خاتمة ونتائج
وهكذا يمكن إيجاز أهم النتائج والاكتشافات، التي انتهى إليها الباب الثاني، في
العناصر التالية:
- أولًا: إن الديانة المصرية القديمة، وبخاصة ديانَتَي مدرستَيْ رع الأونية وفتاح المنفية، قد سبَقتا إلى أبرز النظريات الفلسفية في الميتافيزيقيات وجودًا وألوهية، قبل ظهور الفلسفات اليونانية بقرون طويلة، كما كانتا السابقتَيْن إلى أبرز النظريات التي تُعتبَر أعمدة للديانات التي تلَت العصور الفرعونية في حوض المتوسط الشرقي.
- ثانيًا: إن أهم ما كان يميز الديانة المصرية القديمة، هو عقيدتها في الخلود، بل وإن الخلود كان هو عِمادَ هذه الديانة بكُلِّيتها، وبدون هذا الاعتقاد فإن الديانة المصرية لا يكون لها أيُّ معنًى.
- ثالثًا: إن عقيدة الخلود المصرية، قد بدأت مرتبطة بالملكية، واعتُبِر الملك هو صاحبَ الحق الأوحد في الخلود دون سائر البشر؛ لامتلاكه الطبيعة الإلهية التي انحدرَت إليه عبر نسله الإلهي.
- رابعًا: إن هذا الاعتقاد قد دخل مراحلَ تطورية؛ بدأَت تصورًا ساذَجًا بالخلود في القبر، ثم أخذَت خطوة ارتقائية دخل بها الشعب دار الخلود، ولكن في مَهامِهَ مظلمة تحت الأرض، لا فرقَ فيها بين خيِّر وشرير، بينما ترفعَت بالملك عن هذه المهامه، وأدخلَتْه السماء بجوار أبيه الأكبر رع، دون أية مقاييسَ خلقية نسبية بين ملك وملك، وأصبح الأمر لو تصورناه بالفهم الحاليِّ: أن السماء كانت جنة للملوك، أما تحت الأرض فكان مقر بقية البشر الموتى.
- خامسًا: إن هناك أدلة قوية — وهذا أهم اكتشافات هذا الباب — تُثبِت أن الإله أوزير إله جديد حديث، لم يكن هو ولا أفرادُ أسرته الأسطورية، ضمن المجمع القدسي في بداية تكوين هذا المجمع، وإنما كان ظهوره نتيجة ظروف معينة بدأت في عهد الأسرة الرابعة، أي العصر الذي بلَغَت فيه معاناة الشعب أقصاها في بناء الأهرام لملوكه، وهذا المعنى يعود بنا إلى بداية الثورة المصرية الأولى التي أنهت عصر الدولة القديمة، وبربط ظهور أوزير ببداية الثورة، يتضح احتمال أن يكون أوزير هو الإلهَ العادل، الذي بحث عنه العقل الجماهيري، ليستبدله بالآلهة القديمة.