حجر الدومينو الأول
لم يكن هناك أيُّ شك على الإطلاق لدى أعضاء الفريق التنفيذي بالشركة أن الروح المعنوية لدى الموظفين كانت أقل مما يودون أن تكون عليه. ولكنها في رأيهم لم تكن أبدًا سيئة إلى الحد الذي يستدعي مزيدًا من الاهتمام.
كان هذا هو الحال حتى عيَّنَ كيسي ميشيل حنا أولَ نائبة للرئيس التنفيذي لشئون الموارد البشرية. وفي غضون بضعة أسابيع من انضمامها للشركة أجرت ميشيل دراسة عن الموظفين لتتعرف عن قرب على شركتها الجديدة. وقد أشارت البيانات التي حصلت عليها إلى أن الروح المعنوية للموظفين في الشركة كانت منخفضة حقًّا عمَّا هي عليه في الشركات الأخرى التي عملت بها، والأهم من ذلك أن جميع الموظفين في الشركة «بدوا — بصورة عامة — غير مكترثين بما يحدث للشركة»، على حَدِّ وصفها.
والمدهش أن البيانات التي قدَّمتها ميشيل قد نبَّهت أعضاءَ الفريق التنفيذي، وأثارت مخاوفهم بعض الشيء. ومع أن الجميع كانوا يعلمون إلى حَدٍّ ما أن هناك مشكلة ما، فإن وجود بيانات حقيقية عن حجم المشكلة كان سببًا أكبر لإثارة قلقهم. وفي حين أن أحدًا لم يُبدِ من قبل اهتمامًا بالتعامل مع هذه المشكلة، فقد تحمَّس كلٌّ منهم فجأة لإبداء رأيه.
وقد رجَّح مات مكينا — رئيس قسم تطوير المنتجات وصاحب العقلية التقنية الكامنة وراء الألعاب التي أنتجتها شركة «يب» طوال السنوات السبع الماضية — أن الإحباط أصاب الموظفين نتيجة لسعي الشركة الدائم لتطوير المنتجات وإضافة ميزات جديدة إليها. وقال إنه يعتقد أن الناس يميلون إلى الاستمرار في استخدام شيءٍ واحد لفترة طويلة مع التركيز على الجودة، وكان يبدو من كلامه أنها شكواه الخاصة وليست شكوى الموظفين بصفة عامة.
وكان لصوفيا نيكولاس — نائبة رئيس قسم المبيعات بشركة «يِب» — رأي مختلف تمامًا في هذا الأمر. فقد حاولت بحماسها المعهود إقناع الفريق بكلمات طالما رددتها على أسماعهم. فقالت: «ربما نحتاج لأن نعيد النظر في قرارنا بعدم إنتاج ألعاب الخيال والمغامرات الموجهة للأطفال، أعلم أننا كنَّا دائمًا نرفض ذلك، ولكنني أتابع السوق يوميًّا عن كثب، وأرى أن هذه النوعية هي الأكثر رواجًا في سوق الألعاب.»
هزَّ كيسي رأسه وفكَّر بصوت عالٍ قائلًا: «أعتقد أن موظفينا بحاجة إلى هدف أو تحدٍّ جديد يلتفون حوله.» أومأ البعض برءوسهم موافقين، وبدا أن كيسي قد اقترب إلى أقصى حد من الوقوف على سبب المشكلة. ولسوء الحظ، قبل أن يتمكن أي شخص من مساندة رأي كيسي، طُرِح رأي آخر على مائدة الاجتماع.
كان تيم كارتر — المدير المالي لشركة «يِب» — مَن أدلى بهذا الرأي، وهو شخصٌ بسيط وصريح. وكان كعادته أكثر حماسًا لنظريته من أقرانه، وكان رأيه يتركِّز على الجانب المالي. إذ قال: «لقد شهد موظفونا منتجاتنا تحصد الجوائز على مدى السنوات العشر الماضية، وأعتقد أنهم يتساءلون فيما بينهم أين تذهب العائدات المالية.»
لم يرغب أحد في التعقيب على ملاحظة تيم؛ لأنهم — من ناحية — لم يقتنعوا بصحة رأيه، ولأنهم — من ناحية أخرى — كانوا يعرفون إلى أي مدى أصبح هذا الموضوع حساسًا على مدى السنوات القليلة الماضية، خاصة بالنسبة إلى كيسي.
وعندئذٍ هزَّ كونر مايكلز — رئيس قسم التسويق والأبحاث الرياضية بشركة «يِب» — رأسه قليلًا، مما جعل أنظار الحاضرين في القاعة تتجه إليه. وأقرَّ كونر بأنه بدأ يتفق مع تيم في بعض وجهات النظر، ولكنه قال مازحًا بلطف إنه وصل إلى الرضا بما أسماه «قَدَره».
ومع أن كلَّ الآراء التي عُرضت لمست وترًا في نفس كيسي، فإن تعليق كونر هو الذي أرَّقه طوال تلك الليلة. فمع أن جني المال لم يكن أبدًا حافزه الحقيقي، فإنه كان يفخر بأنه يساعد موظفيه على دفع أقساط الرهن العقاري، والتمتع بإجازات لطيفة، ودفع نفقات تعليم أبنائهم، والمساهمة في الأنشطة الخيرية. ولذا، فقد آلمته بشدة فكرة أنهم ربما يشعرون بأنهم لا يتلقون المكافآت المناسبة، ولم يستطع إنكار أنه يتحمل المسئولية المباشرة عن جميع أوجه القصور في شركة «يب».