وسائط متعددة
ويل: «أنا لا أقصدُ بالضرورة أن علينا أن نمضي وقتًا أطول في الاجتماعات. ولكن بالتأكيد يجب أن يكون لدينا أكثر من نوع من الاجتماعات.»
أعادَ ويل دفة الحوار مرةً أخرى إلى الإعلام والترفيه. فقال: «فكِّروا في الأمر على النحو الآتي. ماذا لو كان هناك نوع واحد فقط من البرامج التلفزيونية؟»
ثم اتجه إلى السبورة وأمسكَ قلمًا، مانحًا نفسه بعض اللحظات كي يستجمع أفكاره. ثم التفت ويل إلى جمهوره، وسأل: «ليس كلُّ ما نشاهده أفلامًا. ما هي أقصر أنواع البرامج في التلفزيون؟»
وكتلميذ في الصف الثالث يريد أن يعطي الإجابة الصحيحة قبل زملائه، أجابَ تيم: «حلقات الكوميديا الارتجالية.»
ردَّ ويل: «حسنًا، حلقات الكوميديا الارتجالية.» ولم يكتب هذه الكلمات على السبورة. وسأل: «ولكن ألا يوجد أيُّ شيء أقصر من ذلك؟»
تساءلت صوفيا بصوت عالٍ: «أقصر من نصف ساعة؟»
ويل: «نعم. أيوجد أيُّ شيءٍ تشاهدونه على التلفزيون، مدته أقل من نصف ساعة؟»
خطرَ شيءٌ على بال ميشيل فجأة. فقالت: «عناوين الأخبار التي تذيعها محطة «سي إن إن» الإذاعية.»
أجابَ ويل بحماس: «تمامًا»، وكان مندهشًا وسعيدًا في الوقت نفسه أن أحدهم قد استطاع أن يجيب عن هذا السؤال الصعب. وكتبَ الإجابة على السبورة. ثم قال: «وما الوقت الذي تقضونه عادةً في مشاهدة عناوين الأخبار؟»
أجابَ مات: «خمس دقائق. وأحيانًا أقل.»
ويل: «وكم مرةً تشاهدونها؟»
هزَّ مات كتفَيه، وقال: «كل يوم. لِمَ لا؟»
كتبَ ويل الكلمات: «خمس دقائق يوميًّا» على السبورة بجوار كلمة «عناوين الأخبار». ثم تابعَ: «حسنًا، إذن في أول فئة لدينا من البرامج، توجد عناوين الأخبار، التي تستغرق نحو خمس دقائق يوميًّا.»
تابعَ ويل الذي كان لا يزال غارقًا مع جمهوره حتى الأذنَين.
«ولدينا الكوميديا الارتجالية في الفئة الثانية.» ثم كتبَ ويل هذه الكلمات على السبورة تحت الكلمات السابقة مباشرةً، ثم كتبَ «دراما الجريمة» إلى جوارها. وتابعَ: «سوف أضمُّ إلى الكوميديا الارتجالية البرامج التي تتناول أخبار الجريمة والمستشفيات وما إلى ذلك. ويستغرق كلٌّ منها نحو ساعة. نقول إذن إنَّ هذه الفئة تضم البرامج التي تستغرق ساعة تقريبًا. وكم مرة تشاهدون حلقات الكوميديا الارتجالية أو الدراما الواقعية؟»
ولم ينتظر إجابة عن هذا السؤال السهل، بل كتبَ كلمة «مرة أسبوعيًّا» على السبورة بجوار كلمة «ساعة واحدة.»
كان ويل واثقًا أن أحدًا منهم لم يكن يعرف ما كان يرمي إليه. ولكنه كان واثقًا أيضًا أنه قد اجتذب انتباههم مجددًا، وكان هذا هو الأهم مؤقتًا.
قال ويل: «بعد ذلك تأتي الأفلام. ومدتُها ساعتان تقريبًا. فلنقل إننا نشاهد فيلمًا تلفزيونيًّا، أو نذهب إلى السينما مرة كل شهر تقريبًا.»
ردَّ كونر مازحًا. وقال: «ليس لديك أبناء، أليس كذلك؟»
ضحكَ كلُّ مَنْ لديهم أبناءٌ في القاعة.
