العصابة تخطف دكتور «بالم»!
استلقى الشياطين على الأرض؛ حتى يتفادَوا طلقات الرصاص، وهمس «خالد»: لا داعي للاشتباك معهم؛ إنَّنا في موقف حرِج للغاية!
ظلَّ الشياطين في مكانهم، بعد لحظات، انضم «أحمد» إليهم، وهو يهمس لدكتور «بالم»: إن الخليَّة سوف تكون في الطريق إلينا بعد ثلاث ساعات.
نظر له «بالم» في دهشة، وكاد يفتح فمه ليتحدَّث، إلا أن «أحمد» أسرع يقول: لا داعي للدهشة ولا للسؤال؛ فيما بعد سوف تعرف كلَّ شيء.
نظر إلى «خالد»، وهمس: سوف أتقدم أنا و«باسم» في محاولة لمعرفة الطريق. يبدو أننا قريبون من نهاية الغابة.
زحف «أحمد» و«باسم» في اتجاه جانبي، بعيدًا عن طلقات الرصاص التي لم تتوقَّف. كان الظلام شديدًا، لكنهما استطاعا أن يتقدما دون عائق ما. مرت نصف ساعة، ثم بدأت ریاح باردة تهُب. ملأ «أحمد» رئتيه، ثم همس: إننا نقترب من نهاية الغابة؛ إن هذا الهواء یعني أن جغرافية المكان قد تغيَّرت.
استمرَّا في زحفهما؛ كان «أحمد» يُفكر: هل تكون هذه المنطقة هي الوحيدة التي تركتها العصابة بلا حصار؟!
لكنه أجاب، بينه وبين نفسه، على السؤال: وقد يكون کمينًا يدفعوننا إليه دفعًا!
أشار إلى «باسم» أن يتوقَّف، ثم أخرج جهاز الرصد الذي يحمله؛ ضغط على أحد أزراره، ثم وجَّه الجهاز؛ لم تُضئ اللمبة التي تدل على وجود أجسام بشرية. قال في نفسه: إن الدائرة التي أمامنا تخلو من أي إنسان.
ظلَّا في تقدُّمهما، في نفس الوقت الذي ظل فيه الجهاز يعمل. ازدادت برودة الهواء؛ قال في نفسه: إننا نقترب أكثر.
فجأة أُضيئت لمبة الجهاز؛ همس: إن هناك أحدًا!
فکَّر «أحمد» قليلًا، ثم قال: ينبغي أن نتقدَّم بحذر؛ فقد نبدأ معركة ما!
تقدَّما أكثر؛ ظلَّت لمبة الجهاز مُضاءة. توقَّفا قليلًا يستمعان لأي أصوات يمكن أن تصل إليهما، إلا أنَّهما لم يسمعا شيئًا. ازدادت لمبة الجهاز اشتعالًا، فهمس: نحن نقترب منهم!
قال «باسم»: ربما يكون الموجودون من غير أعضاء العصابة!
ردَّ «أحمد»: لا أظن.
قال «باسم»: إذا كنَّا قد اقتربنا من نهاية الغابة، فهذا يعني أن منطقة مزارع العِنَب قد بدأت، وربَّما تكون هذه حراسة للمزارع.
لم يردَّ «أحمد»؛ لقد كان يُفكِّر: ربما يكون هذا الافتراض صحيحًا، لكنه في نفس الوقت ربما يكون غير صحيح.
تقدَّما خطوة واحدة، ثم انتظرا؛ تسمَّعا أكثر لأي صوت. فجأة مدَّ «باسم» يده، وضغط على يد «أحمد» ضغطات فهمها؛ فلم يكن الموقف يسمح حتى بالهمس. رد «أحمد» بضغطات مُماثلة على يد «باسم»؛ يردُّ بها عليه. أخذ يتسمَّع؛ سمع همسًا يتردَّد. كان اثنان يتحدَّثان، لكن «أحمد» و«باسم» لم يستطيعا فَهْمَ ما يقولان، غير أنَّهما عرفا في نفس الوقت أنهما اقتربا من بعض الرجال. فکَّر «أحمد» قليلًا، ثم تحدث إلى «باسم» بطريقة الضغط، قال له: سوف أُجرِي تجرِبة؛ حتى نتبيَّن ماذا هناك!
أخذ يتحسس الأرض، حتى وجد حجرًا صغيرًا؛ أمسك به، ثم طوحه بعيدًا، فاصطدم ببعض أغصان الأشجار. انطلقت طلقة في اتجاه صوت الأغصان، وسمعا مَن يقول: لقد تسرَّعتَ؛ يبدو أنَّها ثمرة ناضجة قد سقطت!
