد من الوقت في الحديث عن برنامج تدريب الإدارة أو النزهات. وفي العام القادم، سوف نجتمع ونضع كلَّ هذه الأمور على طاولة النقاش أثناء إعدادنا للخطط، وعندئذٍ سنتخذ قرارًا ونلتزم به.»
ثم التفت إلى ميشيل. وسألها: «هل توافقين على ذلك؟»
أومأت ميشيل بالموافقة. وقالت: «نعم. أنا سعيدة جدًّا لأنكم جميعًا تعلمون أنني أحاول أن أقوم بعملي فحسب. وصدقوني أنا أيضًا أفضِّل أن نمضي وقتًا أكثر في الحديث عن قضايا مرتبطة بالإيرادات.»
عند هذه اللحظة بالتحديد، ازدادَ احترام مات والفريق لميشيل.
ثم انتقلت المناقشة إلى موضوعاتٍ أخرى: توحيد العلامة التجارية، واستراتيجية المبيعات، ونظم المعلومات.
كان كيسي يحاول في كل مرة أن يحث أعضاءَ الفريق على الحديث وتوضيح أي اختلافات في الرأي. ولكنه لم ينجح في ذلك بصورة كاملة. ففي بعض الأحيان، كانت تتخلَّل الحوارَ فتراتٌ من الصمت الثقيل، والتخبُّط حول ترتيب الموضوعات من حيث أولويتها. ومع ذلك، فقد كان هذا أفضل اجتماعاتهم على الإطلاق.
ولكن مع نهاية الاجتماع، لم يستطع ويل إنكار أن نظريته لم ترقَ إلى مستوى توقعاته.
وأخذَ يقول في نفسه: «لا يزال هناك شيءٌ ناقص.»