الاجتماع التكتيكي الأسبوعي
«لنتحدَّث عن اجتماعات فريقنا. هذه الاجتماعات يجب أن تكون كعروض الكوميديا الارتجالية أو الدراما التي تتناول الجريمة. وتنعقد هذه الاجتماعات مرة كل أسبوع، في نفس الوقت وفي نفس المكان.»
كان ويل سعيدًا إذ رأى أنهم جميعًا فهموا عبارة «في نفس الوقت وفي نفس المكان» التي اقتبسها من فيلم «الرجل الخفَّاش».
أضافَ ويل: «في حلقات برامج الكوميديا الارتجالية، تعرف عمومًا ما ينتظرك، وكم من الوقت سوف يستغرق، وتستطيع أن تتوقَّع نهاية مضمونة. ربما لا تكون مثيرة جدًّا، ولن تغيِّر حياتك. ولكنها نهاية ثابتة، ومتوقَّعة، إضافةً إلى أنها تُدخِل عليك السرور في النهاية.»
قال كيسي: «أنا لا أفهمك.» وكان مصممًا على فهم ما كان يقوله ويل.
فقرَّر ويل أن يكون مباشرًا قدر الإمكان، حيث لم يشأ أن يُضَيِّع التمثيل رسالته المهمة. فقال: «حسنًا. يجب أن يركِّز الاجتماع الأسبوعي للفريق على القضايا التكتيكية وحدها. ويجب أن يسير بطريقة منتظمة تمامًا، ويستغرق ستين دقيقة تقريبًا، أو ربما أقل.» ثم توقَّف قبل أن يعلِّن أكثر النقاط إثارة للجدل. ثم قال: «ولن يكون هناك جدول أعمال.»
تدخَّل كونر قبل أن يتمكَّن كيسي من ذلك. وقال: «ماذا؟ ألن يجعل ذلك الاجتماعات أسوأ مما هي عليه الآن؟»
أجابَ ويل: «لا. بل ستصبح الاجتماعات أفضل، وإليكم السبب.» توقَّفَ ويل لحظة قبل أن يبدأ الشرح، ثم تابعَ: «سوف تبدأ هذه الاجتماعات الأسبوعية التكتيكية بتقديم كلِّ فرد تقريرًا مدته ستون ثانية عن الأنشطة الأساسية التي سيقوم بها هو وفريقه أثناء الأسبوع. وعند ذلك كتبَ عبارة «الاجتماعات التكتيكية الأسبوعية» على السبورة.
فعلَّق كيسي قائلًا: «مثلما يحدث في برامج المسابقات التلفزيونية عندما يتعيَّن على المتسابق الإجابة قبل مرور ستين ثانية.»
ابتسمَ ويل. وقال: «نعم، مثل تلك البرامج. يروقني هذا التشبيه. على أية حال، إن الأمر ليس أكثر من المرور على الجالسين حول الطاولة والاستفسار عن الأنشطة الثلاثة الرئيسية التي سيقوم بها كل منهم على مدى الأسبوع. على ألا تزيد مدة كل تقرير عن دقيقة واحدة.»
امتلأت القاعة بضحكاتٍ عصبية، وأخذَ كلٌّ منهم يفكِّر في أنه سيضطر لتلخيص حديثه في ستين ثانية.
فسألَ مات: «دقيقة واحدة فقط؟»
وقبل أن يتمكَّن ويل من الإجابة، رفعَ كونر يده. ولاحظَ ويل أنه كان يبتسم، ولذا طلب منه التحدُّث.
قال كونر: «لديَّ سؤال لك يا ويل.» توقَّف قليلًا. ثم قال: «أين تعلَّمت كلَّ ذلك؟»
فتحوَّل اهتمام الجميع عن مسألة تحليل الاجتماعات إلى شخص ويل نفسه.
تدخَّلت صوفيا، مبتسمةً بود. وقالت: «يشغلني أيضًا هذا السؤال.»
بُوغِت ويل بالسؤال. وقال: «لا أدري.»
وكان يتمنى ألَّا يلح عليه الفريقُ لإجابة هذا السؤال.
لكن كونر كان يريد إجابة، فقال: «من المؤكَّد أنك تعلَّمت هذه الأشياء في مكان ما.»
التقطَ ويل أنفاسه. ثم قال: «حسنًا، أظن أن أمي لها دخل في هذا الأمر. لقد كانت مسئولة تنفيذية لسنوات، وهي تجيد هذه الأمور»، ثم تردَّد باحثًا عن إجابة أكثر إقناعًا. وقال: «وأظن أنني أجد هذا الأمر مثيرًا.»