لم يردَّ صوت الرجل الآخر؛ عرف «أحمد» و«باسم» مكان المتحدِّث. قال «أحمد» بلغة الضغط: ينبغي أن نستمرَّ؛ يكفي أننا عرفنا المكان.
استمرَّا في تقدُّمهما في نفس الاتِّجاه. لمعت نقطة ضوء بعيدة، فلفت «أحمد» نظر «باسم» إليها. همس «باسم»: يبدو أننا في نهاية الغابة فعلًا، فهذه أضواء بيوت العُمال الذين يعملون في جمع العِنَب.
تقدَّما عدَّة أمتار أخرى، فأصبحا خارج الغابة. كانت مزارع العنب تمتد أمامهما بلا نهاية، وكانت تظهر واضحةً تحت وَقْع الضوء البعيد، الذي يصدُرُ من منازل العُمال. سأل «باسم»: هل نعود الآن؟! …
فکَّر «أحمد» قليلًا، ثم ردَّ: نعم، ينبغي أن نعود. إن دكتور «بالم» و«بالم٢» يُمثِّلان مشكلةً للشياطين في تقدُّمهم. كذلك فإنَّ تقدُّمنا جميعًا قد يكشف وجودنا عندما نمرُّ بنفس المكان.
قال «باسم»: إذن … فلنُغيِّر المكان.
ردَّ «أحمد»: إننا نحتاج إلى عملية استكشاف جديدة إذن!
لم يردَّ «باسم». كان الاثنان ينظران إلى مزارع العِنب، فقال «باسم»: إن وصول الخليَّة الإلكترونيَّة سوف يُثير مشكلةً. فمَن يقوم بتوصيلها قد يقع في أيدي العصابة.
قال «أحمد»: سوف يتَّصل بنا رقم «صفر»، عندما يتحرَّك مَن ينقلها إلينا؛ إن هذه ليست مشكلة.
صمت لحظة، ثم أضاف: إن مشكلتنا الرئيسية الآن، هي أن نتخلَّص من هذا الكمين الذي مَرَرنا عليه.
قال «باسم»: هل تعني أننا يجب أن نشتبك معه؛ حتى نتخلَّص منه؟!
قال «أحمد» وهو شارد: نعم … هذا ما أعنيه فعلًا!
سكت قليلًا، ثم قال: إن الحُقَن المخدِّرة يمكن أن تُنهيَ المشكلة؛ فقط نحتاج إلى التحديد.
قال «باسم» بعد قليل: إن قنبلة غاز مُخدِّر يمكن أن تُنهي الموقف؛ لأنها تُغطِّي مساحة ليست صغيرة!
ردَّ «أحمد» بسرعة: نعم … هذه فكرة طيبة!
تراجعا في اتجاه الكمين، ثم بدآ يتقدَّمان بحذر؛ حتى لا يصدُرَ عنهما أيُّ صوت، وعندما اقتربا من المكان، قال «باسم»: ينبغي أن تُكرِّر التجرِبة السابقة، في الوقت الذي أستعدُّ أنا فيه بالقنبلة!
أمسك «أحمد» بحجر، ثم طوَّحَ به بعيدًا، إلا أن صوتًا لم يصدُر من مكان الكمين. همس «باسم»: لعله قد تعلَّم من المرَّة السابقة؛ يجب أن تُعيد التجرِبة مرَّة أخرى.
أمسك «أحمد» حجرًا آخر، ثم ألقى به قريبًا منهما، ومرَّة أخرى لم يصدُر أيُّ صوت، غير أنه لم تمُرَّ لحظة حتى دوَّت رصاصة في الصمت، ومرَّت بجوار «باسم» الذي ألقى بنفسه بعيدًا. لقد عرف الآن المكان؛ نزع فتيل القنبلة، ثم ألقى بها في نفس الاتِّجاه الذي انطلقت منه الرصاصة. قال واحد بصوت مسموع: هناك مَن يختفي أمامنا!
مرَّت لحظة، ثم بدا صوت سُعال واضح، أخذ يتزايد مع كلمات كانت تبدو واضحةً، وإن كانت مُتقطِّعة بتأثير السُّعال. كانت الكلمات: ما هذا؟ إن شيئًا قد سقط بجوارنا؛ هناك شيء غريب يحدث في المكان!