بعد أن كتبَ الكلمتَين «أفلام» و«ساعتَين» على السبورة تحت الكلمات الأخرى، أنهى ويل حديثه. فقال: «وفي نهاية القائمة تأتي …»
ثم صمتَ لحظة ليرى إن كان في مقدور أحدٍ أن يخمِّن. وعندما رأى أنهم لن يفعلوا، كتبَ ويل كلمة «المسلسلات القصيرة» أسفل القائمة، وكتبَ إلى جوارها «ست ساعاتٍ أو أكثر.»
أضافَ ويل: «أعلم أنَّ كلَّ ذلك يبدو ضربًا من الجنون، ولكن تمهَّلوا معي قليلًا. تخيَّلوا لو أن شبكة تلفزيونية جاءت بفكرة عن برنامج أسبوعي جديد مدته ساعتان مخصَّص لإرضاء جميع المشاهدين. وكان جزءٌ منه مسلسلاتٍ قصيرة والجزء الثاني كوميديا ارتجالية والجزء الثالث دراما تتناول الجريمة والجزء الأخير عناوين الأخبار. فمَنْ من بين الجماهير المختلفة سيحب البرنامج؟»
بادرت ميشيل بالقول. فقالت: «لن يحبه أحد.»
فسألَ ويل: «لماذا؟»
ردَّت ميشيل: «حسنًا، لأنه سيكون بلا معنى. فسيكون طويلًا جدًّا بالنسبة إلى برامج الكوميديا الارتجالية، وقصيرًا بالنسبة إلى المسلسلات القصيرة، ولا أعرف حتى كيف يمكن أن يكون ملائمًا لعرض عناوين الأخبار.»
كان ويل يحب طريقة سقراط، فأضافَ: «وماذا عن الجزء المخصَّص للفيلم الروائي الطويل؟»
فَردَّ كونر. وقال: «مع وجود كل هذه الأشياء، سيكون بالتأكيد فيلمًا مفزعًا.»
وضعَ ويل قلمه بتأنٍ والتفت إلى الفريق الذي انتابته الحيرة بعض الشيء. وقال: «إذن، لماذا نقع في الخطأ نفسه عندما يتعلق الأمر باجتماعاتنا الأسبوعية؟»
بدا أن البعض قد فهم ما يقصده ويل. في حين كان الآخرون لا يزالون يرونه غامضًا. وكان ويل يريد أن يفهم الجميع فهمًا تامًا، ولذا تابعَ. وقال: «إننا نحاول أن ننجز أشياء كثيرة جدًّا في هذه الاجتماعات الرتيبة صباح كلِّ اثنين، ولكننا لا نخرج منها بأي نتيجة.»
فاستوعبَ الفريقُ تقييمَ ويل.
سألَ تيم: «ولكن ما علاقة ذلك بحلقات الكوميديا الارتجالية؟»
ويل: «فكِّر في الأمر على النحو الآتي. يجب أن يكون لدينا أربعة أنواع مختلفة من البرامج، يناسب كلُّ نوع منها جمهورًا محددًا.»
قال تيم: «لا أزال لا أستطيع استيعاب ما تقصد يا بُني.» بدا أسلوب تيم ناقِدًا، ولكن ويل كان يعرفه بما يكفي ليدرك أن هذا هو أسلوبه. تابعَ تيم: «أهناك أكثر من جمهور واحد؟ أقصد أن نفس الشخص يشاهد عناوين الأخبار، وعروض الكوميديا الارتجالية، والأفلام، والمسلسلات القصيرة، أليس كذلك؟»
تدخَّل كيسي فجأة. وقال: «أعتقدُ أن ما يرمي إليه ويل هو السياق.»
التفت ويل إلى رئيسه كمَن توصَّل إلى كشف جديد. وقال: «لم أفكِّر في الأمر على هذا النحو، ولكن ربما يكون ذلك صحيحًا. السياق.» فكَّر ويل في ذلك، وفجأة اتقد بالحيوية بسبب بصيرة كيسي النافذة.
وأوضحَ كيسي أكثر. فقال: «إنَّ الشخص الذي يشاهد حلقة للكوميديا الارتجالية تكون لديه توقعات مختلفة تمامًا عن تلك التي ينتظرها وهو في دار السينما. أو وهو يشاهد عناوين الأخبار في المطار.»
ثم التفت إلى ويل. وقال: «أكمِل محاضرتك.»