المشهد الختامي
في الساعة الخامسة إلا خمس دقائق، فكَّر كيسي في الذهاب إلى المنزل مبكرًا. فقد كانت الأيام القليلة الماضية أكثر الأيام استنزافًا للمشاعر في حياته المهنية، ورأى أن لعب مباراة جولف سيكون ترياقًا شافيًا.
وفي الوقت الذي جمعَ فيه أوراق العمل وطوى جهاز الكمبيوتر الخاص به، فُوجئ بزائر. وإذا بالزائر يقول له: «إلى أين أنت ذاهب؟»
رفعَ كيسي عينه ليجد أمامه جيه تي هاريسون. كان واقفًا عند باب مكتبه، ويبدو جادًّا.
تردَّد كيسي، ثم أجابَه: «سأذهبُ للعب الجولف. أتريد أن تأتي؟»
أغلقَ جيه تي هاريسون البابَ خلفه. ثم جلسَا.
تحدَّث رئيسُ كيسي الجديد أولًا. فقال: «دائمًا ما تكون هذه اللحظات هي الأصعب بالنسبة إليَّ.»
كان كيسي مرتبكًا وقال: «أية لحظات؟»
فأجابه جيه تي هاريسون: «الاعتذار. أو عدم الاعتذار. أعني أنني أدرك كم كانت الشهور القليلة الماضية صعبة بالنسبة إليك، وأنا آسف على ذلك. ولكن كان هناك سببٌ لغضبي.»
حملقَ كيسي في جيه تي هاريسون محاولًا أن يفهمه. ولم يقل شيئًا.
كسرَ هاريسون حاجز الصمت، وقال مبتسمًا: «هل لديك أية أسئلة توجَّهها إليَّ؟ يمكنك أن تسأل، دون الخوف من القصاص.»
كيسي: «إذن أنت اختلقت مسألة الاجتماعات فقط لتستحثني؟»
غابت الابتسامة فجأة عن وجه هاريسون، وقال: «لا. لقد كنت جادًّا جدًّا بهذا الشأن. أعني أنني لم أكن أسعى لأن تفقد وظيفتك، ولكني كنت قلقًا بشدة بشأن اجتماعاتكم.» توقَّف ثم تابعَ: «وما زلت كذلك. ولكن اجتماع الأمس كان أفضل بالتأكيد.»
كيسي: «أتعتقد أن الأمر كان على هذه الدرجة من الأهمية بالفعل؟» بدا أن كيسي كان يفرغ أية ضغينة في صدره، وصار الآن أكثر فضولًا من أي شيء آخر.
أومأ جيه تي هاريسون برأسه ودافعَ عن نفسه. فقال: «بالتأكيد. لقد تعلَّمتُ في بداية حياتي المهنية كاستشاري أن الاجتماعات السيئة على مستوى التنفيذيين تشير عادةً إلى وجود فجوة كبيرة بين مستوى الأداء الفعلي ومستوى الأداء الممكن. وفي الحقيقة كانت اجتماعاتكم سيئة جدًّا يا كيسي.»
ابتسمَ كيسي وتقبَّل النقد بتواضع. وقال: «هل مرَّ رؤساءُ الأقسام الأخرى بالشيء نفسه؟»
أجابَ جيه تي هاريسون: «نعم. ولكن ليس بشأن الاجتماعات. كان لدى شركة «دي ستيفانو» مشكلة خاصة بإدارة الأداء. وعانى نيك مع مسألة التكاليف. وهذه القضايا لم تكن مشكلة عندك. فحسب ما لديَّ من معلوماتٍ، أنت مديرٌ جيد، وتحتفظ بسيطرة قوية نسبيًّا على التكاليف.»
هزَّ كيسي رأسه في الوقت الذي كان يستوعب فيه الأمر. ومن الواضح أنه قد بدأ يميل إلى الرئيس التنفيذي الجديد للشركة.
تابعَ هاريسون. وقال: «بالمناسبة، لا تخبر أحدًا بما نتحدَّث عنه.»
سألَ كيسي: «ولِمَ لا أخبرهم؟»
هاريسون: «لسببَين. السبب الأول: هو أنني إذا اضطررتُ إلى القيام بالأمر نفسه مرة أخرى مع واحد من رؤساء الأقسام بالشركة، فسيكون حينها على علم بما يجري ولن تفلح هذه الطريقة.» ابتسمَ هاريسون من هذه الفكرة. ثم تابعَ: «ولكن هناك سببًا أهم. الآن ربما يكون فريقك مُحفزًا نتيجة للتوتر الذي ساد في الأسابيع القليلة الماضية. وإذا اكتشفوا أن بعضًا مما حدث كان مصطنعًا، فسيفقدون حماسهم بعض الشيء.»
لم يكن كيسي يحب ما يسمعه بالضرورة، ولكنه رأى أن ذلك هو الصواب.
بدا جيه تي هاريسون وكأنه قرأ ما يدور في عقل كيسي. فقال: «وتذكَّر يا كيسي، أنا جاد عندما أقول إن بعضًا ممَّا حدث كان مصطنعًا؛ لأن ذلك لم يكن مجرد سراب. فلو كنتَ فشلت تمامًا فيما يتعلق بمسألة الاجتماعات، لكنتُ بدأت التفكير في خطواتي التالية. فقيامي بذلك مع كل رؤساء الأقسام الجُدد لا يعني أنه غير حقيقي.»
عندئذٍ عرفَ كيسي أن نية جيه تي هاريسون كانت طيبة، وهو — رغم شخصيته الحادة — شخصٌ مخلص وجدير بالثقة. قال كيسي: «هل أنت متأكِّد أنك لا تريد لعب الجولف؟»
ردَّ هاريسون: «كنت أودُّ ذلك. حقًّا. ولكن عليَّ أن أعود إلى سان خوزيه لحضور اجتماع مسئولي العلاقات مع المستثمرين الليلة.»
بدا كيسي مندهشًا. وقال: «هل يعني هذا أنك جئت إلى هنا من أجل إجراء محادثة معي مدتُها خمس عشرة دقيقة؟»
أجابَ هاريسون بأسلوب مباشر: «لا. كنت أظنها ستستغرق خمس أو عشر دقائق فقط.»
ابتسمَ الرجلان، وقبل مرور ثلاثين ثانية، كان هاريسون قد خرجَ من الباب.
وبعد نصف ساعة، كان كيسي يلعب الجولف.