أخذت الكلمات تُبطئ، والسُّعال ينخفض، حتى توقَّف تمامًا، وهدأ كلُّ شيء. قال «باسم»: هذه فرصتنا لنتقدَّم؛ حتى لا يمرَّ الوقت.
قال «أحمد» في هدوء: ينبغي أن نتأكَّد؛ حتى لا نعود إلى صراع جديد.
تقدَّما في حذر في اتجاه القنبلة، غير أن «أحمد» أمسك بيد «باسم» فجأة، وقال: انتظر؛ هناك رسالة!
بدأ يتلقَّى الرسالة؛ كانت «إلهام» تقول: الموقف خطِر، ويمكن أن نفقد «بالم ١» و«بالم ٢»!
نقل «أحمد» الرسالة إلى «باسم»، الذي قال: من الضروري أن تنضمَّ إليهم!
بسرعة، تحرَّكا أكثر، حتى توقَّفا أمام ثلاثة في حالة نوم عميق. تعاونا في شدِّ وَثاقهم، ثم انطلقا في اتِّجاه الشياطين. لم تكن هناك أصوات تجذب سمعهم، ولذلك قال «باسم»: يبدو أن الصراع بالأيدي!
أسرعا أكثر، ثم فجأةً توقَّفا؛ فقد بدأت طلقات الرصاص. أخذا يتسمَّعان صوت الطلقات؛ ليُحدِّدا مكان الشياطين في الصِّراع. عرَفَا مكانهم، فاشتركا بسرعة.
أطلق «أحمد» دفعة طلقات من مُسدَّسه السريع، فهدأت طلقات الشياطين بعد أن عرفوا بانضمام «أحمد» و«باسم» إليهم … ثم أطلق «أحمد» دفعةً أخرى بطريقة مُعينة، جعلت الشياطين يُكثِّفون طلقاتهم، لكن فجأة وصلت رسالة كانت «إلهام» تقول: لقد اختفى دكتور «بالم»!
كانت الرسالة مفاجأة لهما. هذا يعني أن صراعها في مغامرة «رجل المستقبل»، ثم هذه المغامرة، قد ضاع بلا نتيجة! قال «باسم» بعد أن سمع الرسالة من «أحمد»: نريد التفاصيل!
في نفس اللحظة أخرج قنبلة، ونزع فتيلها، ثم ألقاها بكلِّ قوَّته في اتجاه العصابة، ولم تمرَّ لحظة حتى دوَّی انفجار رهيب. أسرعا في اتِّجاه الشياطين، بعد أن توقَّفت طلقات رصاص العصابة.
کان «عثمان» و«كابتن م» و«إلهام» و«بالم ٢» معًا، ولم يكن «خالد» موجودًا. قال «عثمان»: إنَّ الشياطين قد اشتبكوا مع العصابة بالأيدي، وفجأة اختفى دكتور «بالم». الملاحَظ من أن كميَّة النيران قد خفَّت بعد اختفائه، وهذا يعني أن «بالم» ربما قد وقع في أيدي العصابة، وأن بعضهم قد انسحب. في نفس الوقت، اختفى «خالد» أيضًا!
سأل «أحمد»: هل حدَّدتم اتجاه الانسحاب؟
قالت «إلهام»: لا … وإن كان مفهومًا أنهم انسحبوا من نفس المكان الذي جاءت منه الطلقات!
بسرعة، حدَّدَ «أحمد» لهم كيف سيتقدَّمون داخل الغابة، في اتجاه مزارع العنب، وقال في النهاية: سوف أتقدَّم أنا و«باسم» للبحث عن «خالد». أما «بالم» فسوف يكون هدفنا النهائي.
في لحظة، كانا قد اختفيا من المكان. في نفس الوقت، أرسل «أحمد» رسالة إلى «خالد»: «حدِّد المكان؛ هل وجدتَ شيئًا؟»
وبسرعة جاءه الرد: «الخط «م ل»، النقطة «س ۲» «بالم» أسير في اتجاه المعسكر!»
أسرعا بعد تلقِّي الرسالة؛ فلقد أصبح اتجاههما الآن معسكر العصابة الذي يعرفه «أحمد» … طال الطريق دون أن يظهر أحد، أو يُسمعَ صوت، غير أن حركة ما لفتت نظرهما، وجعلتهما يتوقفان. كان صوت أغصان تتحرك حركة غير عادية. همس «باسم»: قد يكون کمینًا.