ولبضع لحظاتٍ، بدا الفريقُ كله وكأنه يتفحَّص ويل، كما لو كان قطعة فنية أو أخًا صغيرًا نابهًا.
أرادَ ويل بشدة أن يحوِّل الانتباه عنه. فقال: «مات، لقد سألتَ إن كانت دقيقة واحدة ستفي بالغرض؟»
أومأ مات. وقال: «نعم. إننا نحتاج وقتًا أكبر من ذلك لنتفق على الغداء.»
قال ويل: «حسنًا، هيا نختبر نظريتي.» ثم نظرَ إلى الموجودين في القاعة واختارَ تيم ليسأله. فقال: «ما هي الأشياء الثلاثة التي تقوم بها هذا الأسبوع؟» ونظرَ ويل في ساعته ليحسب الوقت.
شعرَ تيم بتوتر مفاجئ. وقال: «لا أعلم. دعوني أرى. هناك اجتماع الميزانية يوم الخميس. ولديَّ الكثير لأقوم به بهذا الشأن.» وتوقَّف قليلًا ليفكِّر. ثم تابعَ: «وسوف أقابل ممثلي بعض المؤسسات القانونية الجديدة لأرى إن كان يجب أن أقوم بأي تغيير لتقليل النفقات.» ثم سألَ نفسه: «ماذا أيضًا؟» وواصلَ: «حسنًا. وسأقوم بإعداد بعض الخطط الخاصة بالمرافق.»
سألَ ويل: «وما هي المؤسسات القانونية التي ستتحدَّث معها؟»
ردَّ تيم: «إفراردو، وديباي، وجالفز من مدينة كارمل. وهناك كارلسون، وبينز، وشولتز من مدينة سان خوزيه.»
نظرَ ويل في ساعته. ثم قال: «استغرق الأمر سبعًا وثلاثين ثانية فقط، مع أنك لم تأخذ حتى وقتًا لتعدَّ ما ستقوله. والأهم من ذلك هو أنني قاطعتك بسؤال للاستيضاح.»
بدا واضحًا من النظرات التي ارتسمت على وجوه المجتمعين حول طاولة الاجتماع أنَّ ويل نجحَ في إثبات نظريته. ومن ثَم واصلَ حديثه.
قال ويل: «بمجرد أن يقدِّم كلُّ واحد منَّا تقريرًا، سيكون المجموع الكلي للوقت الذي استغرقناه جميعًا سبع دقائق، وعندها فقط يكون علينا جميعًا وضع جدول الأعمال. وذلك لأننا عندئذٍ سنكون على علم بما يجري في المؤسسة. فلا نستطيع أن نطالب كيسي، أو أي فرد آخر، بأن يحاول تخمين ما يجب أن نتحدَّث عنه في هذه الاجتماعات التكتيكية الأسبوعية دون أن يعرفوا ما الذي يقوم به كلُّ فرد فعلًا.»
بدا كيسي متشكِّكًا. لاحظَ ويل ذلك. وسأله: «ما الخطب؟»
فكَّر كيسي لحظة. ثم قال: «أعتقد أن هناك شيئًا ما مفقودًا.» ثم توقَّف، وهو ما زال يفكِّر. وقال: «قبل أن تضع جدول الأعمال، أعتقد أنك ستكون بحاجة إلى معلوماتٍ أكثر من مجرد قائمة بأنشطة كل عضو في الفريق.»
استحثَّه ويل. وسأله: «مثل ماذا؟»
واصلَ كيسي قائلًا: «حسنًا، أعتقدُ أنك تحتاج أيضًا إلى نوع ما من بطاقات تسجيل النقاط أو تقارير التقدُّم في سير العمل. وستحتاج أيضًا أن تعرف مدى اقتراب الشركة من تحقيق أهدافها القريبة قبل تحديد ما يجب مناقشته في الاجتماع. ربما تحتاج في المجمل إلى أربعة أو ستة معايير. وهو ليس عددًا كبيرًا، ولكنه يكفي لإعطائنا لمحة سريعة.»
أومأ مات الآن. وقال: «هذا منطقي. ولكن ما تلك المعايير؟»
كان كيسي يفكِّر بصوت عالٍ الآن. فردَّ قائلًا: «لا أعرف. العائدات والنفقات بالتأكيد. وربما التقدُّم في عملية تطوير المنتج. ومدى نجاح فريق المبيعات في الحصول على حصة من السوق. ربما يكون هذا هو كلُّ ما نحتاجه.»
