التحدي الأكبر: خرافة عقد الكثير من الاجتماعات
لم يختلف ردُّ فعل معظم أصدقائي عندما سمعوا أنني كنت أكتب كتابًا بعنوان «الاجتماعات القاتلة». فقد ظنوا — مثل كثير منكم — أنني أعدُّ دراسة أبرهن فيها على أفضلية تقليل الاجتماعات.
ولذلك، عندما تسمعون عن الاجتماعات اليومية والاجتماعات التكتيكية الأسبوعية والاجتماعات الاستراتيجية الشهرية واجتماع التقييم رُبع السنوي الذي يُعقَد خارج الشركة، ربما تقولون: «هذا جنون. من أين سأجد الوقت للقيام بكل ذلك؟ فأنا بالفعل أحضر اجتماعاتٍ أكثر من اللازم.»
ومع أنه صحيحٌ أن معظم الوقت الذي نقضيه حاليًّا في الاجتماعات يُهدَر تمامًا، فإن الحل ليس التوقُّف عن عقد الاجتماعات، بل جعلها أفضل. وذلك لأن استغلال الاجتماعات بطريقة صحيحة، يكون في الحقيقة عاملًا من عوامل توفير الوقت.
هذا صحيح. توفِّر الاجتماعات الجيدة فرصًا لتطوير الأداء عن طريق تسريع عملية اتخاذ القرار وعدم الاضطرار إلى العودة إلى القضايا مراتٍ عديدة. ولكنها أيضًا ذات فائدة مهمة جدًّا هي تقليص الحركة والتواصل غير الضروريين داخل المؤسسة. إن سبب عدم رؤيتنا لذلك من النظرة الأولى هو أننا نفشل في تبرير ما أطلق عليه «الوقت المُهدَر بسبب فشل الاجتماعات».
الوقت المُهدَر بسبب فشل الاجتماعات
إنَّ معظم التنفيذيين الذين أعرفهم يمضون ساعاتٍ في إرسال الرسائل الإلكترونية وترك الرسائل الصوتية والتجوُّل عبر الأروقة لتوضيح قضايا كان يجب إيضاحها من الأساس خلال الاجتماع. ولكن لا نجد أحدًا يفسِّر الأمر بهذه الطريقة عندما يجري حساب الوقت المستغرق في الاجتماعات.
ليس لديَّ شك في أن الوقت المُهدَر بسبب فشل الاجتماعات هو أخطر الثقوب السوداء المهمة — رغم صغرها — الموجودة داخل المؤسسات الأمريكية. ولفهم ذلك، من المهم إلقاء نظرة سريعة على الهيكل الأساسي للفريق التنفيذي داخل المؤسسة.
تخيَّل أحدَ الفرق التنفيذية التي تتكوَّن من سبعة أشخاص، فإذا حسبنا عدد العلاقات الشخصية التي ستنشأ بين أعضاء الفريق بعضهم بعضًا فسنجد أنها ستكون إحدى وعشرين علاقة، وهذه العلاقات يجب الحفاظ عليها من أجل إبقاء أعضاء الفريق على وفاق. وهذا وحده أقرب إلى المستحيل على البشر القيام به.
ولكنك عندما تأخذ في الاعتبار وجود عشرات الموظفين داخل المؤسسة الذين يتبعون هؤلاء السبعة إداريًّا والذين يلزم أن يكونوا على وفاق، يزداد تحدي تحقيق التواصل بدرجة كبيرة، وكذلك احتمال إهدار الوقت والطاقة. ولذلك، عندما نفشل في الوصول إلى الوضوح والانسجام أثناء الاجتماعات، فإننا نتسبَّب في حدوث موجة هائلة من النشاط البشري إذ يتدافع التنفيذيون ومرءوسوهم المباشرون لمعرفة ما يقوم به الآخرون ولماذا يقومون به.
الأمر اللافت للنظر هو أنه بسبب صعوبة فصل الوقت المُهدَر بسبب فشل الاجتماعات عن الوقت الذي نمضيه في أي نشاط آخر نقوم به أثناء اليوم، فإننا نفشل في رؤيته كفئة منفصلة من الوقت المُهدَر. ولا أندهش أبدًا عندما أرى التنفيذيين ينظرون إلى ساعاتهم في نهاية الاجتماع وهم يلتمسون من الرئيس التنفيذي إنهاءه حتى يمكنهم «الذهاب والقيام ببعض العمل الفعلي.» وفي كثير جدًّا من الحالات، يكون «العمل الفعلي» الذي يشيرون إليه هو العودة إلى مكاتبهم للرد على الرسائل الإلكترونية والبريد الصوتي الذي تلقوه فقط؛ ويحدث هذا بسبب اختلاط الأمر على الكثيرين بشأن ما يجب عليهم القيام به.
يبدو الأمر كما لو كان التنفيذيون يقولون: «أيمكننا أن ننهي الاجتماع حتى نوضح للناس بسرعة ما لم نوضِّحه لهم على الإطلاق بعد الاجتماع السابق؟» إن الأمر صادم تمامًا، ومفهوم في الوقت نفسه، ألا يتمكَّن الأشخاص الأذكياء من إدراك العلاقة بين الفشل في قضاء الوقت للوصول أثناء الاجتماع إلى الوضوح واتخاذ القرارات والالتزام بها، وبين الوقت المطلوب قضاؤه لحل المشاكل الناتجة عن هذا الفشل.