مشيخة الطرق الصوفية
مشيخة الطرق الصوفية من المناصب الدينية التي حدثت بعد حدوث الصوفية، ولصاحبها التكلم عن جميع الطرق الصوفية، والشأن في هذه الطرق أن لكل طريقة شيخًا، ولكل شيخ خلفاء في القرى والأمصار، ولكل خليفة مريدين، فالشيخ يدير أمر الخلفاء، الخليفة يدبر أمر المريدين من حيث إرشادهم ومراقبتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتربيتهم ونحو ذلك، ولشيخ المشايخ الولاية العامة على الجميع، ولم يكن للصوفية مشيخة عامة ترجع لها أعمالهم وتتوحد بها مقاصدهم، بل كانت كل طريقة أو زاوية مستقلة بنفسها، فكانت تكثر بسب ذلك الفتن، فلما أنشأ السلطان صلاح الدين الأيوبي خانقاه سعيد السعداء وسماها دويرة الصوفية، جعل لشيخها شبه تقدم على غيره من المشايخ، وكان لا يولي عليها إلا أعاظم رجال الدولة من الأكابر والأعيان، كأولاد شيخ الشيوخ ابن حمويه مع ما كان لهم من الوزارة والإمارة وتدبير الدولة وقيادة الجيوش، ووليها ذو الرياستين الوزير الصاحب تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز وغيره، وما زالت الحال كذلك إلى أن توحدت رئاسة الصوفية بمصر في القرن التاسع للهجرة، فجعلت الولاية فيها للسيد محمد شمس الدين البكري، وكان من أعظم رجال عصره علمًا ودينًا، قال الشعراني عنه «ولو قلت إنه أعلم أهل زمانه لم أبعد عن الصواب»، ثم تولاها بعده ابنه الإمام شيخ الإسلام المفسر الشهير أبو السرور البكري، وانتقلت بعده إلى ذريته ولا تزال إلى الآن في البيت البكري الصديقي بمصر.