فاتحة الجزء الثالث من الحلل السندسية في الآثار والأخبار الأندلسية
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو الجزء الثالث من كتابنا على الأندلس يتلو أخويه السابقين؛ الجزء الأول والجزء الثاني، اللذين ظهرا من سنتين. وهو على نمطهما في ذكر مواقع البلاد الجغرافية ومزايا كل منها ومن نبغ فيها من العلماء والأدباء، وكما كان الكلام في الجزءين السابقين على شمالي إسبانية مثل قشتالة وليون ونباره وأراغون وكتلونية داخلة فيها من قواعد العرب المشهورة طليطلة ومجريط ووادي الحجارة وفونكة، ومدينة سالم، وقلعة أيوب، ودروقة، وسرقسطة، ووشقة، ولاردة ومضافاتها، سيكون الكلام في هذا الجزء على شرقي الأندلس من طرطوشة في الشمال الشرقي نازلًا إلى حد لورقة في الجنوب الغربي، مندمجة في هذا الجزء مملكة بلنسية وملحقاتها ومملكة مرسية وتوابعها، مما كان يطلق عليه اسم شرق الأندلس.
وقد ترجمنا من نبغ في هذه البلاد الشرقية من العلماء والأدباء مع زيادة توسع في أخبارهم ومع بعض استطرادات متشعبة من أصل الموضوع.
وسيتلو هذا الجزء من كتابنا الجزء الرابع الذي سيكون الكلام فيه على جيان وقرطبة ونواحيهما، ثم يأتي بعده الجزء الخامس الذي سيكون الكلام فيه على إشبيلية وشريش وبطليوس وغرب الأندلس إلى البرتغال. ثم يتلوه الجزء السادس الخاص بمملكة بني الأحمر؛ غرناطة، والمرية، وبسطة، ووادي آش، والمنكَّب، ومالقة، ورندة وملحقاتها.
ثم يتلوه الجزء السابع في التاريخ من أول الفتح إلى آخر دولة بني أمية، ثم الجزء الثامن من بداية ملوك الطوائف إلى انقضاء دولة المرابطين، ثم دولة الموحدين إلى انتهائها. ويأتي بعده الجزء التاسع الذي سيكون الكلام فيه على سلطنة غرناطة إلى حد سقوطها.
ويتلوه جزء خاص بتاريخ عرب إسبانية المدجَّنين الذين كان يقال لهم الموريسك، وهم المسلمون الذين أقاموا تحت الحكم النصارى إلى أن طردوهم أخيرًا قاطبةً، وذلك في نواحي سنة ١٦١٢، وربما يدخل في هذا الجزء رسالتنا على جزائر الباليار ميورقة وأخواتها. هذا هو رسم كتابنا الأندلسي الذي توخينا أن يكون أوسع كتاب في هذا الباب، سائلين المولى — عز وجل — أن يفسح في الأجل ويأخذ باليد لإنجازه.