إلا أن «أحمد» اقترب من مصدر الصوت، وقد شهر مُسدَّسه بينما كان يقف بجوار شجرة ضخمة. فجأةً دفعه «باسم» دفعة قوية جعلته يسقط على الأرض، في نفس اللحظة التي اصطدم فيها جسم معدني بساق الشجرة. فهم «أحمد» أن «باسم» قد أنقذه، وأن الجسم المعدني لم يكن سوى خنجر. الآن، انكشف الموقف … فهناك من يختفي بين الأغصان! وفجأة دوَّت طلقة رصاص، إلا أنها كانت بلا هدف؛ فقد كان كل من «أحمد» و«باسم» يختفي خلف شجرة.
فکَّر «أحمد» لحظة، ثم بحث عن حجر، حتى وجده. انتقل من مكانه، ثم ألقى الحجر في اتجاه طلقة الرصاص، وغيَّر مكانه بسرعة. انطلقت عدَّة طلقات كشفت المكان تمامًا؛ فقد كان الضوء الذي يصدُر منها كافيًا لأن يُحدِّد لهما الهدف.
أرسل «أحمد» رسالة إلى «باسم» تقول: «الخُطَّة «د»!»
تحرك من مكانه في حذر، ثم دار نصف دورة حول المكان؛ اقترب في هدوء. في نفس الوقت، كان «باسم» يفعل نفس الشيء. جاءته رسالة من «خالد»، فعرف أنه قريب. ردَّ عليه بنفس الخُطَّة وحدَّد المكان. ركَّز بصره على نقطة مُحدَّدة، فكشف وجود ثلاثة. كان اثنان يُمسكان المسدسات، أمَّا الثالث فقد كان يستند إلى شجرة دون أي حركة. اقترب في هدوء، حتى أصبح قريبًا منهم، بما يكفي لأن يبدأ المعركة. في لحظة سريعة، كان قد قفز قفزة قويَّة أعطته الفرصة لأن يضرب الاثنين معًا. وفي نفس الوقت، كان «باسم» يقفز قفزة أخرى فوق أحد الاثنين، وكان «خالد» قد انضمَّ إليهما ليقفز عند الثالث الذي يستند إلى الشجرة، وقبل أن يُسدِّد لكمة قوية له، اكتشف أنَّه دكتور «بالم»!
لم تمضِ لحظات حتى كان «أحمد» و«باسم» قد انتهيا من معركتهما، وأوثقا الرجلين، وأخفياهما وسَط نباتات كثيفة، وعندما اقتربا من «خالد» قال لهما بسرعة: ها هو صديقنا، دكتور «بالم»!
وكاد «أحمد» يقفز من الفرح. إنَّ اختفاء «بالم» لم يستمرَّ طويلًا، وهذه نتيجة لم يكن يتوقَّعُها. أرسل رسالة سريعة إلى الشياطين، فجاءه الرد: «نحن نقترب من نهاية الغابة، في نفس النقطة المحدَّدة!»
أرسل رسالةً أخرى يُحدِّد فيها مكان اللقاء. كان دكتور «بالم» يقف مُنهارًا تمامًا، فقد كانت الصراعات التي شهدها عنيفة بدرجة لم يكن يتصوَّرها. قال «أحمد»: ينبغي أن نتحرَّك بسرعة، فالخلية الإلكترونية سوف تصلنا بعد قليل.
كانت هذه الجملة كافية لأن ينظر إليه دكتور «بالم» في فرح وهو يقول: كيف حدث هذا؟!
ابتسم «أحمد»، وقال: أما زلتَ لا تثق في الأصدقاء؟!
قال «بالم» بفرح: بل إنني أثق كلَّ الثقة!
تحرَّك الأربعة في اتِّجاه الشياطين المعروف لديهم؛ كان تحركهم بطيئًا في البداية؛ لأنَّ «بالم» لم يكن قد استعاد كلَّ قوته بعدُ، لكن بعد قليل بدأ يَنشط، حتى إنه يكاد يجري. قال «باسم»: إنَّنا نصل إلى نهاية المغامرة!
لكنه لم يكد ينتهي من جملته، حتى كانت الأصوات تأتي من كل جانب. توقَّف «أحمد» في دهشة؛ إنَّها أصوات کلاب ورجال، وهي أصوات تدلُّ على أنهم بأعداد كبيرة! قال «خالد» مبتسمًا: لقد انتهى السلام!
لم يردَّ «باسم»، ظلوا في مكانهم. كان «بالم» قد بدأ يشعر بالتوتُّر، ونظر له «أحمد» مبتسمًا، وقال: سوف ينتهي كلُّ شيء، فلا تكن قلقًا!