سألَ ويل: «كم من الوقت يستغرق استعراض هذه القضايا؟»
فأجاَب كيسي: «عشر دقائق.» ثم استطرد: «أو ربما حتى خمس دقائق.»
الآن فهم ويل فكرة كيسي. وقال: «حسنًا، فهمت. إذا أعددنا جدول الأعمال بناءً على أنشطتنا فقط دون فهم المعايير، فربما لا نعرف أيَّ الجوانب يستحق أن نركِّز عليه. فربما يكون هناك شيء ما يحدث لا يدركه أي منَّا.»
تدخَّلت ميشيل بقوة الآن. وقالت: «أنا فقط أتساءل إن كان هناك أي شيء آخر نحتاج أن نضعه في الاعتبار. مثل حركة إحلال الموظفين أو فعالية الإعلانات.»
هزَّ كيسي رأسه. وقال: «لا أعتقدُ ذلك. أظن أنَّ غزارة المعلومات المقدَّمة لن تؤدي إلَّا إلى تشتيت انتباهنا.» وابتسمَ، ثم تابعَ: «وهذه مفارقة مضحكة نظرًا للطريقة التي تُدار بها الاجتماعات الآن.»
سعد ويل كثيرًا بمداخلات كيسي وفريقه، ولكنه لم يُرد أن تفقد المناقشة فعاليتها. فقال: «لنعد إذن إلى الاجتماع الأسبوعي. بعد أقل من خمس عشرة دقيقة من بدء الاجتماع، سيعرف كلٌّ منَّا ما كان يقوم به كل فرد آخر، وما وضع الشركة على طريق تحقيق أهدافها الرئيسية.» ثم توقَّف ليجذب الانتباه إليه. ومن ثَم، تابعَ: «ولذا، يمكننا تحديد ما علينا أن نناقشه فيما تبقى من وقت الاجتماع.»
سألت ميشيل: «كيف يمكن أن ينجح هذا الأمر؟»
هزَّ ويل كتفَيه وأجابَ قائلًا: «حسنًا، أظن أن كيسي يريد أن يقول: بما إننا نعرف الآن ما يحدث ونعرف وضعنا الإجمالي، إذن ما الذي يجب أن نتحدَّث عنه اليوم حتى نتمكَّن من إحراز أكبر قدر من التقدُّم في سير العمل هذا الأسبوع؟ أعتقدُ أن الموضوعات الجديرة بالمناقشة ستطفو على السطح تلقائيًّا.»
قال تيم: «يبدو أن ذلك يسير بطريقة تخالف تمامًا ما هو بديهي ومتوقَّع.» وكان لا يزال يجد صعوبة في قبول فكرة إلغاء جداول الأعمال. ثم تابعَ: «لقد كنت أسمع دائمًا أن جداول الأعمال المُعَدَّة سلفًا ومحاضر الاجتماعات التي يجري إعدادها في الوقت المناسب هي عوامل نجاح الاجتماعات.»
هزَّ ويل كتفَيه. وقال: «حسنًا، أنا لست خبيرًا، ولكني لم أحضر أية اجتماعات جيدة قط، سواءٌ هنا أو في أي مكان آخر. ولذا، لا أعرفُ لماذا يجب علينا اتباع المعتقدات السائدة عند التعامل مع هذه المسألة. ولا أعتقد أن جيه تي هاريسون سيمنحك أية فرصة للقيام بالأمر حسب القواعد المتعارف عليها.»
أدركَ ويل من رد فعل كيسي أنه قال لتوه شيئًا مثيرًا للجدل. ثم اتضحَ له أن لسانه قد زل، حيث نسي للحظة أن الفريق لا يعرف شيئًا عن انتقادات هاريسون للاجتماعات، ولا تهديداته التي ألمح إليها.
التبسَ الأمر على ميشيل. ومن ثَم، سألت: «ماذا تقصد بذلك؟»
رأى ويل أن أفضل فرصة له لتغيير مسار الحوار بعيدًا عن هاريسون هو التعمق أكثر في الموضوع محل المناقشة. فقال: «أقصد أنني لا أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يحدِّد سلفًا الموضوعات المناسبة لمناقشتها في اجتماع تكتيكي — فضلًا عن ترتيبها حسب أولوياتها — دون الاستماع أولًا لتقرير حول ما يحدث بالفعل.»
لم يستطع ويل تحويل انتباه ميشيل بهذه السهولة. فأضافت قائلة: «نعم، سبقَ أن قلت ذلك بالفعل. ولكن ما علاقة ذلك بجيه تي هاريسون؟»
نظرَ ويل إلى كيسي، وتمنَّى أن تنشق الأرض وتبتلعه.