محاكمة السحرة في جبل هُولي
في يوم السبت الماضي، عند جبل هولي، على مسافة ثمانية أميال من برلنجتون، اجتمع نحو ثلثمائة إنسان للتفرج على تجربة أو تجربتين في أشخاص متهمين بالسحر الأسود، ويظهر أن المتهمين قد اتهموا بأنهم جعلوا خراف جيرانهم ترقص على أسلوب غير مألوف، وجعلوا خنازيرهم تتكلم وتنشد المزامير مما أفزع رعايا جلالة الملك الأمناء الوادعين في الإقليم. وقد أصر المدعون على ادعائهم أن المتهمين لو وضعوا في كفة ووضع الكتاب المقدس في كفة لخف ميزانهم وثقلت كفة الكتاب، وأنهم لو أغرقوا مقيدين طفوا على وجه الماء عائمين.
وأراد المتهمون أن يظهروا براءتهم فقبلوا التجربة، واقترحوا أن يوضع معهم اثنان من أشد المدعين إصرارًا على الادعاء، وعلى هذا تم الاتفاق على المكان والزمان وأعلن عن الموعد في صحف الإقليم.
وكان المدعيان رجلًا وامرأة، والمدعى عليهما كذلك رجل وامرأة، وانعقد الجمع وتلاقى الفريقان، فدارت المشاورة بينهم قبل البدء بالتجربة، وتفاهموا على الابتداء بالوزن، واختاروا جماعة من الرجال لتفتيش الرجال وجماعة من النساء لتفتيش النساء، تحققًا من تجردهم جميعًا من الأوزان الزائدة، ولا سيما الدبابيس.
وبعد البحث والتفتيش جيء بنسخة ضخمة من الكتاب المقدس يملكها قاضي البلد، وفُتحت طريق في وسط الزحام من دار القاضي إلى مكان الميزان الذي علق بمشنقة أقيمت في مواجهة الدار؛ ليراها ربات الدار دون أن يخرجن لمخالطة الدهماء، وتوسطت المكان حلقة على حسب المألوف. ثم خرج من الدار رجل طويل وقور يحمل الكتاب بوقار كوقار السياف الذي يمشي في لندن أمام عمدتها الكبير.
ووضع الساحر أولًا في كفة الميزان؛ حيث تُلي عليه إصحاح من أسفار موسى، ثم وضع الكتاب في الكفة الأخرى التي كانت مهبطة على الأرض وأرسلت على الأثر. فما كان أعظم دهشة الناظرين حين أبصروا اللحم والعظام تهبط والكتاب العظيم يعلو ويرتفع ويرجحها اللحم والعظام بكثير، وتكررت التجربة مع الآخرين فكانت أثقالهم كذلك أعظم من أثقال كتب موسى والأنبياء.
وانتهت هذه التجربة ولم يكتف بها الجمع، بل أرادوا أن يتمموها بتجربة الإغراق في الماء. فتقدم الجمع في موكب وقور إلى البركة حيث جرد المدعون والمتهمون من ثيابهم إلا ما يسترهم، وقذف بهم في النهر مقيدين بالحبال وفي وسط كل منهم حبل يمسك به بعض الواقفين على الحافة، وكان المتهم نحيفًا هزيلًا فلم يرسب لأول وهلة وبعد لأي ما غاص في جوف الماء، وجعل الآخرون يسبحون خفافًا على وجه الماء. وقفز ملاح على الحافة فوق ظهر الرجل المتهم يظن أنه يهبط به إلى قعر البركة، ولكن الرجل المقيد عاد إلى الظهور قبل الآخر بهنيهة وجيزة.
ولما أخبرت المرأة المدعية أنها لم تغطس في الماء، وأنها ستعاد إليه، عادت وطفت مرة أخرى خفيفة كما كانت في المرة الأولى! فراحت تقول: إن المتهم قد سحرها وطفف وزنها، وإنها تريد أن تعيد التجربة كرة أخرى، بل مائة مرة حتى ترغم الشيطان على الخروج منها.
أما المتهم فقد رأى أنه يطفو على الماء فتزعزعت ثقته ببراءته وصاح: لئن كنت ساحرًا ليكونن ذلك على غير علم مني.
وكان ذوو المسكة من العقل بين المتفرجين قد آمنوا أنه ما من أحد يلقى في الماء مكتوفًا إلا طفا على وجهه ما لم يكن عظامًا في جلد ولا شيء! وأنه يظل كذلك حتى يذهب نفسه وتمتلئ رئتاه بالماء. إلا أن الرأي السائد بينهم كان يميل إلى الظن بأن فضول الكساء على أجساد النساء تساعدهن على العوم، فلا بد من تجربة أخرى وهن عاريات في الموعد المقبل من مواعيد الصيف.