تعالت الأصوات، واقتربت أكثر. كانت تأتي من كل اتجاه. قال «أحمد»: إنه حصار کامل؛ ينبغي أن نختفي.
نظر حوله، كانت هناك شجرة عتيقة ضخمة؛ أشار إليها وهو يقول: هذا هو ملجؤنا.
أسرعوا إلى الشجرة، وإن ظلَّ «أحمد» في المؤخرة. لقد كان يتصرَّف تصرُّفًا صحيحًا. أخرج زجاجة صغيرة، ثم أنزل منها نقطة ذات لون أخضر لها نفس رائحة النباتات، ثم أسرع إلى الشجرة. كانت نقطة السائل الخضراء قد انتشرت، عندما بدأ يصعد الشجرة، فأسقط نقطةً خضراء أخرى، وبدأ يتسلَّق خلف الشياطين، ومعهم دكتور «بالم»، الذين اختفوا بين الأغصان.
فجأة، ظهر رجال العصابة، ومعهم مجموعة من الكلاب الضخمة. كانت الكلاب تنبح بعنف؛ همس الدكتور «بالم»: إنَّها سوف تشمُّ رائحتنا، وتكشف مكاننا!
ابتسم «أحمد»، وقال: لا تخشَ شيئًا؛ إنها لا تستطيع أن تكتشف مكاننا؛ فقد ضاع كلُّ أثر لنا!
توقف رجال العصابة حول شجرة الشياطين. كانوا يتحدثون جميعًا في وقت واحد، في نفس الوقت الذي كانت الكلاب لا تتوقَّف عن النُّباح، وكان الشياطين يرونهم. سمعوا أحدهم يقول بصوت مرتفع: لا يمكن أن نتحدَّث جميعًا في وقت واحد؛ توقَّفوا عن الكلام! ثم أضاف: لا أظنُّ أن الأرض قد ابتلعتهم؛ لقد أخبرونا بمكانهم!
ردَّ آخر: ربما يكونون قد سلكوا طريقًا آخر.
ردَّ الأوَّل: لا أظنُّ؛ لأنهم حدَّدوا المنطقة!
قال ثالث: لو أنَّهم موجودون هنا، لكانت الكلاب قد كشفت وجودهم!
ظلُّوا واقفين لا يتحرَّكون، حتى قال واحد: ينبغي أن نترك حراسةً هنا، ونتقدَّم نحن في داخل المنطقة.
نظر الشياطين إلى بعضهم؛ حدَّد قائد رجال العصابة أربعة من الرجال وكلبين، ثم تحرَّك الباقون.
ظل الشياطين في مكانهم حتى اختفى الآخرون. تحدَّث «أحمد» بلغة اللمس فقال: ينبغي أن ننتهي منهم.
أعطى إشارة فهمها «خالد» و«باسم». وفي لحظة كانت الإبَر المخدِّرة تخرج من فُوَّهات المسدَّسات، ليسقط ثلاثة منهم. نظر الرابع حوله في دهشة، إلا أن نظرته لم تستمرَّ؛ فقد كانت إبرة رابعة قد خرجت لتأخذ مكانها في صدره، فسقط هو الآخر. نبحت الكلاب في عنف، لكن الإبَر المخدِّرة كانت هي السلاح المناسب لينتهي كل شيء، ولترقد الكلاب بجوار رجال العصابة. وفي لمح البصر كانوا ينزلون، بين دهشة دكتور «بالم» الذي لم ينطق. وبسرعة كانوا يقطعون الغابة إلى نقطة اللقاء.
وهناك، كان أحد عملاء رقم «صفر» يقف بين الشياطين، وما إن رأی «أحمد» حتى قدَّم إليه علبة صغيرة الحجم. فتحها «أحمد»، ثم قدَّمها إلى دكتور «بالم» الذي نظر إليها في دهشة، وهو يتأمَّل الخلية الإلكترونية الدقيقة.
كان «بالم ٢» يرقد مُمَدَّدًا على الأرض، فأسرع دكتور «بالم» إليه، وبدأ في وضع الخلية في مكانها، فأخذ «بالم ٢» يتحرَّك. وعندما وقف، كان على الشياطين أن يُغادروا المكان، وبسرعة أخذوا طريقهم إلى مزارع العِنب، التي لم تكن تبعد عن نهاية الغابة سوى أمتار قليلة. وفي دقائق كانوا قد اختفوا داخل شجرات العِنَب.